* على الأفلان التحالف مع أحزاب أخرى لتخفيف الضغط عليه عبّر المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية الإعلام والعلوم السياسية في حديث ل(أخبار اليوم) عن رأيه في النتائج التي أفرزتها انتخابات العاشر من ماي ونسبة المشاركة التي سجلت فيها، مشيرا إلى وجود قدر من التلاعب والتزوير الذي سيحمل حزب جبهة التحرير الوطني مسؤولية أي إخفاق قد يحصل مستقبلا· * ما رأيك في نسبة المشاركة المسجلة مقارنة مع البرود الشعبي وهاجس العزوف الذي ميز الحملة الانتخابية؟ ** السؤال الذي يجب طرحه هنا هو مما تتشكل نسبة ال 42 بالمائة؟، يجب أن نعرف الكثير من المعلومات حول الموضوع كالفئات العمرية المشاركة، ونسبة الحضر وسكان الأرياف، نسبة الشمال والجنوب، العاصمة والمدن الرئيسية بالإضافة إلى معلومات أخرى، أنا أرى أنه ينبغي معرفة هذه الحقائق لأنها هي وحدها التي تساعدنا على إجراء قراءة موضوعية للنتائج، ودونها يبقى الغموض سائدا ولا يمكننا أن نستخلص الدروس· * ما قراءتك لنتائج الانتخابات التشريعية؟ ** النتائج في رأيي غير متطابقة مع الواقع السياسي الذي تعرفه البلاد كما أراه، لأنه لا يمكن أن يكون نحو نصف الناخبين مع جبهة التحرير· هناك خلل في مستوى معين إما على مستوى قانون الانتخابات أو آلية الانتخابات أو غيرها، كان من الممكن أن تكون هناك نسب أخرى خادمة لاستقرار البلاد ولمواصلة الإصلاحات، أما أن تكون النتائج بهذه الكيفية فالإصلاحات ستكون من منظور حزب واحد لديه شبه أغلبية يستطيع أن يمرر أي قانون أو تعديل قانون كما يشاء، وهنا تكمن الخطورة لأن الجزائريين لن يشعروا بأنهم قد ساهموا في الإصلاحات على قدم المساواة وسيتحملون نتائجها في المستقل، وهذا ما سيشكل عبئا ثقيلا على جبهة التحرير ويحملها مسؤولية أي إخفاق سيحدث في المستقبل لا قدر الله، وبالنظر إلى المشكلات المعقدة التي مازالت تنتظر الشعب الجزائري فأظن بأن النتيجة التي تحققت يوم 10 ماي لن تساعد على تجاوز المرحلة الانتقالية بسهولة· * ما رأيك في الاتهامات التي وجهها التيار الإسلامي إلى السلطة بتزوير الانتخابات؟ ** يبدو لي أنها حقيقية بالنظر إلى النتيجة المبالغ فيها التي تحققت لجبهة التحرير يبقى تقديم الأدلة بأكثر وضوح، وهذا الأمر ليس سهلا· * على ضوء النتائج المسجلة هل ترى كمحلل سياسي أن هناك بوادر للتغيير السلمي الذي تكلم عنه الكثيرون قبل الانتخابات؟ ** ينبغي تصحيح الوضع بطريقة أو بأخرى وإلا فإن التغيير لن يتم بتوافق جميع الأطراف، بل سيكون من خلال وجهة نظر واحدة فقط، وفي هذه الحالة ستبقي أطراف عديدة تعتبر نفسها غير ملزمة بما سيتم القيام به من إصلاحات، في أية لحظة قد ترفض الإصلاحات المطروحة وتحدث أزمة سياسية في البلاد· ويبدو لي أنه ينبغي تدارك الوضع بالسرعة اللازمة وإلا فإن الهشاشة ستزداد، وهذا يضعف التماسك الاجتماعي والسياسي داخل الدولة ويزيد من هشاشة الوضع، ومن جهة أخرى ينبغي ألا نغتر بتأييد الأوروبيين أو الدول الغربية ذلك أنهم في أية لحظة يمكنهم تغيير مواقفهم إن لم تستجب الجزائر لأدنى مطالبهم· * في رأيك كيف سيواجه الأفلان باعتباره القوة الأولى في البرلمان ما يطرحه المجتمع من مشاكل معقدة في ظل الإضرابات والاحتجاجات التي غزت مختلف القطاعات؟ ** حزب جبهة التحرير سيجد نفسه وحيدا في مواجهة الكل وهذا أسوأ سيناريو يعيشه في الوقت الراهن، كان يمكن لهذا النمط من الحكم أن يكون مقبولا قبل 30 سنة، أما اليوم فلا يمكن قبول مثل هذا النمط لاسيما ونحن على أبواب انتخابات رئاسية· هل ستفرط جبهة التحرير في رئاسة الجمهورية؟، لا يمكنها ذلك إذا تتبعنا منطق الفوز الحالي، وفي هذه الحالة ستستحوذ على الرئاسة والبرلمان والحكومة وهو ما أعتقد أنه لا يتماشى مع طبيعة الخارطة السياسية في البلاد، ومن ذلك نصل إلى أن النتيجة الحالية لها أبعاد كثيرة على مستقبل الاستقرار السياسي في الجزائر· * ما المطلوب من الأفلان الذي يستحوذ على غالبية الحقائب الحكومية لمواجهة هذه الاضطرابات والفوضى التي يعيشها عدد من القطاعات على رأسها قطاع الصحة مثلا؟ ** بالتعاون مع الآخرين، ويصعب إدارة الحراك الاجتماعي والسياسي السائد فما بالك أن يكون الحزب لوحده، أظن بأن المطالب ستزداد وستضعف الديناميكية التي كانت متوقعة بعد الانتخابات التشريعية، لهذا فإن جبهة التحرير ستعرف أوقاتا صعبة أتمنى أن تتمكن من التخفيف على نفسها من خلال تحالفات طبيعية وصادقة، وكل ما أخشاه هو أن لا يمد البعض أيديهم بصدق إلى الجبهة وهنا ستبدأ الصعوبات الحقيقية، ونصبح نخاف على هذا الرمز التاريخي·