تلاقي مختلف التخصصات المهنية المدرجة ضمن مراكز التكوين المهني عبر مختلف ولايات الوطن، إقبالا كبيرا من طرف الراغبين في إجراء تربص مهني من شأنه أن يفتح لهم أبواب المستقبل، عبر الحصول على منصب عمل، أو حتى إنشاء مؤسساتهم المهنية الخاصة لاسيما بعد الإجراءات التي تم الإعلان عنها مؤخرا، فيما يخص دعم تشغيل الشباب ومرافقتهم في تكوين مؤسساتهم الاقتصادية، وهي الإجراءات التي دفعت كثيرين إلى الإقبال على التكوين في مختلف التخصصات المهنية تفاديا لشبح البطالة· وعلى هذا الأساس، فإن كثيرا من التلاميذ المتوقفين عن الدراسة، أو الذين لم يرغبوا في مواصلة مشوارهم التعليمي، لظروف مختلفة، يوجهون إلى مراكز التكوين المهني، أو يختارون ذلك بأنفسهم، علما أن الدورات التكوينية المهنية، تفتتح مرتين كل سنة خلال شهري سبتمبر وفيفري، لكن ورغم التسهيلات الكثيرة التي يجدها المتربصون في مراكز التكوين المهني أيا كانت اختصاصاتهم، فإن بعضهم يلاقون عدة صعوبات، بعد توجههم لإجراء تربص مهني، سواء أثناء متابعتهم للتكوين، أو أثناء تخرجهم وتوجههم للحياة العملية، وأبرز هذه الصعوبات أو العراقيل إن صح التعبير، خاصة بالنسبة لتخصص الحلويات والمرطبات الذي يحتاج المتربصون فيه إلى متابعة تربص تطبيقي وميداني لدى بعض محلات الحلويات والمرطبات، هي عدم مساعدتهم على تطبيق مختلف الكيفيات التي درسوها، ومساعدتهم على اقتحام المجال عبر السماح لهم بتحضير العجينة والمشاركة في عمليات إعداد الحلويات والمرطبات وغيرها، واستغلالهم من طرف بعض أصحاب المخابز والمحلات المتخصصة، في أعمال التنظيف، كغسل الأواني، وتنظيف الأرضيات ودورة المياه ونزع بقايا الخبز والحلويات الملتصقة بصينيات الفرن، وغيرها من الأعمال التي لا تفيدهم في شيء، مادام أن الغرض الأساسي من هذه التربص التطبيقي هو تمكنيهم من التعامل مع مختلف المواد الأولية المستعملة في هذا التخصص، وتجريب الوصفات التي كانوا قد تلقوها، وهو ما اشتكى منه عدد من المتربصين الذين تحدثوا إلينا في الموضوع، من بينهم الشاب (عزيز) من باب الواد، البالغ من العمر 17 سنة، الذي تخرج بدبلوم في فن الحلويات والمرطبات، ولكنه لا زال لحد الآن لم يحصل على منصب عمل في كل مخبزة يقصدها، وكل الذين اشتغل لديهم كانوا يكلفونه بكل الأعمال الممكن تصورها، إلا ما تعلق بتعليمه أساسيات ومبادئ هذا الفن، وهو ما يجعلهم يتجهون إلى إجراء التربص التطبيقي في منازلهم، عبر إعادة تجريب الوصفات، وتحضير مختلف الكيفيات بإمكانياتهم الخاصة، أو الاعتماد على النظر والذاكرة، بالمخابز التي يجرون بها تربصاتهم، والتدرج في مناصبهم، من متربص متمرن، لا يعلم كم عليه أن يقضي فيها من سنوات بأجر ضعيف لا يتجاوز 1500 أو 2000 دج للأسبوع الواحد، ثم محضر، ثم شيف، بعد اكتساب خبرة سنوات طويلة· غير أن أسامة، أحد العاملين في المجال بمخبزة على مستوى العاصمة أيضا، وهو نفسه عانى من نفس المشكلة طيلة أكثر من 3 سنوات، قبل أن يرتقي للرتبة الموالية لمتربص متمرن في هذا التخصص، يقول إنه إن لم تكن في الميدان فإنك لا يمكن أن تحكم على ما يقوم به الآخرون، مضيفا أنه كان يستاء كثيرا من المعاملة السيئة وغير المنصفة التي كان يتلقاها في المخابز، عندما كان متمرنا، ولكنه بعد أن تجاوز تلك المرحلة، وصار يستقبل تلامذة متمرنين في المخبزة التي يعمل بها، أدرك أن الأمر يحتاج إلى كثير من الوقت والجهد والتركيز، مع هؤلاء، لأجل تلقينهم كافة الأساسيات والمبادئ في هذا المجال، وهو ما لا يمكن أن يتوفر نظرا لضيق الوقت، وكثرة العمل، واضطراره إلى تحضير العديد من قوالب الحلوى الكبيرة و الصغيرة، وكذا الهلاليات والبريوش، وما شابه ذلك، وبالتالي فلا يكون هنالك وقت لأجل التوقف في كل مرة، وإضاعة ربع ساعة أو أكثر لأجل الشرح لهؤلاء المتربصين المتمرنين أو إعطائهم كيفيات يحضرونها، يمكن أن يخفقوا فيها، فتسبب خسائر في بعض المقادير، أو تضطرهم إلى الإعادة من جديد، وعليه يقول إنه على هؤلاء اغتنام فرصة تواجدهم في تلك المخابز، وإثبات أنفسهم، عبر القيام بما هو متوجب عليهم، والانتباه إلى طرق إعداد مختلف الكيفيات، معترفا أن الطريق لن يكون سهلا، ولكنه السبيل الوحيد لكل من أراد النجاح وكسب مهنة، يضمن بها مستقبله·