عادت مع بداية الصيف الكثير من العائلات المغتربة إلى أرض الوطن، بعضها فضلت قضاء عطلتها على شواطئ الجزائر، وأخرى تنوي الإقامة وإمضاء رمضان ثم العيد قبل العودة مرة أخرى. وإن كان البعض هنا في الجزائر قد فرحوا باستقبال أسرهم المغتربة التي ربما لم يروها منذ زمن طويل، فراحوا يستعدون لاحتضانهم، واستغلال الأوقات الجميلة التي يقضونها معهم، فإنّ البعض الآخر اعتبر عودة المهاجرين فرصة لاتعوض لتطبيق مخططات متعددة الغرض منها الاحتيال والنصب وحتى الاعتداء على بعض المغتربين، مستغلين سذاجتهم أحيانا، وعدم تأقلمهم مع بعض الظروف حينا آخر. ويترصد بعض الشبان بصفة خاصة بالفتيات اللاتي يقدمن من الدول الأوروبية، واللاتي يكن قد أمضين صغرهن فيها، أي أنّهن يعشن مثل الأوروبيات ويفكرن مثلهن، فيستغل بعض الشبان ذلك للإطاحة بهن ومن ثمة انتهاك شرفهن أو سرقتهن مثل ما قصه علينا يونس 20 سنة، الذي قال لنا إنّه حضر لمحاولة اعتداء واحد من أصدقائه على فتاة لم تبلغ الثامنة عشر بعد، حيث أنه التقاها على شاطئ البحر، وتعرف عليها وعندما علم أنها قادمة من السويد، وأنها أمضت أكثر من خمسة عشرة سنة بها خاصة وأنها بالكاد تتحدث العربية، لما علم صديق يونس بذلك كله لعب عليها دور الشاب الذي وقع في حبها من أول نظرة، وراح يتقرب منها يوما بعد آخر، إلى أن تعلقت به، وعندما علم أنّ لها مشاكل مع أسرتها الجزائرية، استغل الوضع ليقنعها بالهروب معه ووعدها بأن يوفر لها المأوى وأنّه قد يرتبط بها مستقبلا، وراح يصور لها حياتهما كجنة على الأرض، فصدقت الفتاة الأمر، واتفقت معه على كل شيء، إلاّ أنّ صديق يونس لم يكن في نيته إلاّ انتهاك عرضها، ومن ثمة مواجهة مصيرها، إمّا بالعودة إلى بيتها، أو باللجوء إلى الشارع، كل هذا لم يكن يهمه، أو لم يفكر فيه، واقترح على يونس بالتالي أن يوصله بالسيارة إلى المكان الذي سيشهد علاقتهما المشبوهة، وقال لنا يونس إنه رفض في البداية، لكنه فكر بعد ذلك في أنّه يمكن أن يساعد الفتاة على النجاة، ورغم أنّ الأمر يتعلق بصديقه، إلاّ أنه لم يشأ أن يكون طرفا في تلك الجريمة، وفضل أن يكون بالعكس من ذلك السبب في عدم وقوعها، وفعلا راح يونس وصديقه إلى الفتاة، وعوض أن يقودهما راح ينصح الشابة بأن تعود أدراجها وأنّ صديقه بالكاد يجد مكانا ينام فيه، ولايستطيع لا أن يأويها ولا أن يعيلها، ويقول لنا يونس إنه فعل ذلك أمام صديقه، وأيا كانت ردة فعل هذا الأخير، إلاّ أن يونس اقتنع بما فعل، وهو الأهم في نظره. وإن كانت الخطة التي دبرها صديق يونس لم تنجح فإنّ غيره نجح في إيقاع الضحايا، ومنهم سفيان، الشاب الذي احتال على ابنة عمه المغتربة، حيث وما إن قدمت في الصيف، حتى أوهمها بحبه لها، وأقنعها بأنه تعلق بها، ولما صدقته ووقعت هي الأخرى في غرامه، حتى سلبها كل شيء، عرضها ومجوهراتها، بل إنه صار يهددها بعد ذلك بفضح أمرها لأسرتها وأسرته، ماجعلها ترضخ لكل طلباته، خاصة وأن أسرته التي استضافت عائلتها أسرة محافظة لا تقبل بمثل تلك الأمور، فإن هي علمت بسر تلك العلاقة فلا شك ستوجه أصابع الاتهام إلى الفتاة القادمة من فرنسا، وعوض أن تكون ضحية فإنها تتحول إلى مذنبة وستحدث بالتالي مشاكل بين العائلتين لا بداية ولا نهاية لها، إلاّ أنّه، ومما لاشك فيه أن العائلتين ستعرفان الوضع، وعندها ستتعقد الأمور أكثر فأكثر، وقد تصل إلى ارتكاب جريمة قتل، وهو ماحدث قبل أسابيع في حي سيدي يوسف ببوزريعة (الجزائر العاصمة)، حيث استغل إسماعيل فتاة من حيه جاءت لتمضية العطلة الصيفية، أوهمها بأنه قادر على أن يقضي وإياها عطلة في أماكن أجمل، وأنّه سيدفع لها تكاليف الإقامة، ومثل عليها دور الغني، خاصة بعدما استأجر سيارة وأقنعها بأنها ملك له، فصدقته، وذهبت معه إلى وهران، وهناك استطاع وبسهولة أن ينتهك شرفها، ثم يصارحها بحقيقته وبأنه لايملك أي شيء، وإنما تحايل عليها ليوقعها في حباله، فعادت الفتاة إلى بيتها وأخبرت والدها بالأمر، ولم ينتظر هذا الأخير طويلا، فما إن عاد الشاب حتى تهجم على بيته، ولكنه لم ينو قتله، إنما الشجار بينهما وصل إلى درجة متقدمة، ماجعل الأب يخرج عصا وينهال بها ضربا على الشاب وكانت إحدى تلك الضربات قاتلة، ولم ينفع لا تدخل الجيران ولا حتى قوات الأمن التي قدمت بعد وقوع الحادث فنقلت الضحية إلى المستشفى والأب إلى السجن. وإن كانت تصرفات هؤلاء الشبان لا تغتفر، إلاّ أنّ المسؤولية تقع كذلك على الأشخاص الذي يستقبلون مغتربين قد لايعرفون حتى المناطق والسكان، ويتركونهم يتصرفون لوحدهم، عرضة لكل المخاطر التي يمكن أن ترصدهم.