هل يشهد العالم حربا شاملة تنطلق من شاشات الفضائيات، ولماذا تنتشر بعض الفضائيات الدينية غير الملتزمة والتي تحض على كراهية ورفض الآخر وربما قتله باعتبار أنه الجحيم، وكيف نرتقي بدور هذه القنوات لنشر قيم التسامح والتعاليم الدينية البناءة بدلا من بث الفتن وتشويه صورة الدين في عيون المتربصين. لعل هذه التساؤلات وغيرها أكثر ما يشغل المتابعين لشأن القنوات الفضائية الدينية التي باتت تنتشر بشكل يوحي بالخطر وقد يسخر بعضها لخدمة أغراض هادمة، هذا بخلاف فوضى الفتاوى العارمة التي كثيرا ما تلغي العقل والشريعة وتحكم بالهوى. ففي دنيا الفضائيات المتعددة والسماوات المفتوحة والانتشار الإعلامي الواسع وتعدد التوجهات السياسية والدينية، ظهرت على السطح الإعلامي خلال الفترات الأخيرة العديد من القنوات الفضائية الدينية ذات التوجهات المعينة ، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه هل تلك الفضائيات كلها تحمل توجهات سامية توجه للتقارب بين الاديان او المذاهب أم لا ، حيث إن بعض تلك القنوات تختبئ تحت ستار الدين لتقدم فكرا معينا, وليس كلها يقدم فكره بصحيح الدين , والبعض منها يروج لفكر متطرف أو سطحي أو لمفاهيم مغلوطة. ونحن هنا لا نتحدث عن القنوات الدينية الإسلامية او المسيحية فقط او السنية او الشيعية فقط أو عن الدعاة الجدد أو تناقض الفتاوي الدينية ولكننا نتحدث عن ظاهرة جديدة وغريبة علينا ، حيث إننا نجد بعض قنوات الشيعة تهاجم قنوات للسنة والعكس وقنوات دينية مسيحية تهاجم قنوات دينية اسلامية والعكس فهل تواجد تلك القنوات مكرس فقط من أجل الهجوم والعداء لما هو ضد أفكارها فقط أو ديانتها او مذهبها أم أنه يجب أن تسعى كل قناة لخدمة المشاهدين وإفادتهم بما يحتاجون إليه من معلومات. ويحذر بعض العلماء من أن تلك الفضائيات وراء فوضي الفتاوي والمعرفة الدينية , وتشجع علي التشدد والتزمت , وتسعي لتسطيح الفكر سواء الإسلامي أو المسيحي الصحيح لمصلحة اهداف مذهبية, أو فكر معين ، وعابوا علي كثير من الفضائيات الدينية استعانتها بغير المتخصصين في العلوم الإسلامية أو المسيحية , الامر الذي يساعد علي ترويج افكار مثيرة للبلبة بين الناس. وطالب البعض بوضع القنوات الإسلامية تحت اشراف الأزهر, لضمان نشر وسطية الإسلام, ومنع الأفكار الهدامة من المجتمع، كما ينبغي وضع القنوات المسيحية أيضا تحت إشراف الكنيسة لتحقيق نفس الضمانة. تشتت وتمزق يؤكد محمد علي مهندس معمارى :" الإعلام المفتوح والقنوات المتعددة أصابنا بالتشتت ، فكل يوم تظهر قناة بدلا من أن تعرفنا ماهو جديد عن غيرها نجدها تنشط على مهاجمة الغير ، فالتطور والتكنولوجيا والفضائيات لم تجلب الا مزيد من الجدل والخلافات". ويوافقه الرأي محمد عبد الحليم موظف بالقول :" قد لا يكون لدى الوقت الكافي لمتابعة كل القنوات الفضائية المتعددة ولكني من مجرد استعراض القنوات المختلفة قد أجد إننا أصبحنا في زمن الكل يريد أن ينجح على حساب غيره والكل يهاجم بعض ولا يكمل بعضه البعض". وتقول نعمة علي محررة إذاعية:" قديما كان للإعلام شأن كبير ومصداقية أكبر لكن الآن ونظرا للتضارب في المعلومات بين ما تبثه كل قناة وأخرى ونظرا للصراعات الإعلامية بين قناة دينية وأخرى أو برنامج معين وأخر فقد الإعلام جزءا من مصداقيته لدى الكثيرين". " فيه الكويس وفيه السيئ " قالتها هبة عبدالناصر مدرسة لغة عربية وتربية دينية مضيفة :" لاشك أنه في الفضائيات الدينية الجيد والسييء, وفي بعضها ماينفع الناس وفي البعض الآخر مايسيء, ولا ينبغي بالتالي أن نعمم ، حيث إن هناك برامج تعتمد علي منهجية وهي هادفة , وبرامج ضررها أكثر من نفعها مثل تلك التي تتحدث عن الأحلام والمنامات والأبراج أو قراءة الفنجان، هذا بخلاف وجود بعض القنوات التي