مازالت العديد من العائلات عبر بلديات ولاية المدية، تعيش المأساة بكل ما للكلمة من معنى، نتيجة حرمانها من الحصول على سكن مريح، لأزيد من عشريتين من الزمن، حسب بعض المواطنين الذين تحدثوا إلينا في الموضوع، فعلى الرغم من الحصص المعتبرة التي تحصلت عليها ولاية المدية ببلدياتها ال 64 ، منها 19 بلدية بمقر الدوائر، منذ بداية المخطط الخماسى الأول"2005-2009"ولحد الآن، فإن كل هذه الحصص السكنية وبمختلف صيغها من اجتماعي وتساهمي وريفي، لم تتمكن بعد من القضاء على أزمة السكن بهذه الولاية التي شهدت نزوحا يفوق ال 80 في المائة من سكان أريافها خلال العشرية السوداء، وهذا لأسباب يتصدرها مشكل التوزيع العشوائي وغير العادل بأغلب بلديات الولاية، وفي الكثير من المرات تطلبت حدة الاحتجاجات وكثرة الطعون تدخل قوات محاربة أعمال الشغب، نظرا لمطالبة كل طرف بأحقيته في الحصول على مسكن. وعلى سبيل المثال لا الحصر ما تزال عائلة "نشادي" التي تقطن ببلدية جواب دبنحو 80 كلم شرق عاصمة الولاية المدية، تأوي كل ليلة إلى غرفة أشبه ما تكون بالغار أو الجحر الذي تأبى أي نفس عزيزة البيت فيه، وهذا لأكثر من عشرين عاما بسبب غياب منزل لائق يجتمع فيه الأب مع أفراد عائلته المتكونة من 6 أفراد ، والتي توجد من بينهم فتاة معاقة حركيا فهذه العائلة البسيطة تقطن في محتشد ضيق شبيه بالكوخ الذي لا يتوفر على أدنى ضروريات حياة بني البشر، بل أصبح مجمعا لكل أشكال المخاطر والأوبئة فلا مرحاض ولا ماء و لا كهرباء ، وأصبح منطق المناوبة يفرض نفسه في كل شيء ،الأكل ..النوم.. الطهي.... كما أن العثور على فأر أو ثعبان في زاوية من زوايا هذا الكوخ لا يعتبر حدثا أو قضية تثار، فالفئران والثعابين باتت أنيسا لعائلة "نشادي" بسبب الثقوب والمنافذ الكبيرة التي خلفتها الأمطار بسقف هذا الكوخ، وبالرغم من المراسلات والشكاوي العديدة التي وجهها أفراد عائلة "نشادي" إلى الجهات الوصية غير أن دار لقمان لا تزال على حالها، بل أن الأمور لهذه العائلة ازدادت تدهورا بعد اللقاء الذي جمع رب العائلة برئيس دائرة السواقيم حيث كانت الصدمة كبيرة بعد أن صرح له هذا الأخير بأنه لا يحق له الاستفادة من منزل بحكم امتلاكه لسجل تجاري وهو ما لم يتحمله الأب كون السجل التجاري يتعلق بسيارة أجرة أكل الدهر عليها وشرب يمتلكها هذا الأخير ليعيل بها أفراد عائلته باعتبارها مصدر رزق العائلة الوحيد، وهو ما بات يحتم عليه إما التخلي عن مصدر رزقه نظير دراسة ملفه فقط أو البقاء في جحر لا يليق أن يكون مسكنا لجزائري في عام 2010 . كما أن عائلة "شاقور" بعين بوسيف المحتوية على أربعة وعشرين فردا يقيمون داخل مرآب، هي حالة مماثلة أو أكثر كارثية من أختها الجوابية، وحسب مصادر عليمة مقربة فإن عائلة شاقوري والمتكونة من 24 فردا موزعة على أربع عائلات ،إلا أن هذه العائلة الكبيرة العدد سبق لها وأن كانت تقيم مؤقتا عند احد الأقارب منذ سنوات، على أمل أن تتحصل على سكن عام 2004 ، من حصص السكنات الموزعة آنذاك والتي ضمت أسماء مغايرة، و خلت من اسم عائلة "شاقوري" ، وتواصلت عمليات توزيع السكنات من حصة إلى حصة ومن حي إلى حي دون أن تعرج على اسم شاقوري ، وبعد طول الانتظار المميت اضطرت هذه العائلة إلى الرحيل إلى مرآب وسط مدينة عين بوسيف لاستئجاره من دون الظفر بسكن من برنامج المليون سكن ، وتبقى معاناة أفراد هذه العائلة القاطنة بداخل مرآب مظلم بلا مرحاض وتفصل بين جدران شقق العائلات المتقاسمة له " قطعة قماش" حيث تركن الأم و أبنائها و بناتها ممن لم يتزوجوا بعد في ركن لوحدهم ، أما الصبية فقد اضطروا إلى المبيت في الخلاء تحت كل الظروف الطبيعية . وتزداد مأساة هذه العائلة نهاية الأسبوع الفارط حين وجدت نفسها تفترش البلاستيك أمام مقر البلدية بسبب قيام صاحب المرآب بطردها إلى الخلاء لحاجته لمرآبه ، بينما استفاد أناس ممن لا يملكون حق الاستفادة وأناس لم يدخلوا سكناتهم منذ عام 2004 –تاريخ استلامها- ومنهم من باعها ليقتني سيارة وآخرون أرادوها أن تكون مصدر رزق لهم عن طريق تأجيرها ب 8000دينار للشهر الواحد. وأمام هذا الوضع بات لزاما على المعنيين والسلطات المحلية و المعنية، فتح تحقيق حول المستفيدين من سكنات اجتماعية واستغلوها لأشياء أخرى كالإيجار أو تحويلها إلى مكاتب خدمات عمومية أو غيرها، وكذا الوقوف على مدى أحقية كل مواطن بالنظر إلى حالته وظروفه المعيشية وأحقيته في السكن من غيره.