طالب الرئيس السابق لفرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكةالمكرمة، الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي، من خالفه في آرائه حول إباحة الاختلاط وعدم وجوب صلاة الجماعة وعدم تحريم الموسيقى، بمواجهته بالدليل الشرعي ومناقشة فكرته بدلاً من النيل منه شخصياً· وأكد الغامدي في تصريح ل(العربية·نت) أنه طرح أفكاره في بحوث موثقة علمياً توافق ما قال به كبار العلماء، متهماً التيار الذي وصفة بالمتشدد بأنه لا يعرف سوى لغة الإساءة الشخصية والإقصاء كرد على من يخالفه، ومستغرباً من لغة الحوار التي قوبل بها من بعض الأشخاص على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي في فيسبوك· وقال: (كانت ردة الفعل حول آرائي مختلفة بين مؤيد ومعارض، فمنهم من ينتقد بصورة أو بأخرى ومنهم من يؤيد ويرى أن ما قلته هو الصحيح والصواب)· ويتابع: (للأسف النقاش لا يدور حول الفكرة وهي مشكلة في أدبيات الحوار المفقودة لدينا، الحوار كمبدأ لم يعط القيمة الحقيقية له في بيئتنا، وكلما تقلصت الفرصة في المجتمع لكي يكون الحوار أحد وسائل نمو المعرفة وتطورها، تراجعت أبجديات الحوار واتجه نحو شخص المتحدث وعن عيوبه أو ما يروج حوله من أمور، ولا يلتفت هؤلاء للفكرة ذاتها لكي تتم مناقشتها مناقشة موضوعية)· لغة الإقصاء والتشدد ويتهم الغامدي التيار الديني الذي يسيطر على لغة الحوار بالتشدد وممارسه لغة الإقصاء والسخرية بدلا من حوار الأفكار· ويضيف: (هناك تيارات فكرية موجودة في كل المجتمعات، ولكن بيئتنا غلب عليها التيارُ المتشدد الذي كان يستحوذ على كافة المنابر ويرد ويصدر دون أن يكون هناك من يطرح فكرة مخالفة له، وبالتالي عندما يعجز عن إقامة الحجة على القول، لا يجد مجالا لمحاولة إبطاله إلا بالتشكيك في قائله والإساءة إلى سمعته)· ويؤكد أن أحدا من كبار العلماء لم يناقشه علميا ولم يرد على حجته بحجة موثقة بل قوبل بالاستهزاء والسخرية· ويقول: (لم يناقشني أحد، ومعظم ما يصلني على صفحتي في فيسبوك هو تأييد لي، ويوجد أيضا انتقاد ولكنه قريب من السخرية والاستهزاء وينمُّ عن عدم وجود أخلاقيات للحوار فضلا أن يكون ذا قيمة علمية ومبني على حجة حقيقية· على سبيل المثال، وصلتني رسالة على فيسبوك يوجه لي صاحبُها الحديث ويقول: إنك تبيح الاختلاط، إذاً امنحنا الفرصة لكي نحضر إلى منزلك ونجتمع بأسرتك· لقد رجعوا إلى قضية الاختلاط السابقة والكلام المستهلك وهذا يعود إلى غياب أدب الحوار، وحتى في البلاد الإباحية لا يمكن أن يصل النقاش إلى الطلب من الشخص تنفيذ أمر ما بمنزله)· ويضيف: (عندما أطرح وجهة نظر ويأتي آخر بحجة تبين بطلان وجهة نظري، فهذا سينير الناس ويبعد عنهم الجهل وتكون المنافسة بين الأفكار· وإذا كنتُ مخطئا فسأتوقف عن طرح أي شيء دون حجة أو أن أعارض من عارضني وأبطل حجته بحجة أخرى· وهنا سيكون ارتقاء معرفتي من تلاقح الأفكار ورد الحجة بالحجة حتى يصل المجتمع إلى فهم صحيح)· ويؤكد الغامدي أنه ليس كما كالوا له الاتهامات طالب شهرة أو مناصب بل باحث عن الحقيقة·· ويضيف: (قالوا إنني أبحث عن منصب عندما تكلمت عن الاختلاط·· والآن ذهبت المناصب وتقاعدت وأؤكد أنني لا أريد أية مناصب ولست باحثاً عن الشهرة، وحتى لو كان ذلك صحيحا، أريد منهم أن يناقشوني فيما طرحته بعيدا عن النية فأمرها إلى الله الأعلم بنيتي· لم يتصل بي أحد من