تهاجم القنوات الأخرى التي تبث مبادىء عكس مبادئها ، ويعد هذا خطأ فادح ، حيث إن كل قناة يجب أن يكون لها مبادئها وقناعاتها وأهدافها التي أنشئت من أجلها و الإ سنتحول من عصر الانطلاق والفضائيات والسماوات المفتوحة إلى عصر حرب السماوات المفتوحة". وقد قامت شبكة الإعلام العربية "محيط " باستطلاع أراء الخبراء حول تلك الفضائيات ومعرفة المردود والفائدة من تلك القنوات. يقول رمسيس النجار مستشار للبابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية :" إن وجود بعض القنوات الدينية التي تهاجم بعضها البعض سواء قنوات إسلامية تهاجم قنوات مسيحية أو العكس يرجع إلى أنه في عصر العولمة والانفتاح الإعلامي لابد وأن ينتج أشياء صحيحة وأخرى خاطئة ومن ضمن الأشياء الخاطئة وجود النقد أكثر من اللازم ولاسيما إذا كان هذا النقد موجها إلى الأديان ، ولكن إن كان هذا النقد بناء فسوف يظهر الصحيح من الباطل وإن كان نقد هداما فسوف يختلط الأخضر واليابس". ويضيف:" وصول الإعلام لهذه الدرجة في قنوات فضائية يعتبر نوعا من أنواع الهبوط الإعلامي التي يجب أن يكون له نوع من أنواع الحكمة". ومن جانبه ، يقول الدكتور عبدالله سمك استاذ ورئيس فسم الأديان والمذاهب بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر :"هناك ثقافة منتشرة اليوم وكلها موظفة أو مبرمجة لخدمة أهداف معينة ، وبالتالي فإن مهاجمة القنوات الدنيبة لبعضها البعض سواء مسيحية لإسلامية أو العكس أو شيعية لسنية أو العكس يعد نوعا من أنواع التطرف جهة اليمين أو الشمال ، وهذا يرجع لغياب الوسطية وغياب ثقافة القبول والحب وغياب الانصاف الذي علمنا إياه القرأن الكريم حتى مع المخالف ، حيث إنه حتى مع اليهود حثنا الله سبحانه وتعالي على التراحم ". ويضيف:" يجب علينا الحذر في التعميم فهو لايمكن أن يكون مقبولا إلا بمنع الاستقاء أو أن يندرج الحكم على كل الأفراد ، فالمسلم لا ينبغي عليه أن يعمم حكمه على الطرف الأخر هذا في جانب الأديان ، وفي جانب الفرق الدينية ، ففي القرأن الكريم ذكر تعالي ( يأ أيها الناس إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) ونؤكد هنا على كلمة لتعارفوا فهذه الثقافة غائبة الآن سواء في الشرق أو الغرب وتدعمها وتنفذها جهات متعددة سواء شرقية أو غربية . قضية الى يوم الدين وبدوره ، يقول أبو إسلام احمد عبدالله رئيس قناة "الأمة" الفضائية :" إن قضية الهجوم بين القنوات الفضائية الإسلامية والمسيحية أو الشيعية والسنية هي قضية قديمة وموجودة وستظل إلى يوم الدين ، فهي قضية الحق والباطل وتلك القضية كانت موجودة قديما عبر الكتب والصحف والمجلات والإذاعة والتليفزيون والمساجد والكنائس ، والقنوات الفضائية الدينية ليست إلا وسيلة جديدة تضاف لتلك الوسائل التي تثار من خلالها قضية الاختلاف والهجوم ، فلم نعترض الآن عندما ظهرت قنوات دينية ملتزمة ربما تفيد الناس". ويضيف:" تلك القضية هي سنة الله في خلقه والاختلاف هو طبيعة البشر ، وهذا الاختلاف والهجوم دائما يكون بين أى فئات أو ديانات إسلامية ومسيحية وبهائية واحمدية وجهوية وشيعية وسنية وكاثوليكية وبروتستانية وشيوعية وماركسية وليبرالية ووطنية وقومية إلى غير ذلك من الاتجاهات والديانات ، حيث إن سنة الله في خلقه ان يكون الناس على اختلاف وإلا لن يكون هناك خلق وهي ظاهرة طبيعية صحية لأن الخلق ليسوا قطيع ، وعلى أصحاب المذاهب الإسلامية أن يعلوا من شأن دينهم ليكون هو الدين الرائدة ". ومن جانبه ، رفض رأفت رميلة مدير قناة "أجابي" المسيحية التعليق على تلك القضية قائلا:" نحن قناة تابعة لقداسة البابا شنودة ولا نتحدث في مثل تلك الأمور ، ولا نهاجم آية قنوات دينية إسلامية أو مسيحية ولا نتهم أية قنوات بمهاجمة المسيحية". * عن محيط