تحولت نعمة الثلوج التي شهدتها معظم ولايات الوطن إلى نقمة على الكثير من العائلات البومرداسية التي لم تأخذ احتياطاتها ولم تخزن ما يكفيها من المواد الغذائية الضرورية والغاز، وما زاد الطين بلة استغلال بعض التجار الجشعين للأوضاع والعمل على رفع الأسعار بصورة جنونية ألهبت جيوب المواطنين في أيام تميزت ببرودة شديدة تجمدت فيها الأجساد البشرية وشلت بسببها الحركة بالكثير من القطاعات الحساسة· نالت ولاية بومرداس نصيبها من الثلوج المتساقطة على غرار باقي ولايات الوطن التي تزينت بحلة بيضاء وكأنها عروس في يوم زفافها، وما زاد الوضع جمالا وبهاء تزامن تساقط الثلوج مع الاحتفال بذكرى النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم فتحولت الكثير من العائلات عن عادة التراشق بالمفرقعات إلى اللهو واللعب بكريات الثلج البيضاء والتنافس بين الأطفال حول من سيصنع أجمل رجل ثلج فكانت المناسبة فرصة سانحة للكثير من العائلات التي جمعت شملها وهرعت لأخذ صور تذكارية تيقنا منها أن فرصة كهذه لا تأتي إلا نادرا، وبينما كانت العائلات الميسورة تسير في هذا الجانب كانت العائلات المعوزة تئن تحت آلام البرد القارس الذي قطع أجسادها ومما ساهم في إفساد هذا العرس الطبيعي النادر على البومرداسيين هو الندرة المسجلة في العديد من المواد الغذائية الأساسية كالحليب والخبز وكذا المواد الحيوية كالغاز· من بين المناطق التي شهدت ندرة في توزيع الحليب والغاز بلدية بني عمران، حيث عانى سكان القرى والمداشر التابعة لها على غرار سكان تولموت والعزلة وبني خليفة من ندرة حادة في حليب الأكياس حيث منعت الثلوج المتساقطة والتي تراكمت على الطرقات الموزعين الخواص من التوغل إلى تلك المناطق المعروفة بمسالكها الوعرة وإيصال المواد الغذائية الضرورية لهم مثلما هو الحال في الأيام العادية، في حين زاد انقطاع التيار الكهربائي الذي تواصل على مدار يومين كاملين من معاناة هؤلاء السكان الذين لجأوا إلى الاستعانة بالشموع لإضاءة هذه الليالي الباردة إلا أن طمع بعض التجار الجشعين جعلهم يدفعون الثمن مضاعفا حيث بلغ سعر العلبة الواحدة من الشموع العادية التي تحتوي على 10 شمعات 150 دج وهو ما اضطر هؤلاء المواطنين إلى اقتنائها رغم مضاعفة سعرها إلى الضعف، حيث كانت في الأيام العادية تباع ب80 دج للعلبة الواحدة· قارورات غاز البوتان لا تزال تشهد ندرة حادة على مستوى العديد من بلديات ولاية بومرداس التي لاتتجاوز نسبة الربط بالغاز الطبيعي بها 35 بالمائة وهي نسبة لا تغطي سوى بعض الأحياء بعواصم كبريات الدوائر على غرار بومرداس بودواو وبرج منايل، فيما تبقى العشرات من البلديات دون ربط بهذه المادة الحيوية وهو ما ساهم في تفاقم حدة ندرة الغاز، حيث استهلكت العديد من العائلات ما خزنته في الأيام الأولى من موجة البرد لتبقى تقاسي في الحصول على هذه المادة الحيوية التي وصل سعرها إلى 450 ينار جزائري، في حين تشهد محطات نفطال طوابير طويلة من المواطنين الذين يصطفون منذ الساعات الأولى للحصول على هذه المادة الحيوية· تعرف أسعار الخضر والفواكه ببومرداس منذ حلول موجة البرد هذه ارتفاعا جنونيا زاد من معاناة الموطنين البومرداسيين خاصة العائلات المعوزة التي ألهب اشتعال الأسعار جيوبها وجعلها تلجأ إلى العجائن كبديل أساسي عن البطاطا التي بلغ سعرها 75 دج والجزر الذي ارتفع سعره من 35 دج إلى 80 دج ودون سابق إنذار، في حين بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج 330 دج وسعر اللحم 1200 دج وهو ما جعل المواطن يتفرج على السلع المعروضة أمامه دون أن يجرأ على الاقتراب منها وكأننا على موعد مع أزمة الاتحاد السوفياتي غداة تفككه حيث أصبحت الخضر تعرض في واجهات المحلات كديكور دون أن يتمكن السوفياتي المواطن من شرائها أو حتى لمسها· هكذا كشفت موجة الثلج عن العيوب الكثيرة التي طالما ما يلجأ المسؤولون إلى اتباع منطق تغطية الشمس بالغربال لإخفائها لكن دوام الحال من المحال، وجاءت هذه الموجة لتوقظهم من سباتهم ودفعهم لتحقيق تنمية حقيقة بعد الأخذ بعين الاعتبار كامل الاحتياطات الواجب اتخاذها لمجابهة هكذا حالات، كما وضعت المواطن الجزائري أمام الأمر الواقع وتلزم عليه هو الآخر من الآن فصاعدا تغيير نمط معيشته مع الأخذ في الحسبان هكذا أزمات وضرورة مجابهتها·