كبار العلماء لمناقشتي في أي مسألة مما طرحت، وكل ما وصلني استهزاء وسخرية)· القول في الصلاة والموسيقى ويشدد الغامدي على أن قوله بعدم وجوب صلاة الجماعة وأنها سنة وكذلك عدم تحريم الموسيقى ليس قولا جديدا بل هو مذهب كبار العلماء، ولكن إقصاء بقية الآراء والاعتماد على رأي واحد فقط هو ما جعل الناس يعتقدون أنه يقول قولا غريبا· ويضيف: (لم أقل كلاما جديدا، فقولي إن صلاة الجماعة سنّة نشرته في بحث من 200 صفحة وناقشت أدلة الوجوب وذكرت أدلة القائلين أنه سنّة، ورجَّحت القول بأنه سنّة، وهذا قول الشافعية والأحناف والمالكية، وهو يروى عن الإمام أحمد وقول الصنعاني والشوكاني وجماعة من المحققين من أهل العلم· أما القائلون بالوجوب فهي رواية عن الأمام أحمد وأيدها ابن تيمية وانتشر هذا القول في السعودية، ولهذا من يسمع أن صلاة الجماعة سنّة يظنه بدعة، مع أنه مقرر في كتب الفقه التي تدرَّس في جامعاتنا ومنصوص على أن جمهور العلماء، وهم أكثر فقهاء المسلمين، يرون أنها سنّة)· ويتابع متحدثا عن حكم الموسيقى: (أما عن الموسيقى فحديث التحريم عليه خلاف كبير ولديَّ بحث متعلق بحديث (يأتي من أمتي من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف) وذكرت أن فيه 12 علة، منها أنه اختلف في متنه في موضوعين وهو اختلاف مضر، كما اختلف في سياقه فورد في بعض الروايات (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يُعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات) وجعل العزف على رؤوسهم وصفاً لحالهم ولم يكن العزف سبباً للتحريم· بينما جاء في بعض الروايات (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير والخمر والمعازف) فجعلت المعازف سببا للتحريم· كما اختلف فيمن رواه، فجاء في بعض الروايات الشك هل هو عن أبي عامر أم عن أبي مالك الأشعري· وجاء في رواية أخرى بغير الشك وجعلت عن الأشعري)· ويضيف: (لنسأل من قالو بالتحريم: هل الدف من المعازف؟ إذا قالوا نعم، فلدينا في الصحيحين وكتب الروايات كلها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- استمع للدف· والرسول لم يستحل محرما)· لم أخالف قرار الملك ويرفض الغامدي اتهامه بأنه خالف أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز بحصر الفتوى في هيئة كبار العلماء، مؤكدا أن ما قاله هو مجرد رأي وليس فتوى شرعية· ويوضح: (لم أخالف قرار الملك، فأنا لا أفتي ولكن أطرح وجهة نظر، وقرار الملك له محترَزات لم أخالفها، وأنا طرحت رأيي في دراسة قدمتها وهي موثقة بكل ما قلت ونقلت من أحاديث· وإذا كانت وجهة نظر مدعمة بالدليل، فما الذي يُعجز الذين يملكون الدليل والحجة أن يحرقوا أوراقي أمام الناس بحجتهم؟ وفليقولوا إن الغامدي مخطئ في قوله كذا وكذا والدليل كذا وكذا· ما الذي يمنعهم من كشف جهلي أمام الناس إذا كنت كما يقولون لست طالب علم بل أبحث عن منصب وشهرة؟)· * يتهم الغامدي التيار الديني الذي يسيطر على لغة الحوار بالتشدد وممارسة لغة الإقصاء والسخرية بدلا من حوار الأفكار· ويضيف: (هناك تيارات فكرية موجودة في كل المجتمعات، ولكن بيئتنا غلب عليها التيارُ المتشدد الذي كان يستحوذ على كافة المنابر ويرد ويصدر دون أن يكون هناك من يطرح فكرة مخالفة له، وبالتالي عندما يعجز عن إقامة الحجة على القول، لا يجد مجالا لمحاولة إبطاله إلا بالتشكيك في قائله والإساءة إلى سمعته)·