كان ولا يزال مشكل البناءات الفوضوية مشكلا أنهك المواطنين والدولة على حد سواء، فرغم كل الجهود المبذولة من قبل الدولة من أجل القضاء على البيوت القصديرية إلا أنها لم تفلح في ذلك خاصة على مستوى ولاية الجزائر العاصمة مقارنة بالأعداد الكبيرة من المواطنين التي تتوافد عليها سنويا لأسباب كثيرة هروبا من حياة الأرياف أو من المشاكل الاجتماعية والعائلية بحثا عن فرص العمل والاستقرار، أو لأسباب أخرى لا يعلمها إلا أصحابها ليجد المواطن نفسه إما في الشارع مع فئة المتشردين أو على أطراف الأودية، أو خارج المدينة ببيوت قصديرية لا تصلح حتى للحيوانات· ولكن ما زاد من تعقيد الأمر انتقال القصدير والبناءات الفوضوية إلى أسطح العمارات واحتلال بعض العائلات لها التي تعتبر حقا طبيعيا لسكان العمارات لا غير، ومن خلال هذا سلطنا الضوء على أحد الأحياء الجزائرية التي اتخذ سكانه من السطوح مسكنا لهم ضاربين عرض الحائط آراء ورفض سكان العمارة لهم· حيث تحوّلت معظم أسطح العمارات عبر أهم المدن الجزائرية إلى سكنات قصديرية أنجزتها المئات من العائلات التي تعاني أزمة في السكن، ومن بين هؤلاء نجد أربع عائلات اتخذت من القصدير بيوتا لها على أسطح إحدى العمارات بحي حسين داي (بروسات) بالجزائر العاصمة منذ التسعينيات خلال فترة العشرية السوداء إلى غاية يومنا هذا، من بينها عائلة حديثة النشأة مما سبب انزعاج السكان الأصليين للعمارة، معتبرين هؤلاء العائلات مقيمين إقامة غير شرعية على مستوى سطح العمارة، محتلين بذلك حسب رأيهم بيوت الغسيل أو ما يطلقون عليه اسم (بيت الصابون) التي تحوّلت إلى مساكن دون ترخيص قانوني واضعة بذلك سلامة وأمن العمارات وأساساتها في خطر مما أوجب تدخلا عاجلا لترحيلهم· هذه البناءات سببت استياء سكان العمارة، حيث صرحت لنا السيدة دليلة قائلة: (لقد استولت هذه العائلات على سطح العمارة منذ التسعينيات، حيث بنت لنفسها بيوتا دون سابق إنذار أو إذن من السلطات أو أصحاب العمارة، وبالرغم من الشكاوى التي قدمناها إلى السلطات المعنية من أجل التدخل لإيجاد حل لهذه المشكلة، ورغم عمليات الفحص التي قامت بها دواوين الترقية والتسيير العقاري وعدد من البلديات في إطار حملتها الرامية إلى القضاء على جميع البناءات الفوضوية المنجزة في أسطح العمارات التي أشرفت على تسييرها إلا أن هذه الخطوة الهامة لم تعط ثمارها لأننا لم نسترجع بعد الأجزاء المشتركة للسكان فوق أسطح العمارات المحتلة بطريقة غير شرعية والتي أصبحت تهدد أمن العمارات)، وعند سؤالنا لها لماذا لم تقوموا بإخراج هذه العائلات فور دخولها واحتلالها للأسطح؟ أجابت السيدة دليلة قائلة: (لقد كان ذلك خلال العشرية السوداء وفي تلك الفترة لم نكن نستطيع التكلم لأننا كنا نعاني من اللاأمن والوضع السيئ للبلاد وقد استغلت تلك العائلات الفرصة للاستقرار)· أما هؤلاء المواطنون أصحاب البيوت الفوضوية فقد كان رأيهم مخالفا تماما، حيث صرح لنا السيد (محمد· ف) قائلاً: نحن لم نحرم المواطنين الأصليين من استعمال السطح فمن أراد استعماله فله ذلك بشرط ألا يقتربوا من حرمة بيتي فسطح العمارة يتسع للكل، ونحن بدورنا طالبنا السلطات المعنية بإيجاد حل لنا من أجل ترحيلنا فنحن أيضا لسنا في النعيم ونريد أن نعيش حياة كريمة مثلنا مثل أي مواطن جزائري يتمتع بحقوقه لأننا عايشنا كل أنواع (المزيرية) على السطح خاصة في فصل الشتاء)· وأمام هذا التفاقم الكبير للبناءات التي وصلت ذروتها خلال الألفية الماضية والتي تسببت في تشويه المحيط العمراني لمدننا وبالرغم من المحاولات العديدة للسلطات العمومية لإزالة هذه البنايات إلا أنها تفشل في كل مرة لتحتل بذلك العاصمة مقدمة الولايات التي أنجز فيها أكبر عدد من البيوت الفوضوية غير اللائقة فوق أسطح العمارات التي لا بد من عملية هدمها واسترجاع الأجزاء المشتركة للسكنات المحتلة بطريقة غير شرعية وإيجاد حلول لتلك العائلات·