انتقلت الرسائل الترهيبية التي كان الكثير من المراهقين والشباب يتناقلونها خلال السنوات الماضية باليد في المتوسطات والثانويات وحتى الجامعات، ثم عبر البريد الإلكتروني، إلى الفايس بوك، باعتباره صار حاليا أكبر موقع للتواصل الاجتماعي، من شأنه أن يضمن وصول الرسالة إلى الملايين في الوقت ذاته، وهي الرسائل ذات المضمون الديني الترهيبي التي تفتح لناشرها أبواب الجنة السبعة، وتلقي من فكر ولو مجرد التفكير في إهمالها أو إغفالها في نار الجحيم بالدنيا والآخرة، وتثبت له أن ذنوبه ومعاصيه ومنكراته هي التي جعلته يرفض نشرها وتعميمها على بقية أصدقائه والمشتركين في صفحته· هذه الرسائل التي تعزف على وتر حساس جدا لدى غالبية الأشخاص، هو الوتر الديني، بحيث تحتوي على بعض الأحاديث الدينية للرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم، ولا يدري الكثيرون إن كانت أحاديث صحيحة أو موضوعة، أو تحتوي في جانب آخر على تجارب أشخاص شاهدوا الرسول في المنام، أو أحد الصحابة الكرام، الذين منحوهم دعاء وكلفوهم بنشره، وحتى هنالك من يتناقل حاليا عبر الفيس بوك رسالة تؤكد أن يوم القيامة قريب جدا، وأن الفساد والانحلال قد شاع في المجتمعات الإسلامية، والغريب أن أول ما تبدأ به الرسالة هو (اقرأها كاملة ولا تهملها وإلا ستأثم)، وأن من قام بنشر هذه الرسالة 30 مرة فإن الله يزيل عنه الهم ويوسع رزقه خلال 40 يوما، وأن هنالك من كذب بها ففقد ولده في نفس اليوم، وآخر أهملها فلقي مصرعه، بعدها مباشرة، وغيرها من النهايات المرعبة لكل من كذب بالرسالة، وهي المصائر ذاتها التي تتهدد كل من يهمل نشرها على الفيس بوك ومشاركتها بقية أصدقائه· وقد اختلفت ردود فعل من وصلتهم هذه الرسالة، بين متقبل لها، وبين رافض للأسلوب الذي تعتمده، من خلال التعليقات المشتركة حول الموضوع، خاصة وأن الظاهرة ليست وليدة اليوم، ولكنها تواكب كل التطورات التكنولوجية الحديثة، وعلى رأسها الفايس بوك، الذي يتيح الفرصة للمشاركة والتفاعل حول رابط واحد لعدد كبير من الأشخاص، في الوقت ذاته، دون أن يعلم أحد من هو الطرف الحقيقي الذي يقف وراء ترويج مثل هذه الرسائل الدينية الترهيبية، حيث يؤكد البعض أن تلك الرسائل غير معروفة المصدر، كما أن لا أحد يعلم مدى مصداقيتها، والبعض قد ينشرها فقط اتقاء لدعوات الشر والسوء التي تحتويها ويخشى أن تصيبه، وربما كانت الأحاديث الدينية التي تحتويها، مثلما أكد ذلك عدد من الفقهاء حول الموضوع نفسه، مكذوبة أو موضوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أساس لها من الصحة بتاتا، ما يدفع بالتالي إلى ترويج وإشاعة أحاديث كاذبة منسوبة للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام، عن قصد بالنسبة للذين يقفون وراء ترويج تلك الرسائل، ودون قصد، بالنسبة للذين يساهمون في نشرها، خوفا ورعبا من التهديدات التي تتضمنها ذات الرسالة·