الصحابي سالم مولى أبي حذيفة واحد من كبار الصحابة الأتقياء -رضي الله عنهم- وهو من الأنصار والمهاجرين، وكان إمامهم في المدينة، وجعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- حجة في تعليم القرآن، وأمر المسلمين بأن يتعلموا منه، ومن الشهداء الأبرار· هو أبو عبد الله سالم بن عبيد بن ربيعة، مولى أبي حذيفة، وكان من أهل فارس من إصطخر، ووقع عليه سباء فحُمل إلى مكة فاشترته ثبيتة بنت يعار، زوجة أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، ثم أعتقته فتبناه أبو حذيفة، وصار يُدعى بسالم بن أبي حذيفة، وآمن بالله وبرسوله مبكرا، وأخذ مكانه بين السابقين الأولين، وزوَّجه أبو حذيفة ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة· ولما نزل قوله تعالى: (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) 5 الأحزاب، الذي أبطل عادة التبني، وعاد كل متبنٍّ ليحمل اسم أبيه الحقيقي الذي أنجبه، ولم يكن سالم يعرف له أبا، فوالى أبا حذيفة، وصار يدعى سالم مولى أبي حذيفة· ولما جاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة وهي من بني عامر من لؤي إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله كنا نرى سالما ولدا وكان يدخل عليَّ وأنا فضل، وليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها الرسول- عليه الصلاة والسلام: (أرضعيه تحرمي عليه)، وقال أزواج الرسول: (إنما هذه رخصة من رسول الله لسالم خاصة)· وكان سالم من أوائل المهاجرين إلى المدينة، وعن ابن عمر أن المهاجرين نزلوا بالعصبة إلى جنب قباء، فأمَّهم سالم مولى أبي حذيفة، لأنه كان أكثرهم قرآنا، فيهم عمر، وأبو سلمة بن عبد الأسد· وأقام في المدينة وكان من السابقين لا يتأخر عن أي غزوة ولا يتقاعس عن جهاد للرسول- صلى الله عليه وسلم- وشهد بدرا وما بعدها، وعن قتادة قال: أصيب النبي يوم أحُد وكسرت رباعيته وفرِّق حاجبه فوقع وعليه درعان والدم يسيل فمر به سالم مولى أبي حذيفة فأجلسه ومسح عن وجهه فأفاق وهو يقول: (كيف بقوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى الله)، فأنزل الله تبارك وتعالى: (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) 128 آل عمران· وكانت مناقبه وفضائله لا تحصى، وعُرف بحب الجهاد والجرأة في الحق، وروي أنه بعد فتح مكة، أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض السرايا إلى ما حول مكة من قرى وقبائل، وأخبرهم بأنهم دعاة لا مقاتلون، فكان سالم في سرية خالد بن الوليد الذي استعمل السيف وأراق الدم، فلم يكد يرى سالم ذلك حتى واجهه بشدة، وعدّد له الأخطاء التي ارتكبت، وعندما سمع الرسول النبأ، اعتذر إلى ربه قائلا: (اللهم إني أبرأ مما صنع خالد)، وحين سأل -عليه الصلاة والسلام: (هل أنكر عليه أحد؟)، فقالوا له: (أجل، راجعه سالم وعارضه) سكن غضبه· ولخلقه وتقواه وورعه وولائه للدين الحنيف، قال عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم: (إن سالماً شديدُ الحب لله تعالى)، وكان أحد الأربعة الذين قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام: (استقرئوا القرآن من أربعة)، وعن عائشة قالت: استبطأني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقال: (ما حبسك؟)· قلت: إن في المسجد لأحسن من سمعت صوتا بالقرآن، فأخذ رداءً، وخرج يسمعه، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال عليه الصلاة والسلام: (الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك)· وروى أنه كان فزع بالمدينة فأتى عمرو بن العاص على سالم مولى أبي حذيفة، وهو محتب بحمائل سيفه، فأخذ عمرو سيفه فاحتبى بحمائله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله)، ثم قال: (ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان)· وعدَّته كتب التراجم من جامعي القرآن وكتاب الوحي، ولمنزلته الرفيعة كان إخوانه الصحابة يسمونه: (سالم من الصالحين)، وقال عنه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وهو يموت: (لو كان سالم حيا، لوليته الأمر من بعدي)، وفي رواية أخرى: (لو أدركني أحد رجلين، ثم جعلت إليه الأمر لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة بن الجراح"· ولما انتقل الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى الرفيق الأعلى، وحدثت مؤامرات المرتدين، وخرج المسلمون لقتالهم كان سالم في الصفوف الأولى، وعن محمد بن ثابت بن قيس قال: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة وسقط زيد بن الخطاب شهيدا، قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله، بئس حامل القرآن أنا لو هوجم المسلمون من قبلي، فحفر لنفسه حفرة، فقام فيها ومعه راية المهاجرين يومئذ، وأخذ يقاتل، فهوى سيفٌ من سيوف الردة على يمناه فبترها، فحمل الراية بيسراه وهو يصيح تالياً الآية الكريمة: (وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين) 146 آل عمران· * لخُلقه وتقواه وورعه وولائه للدين الحنيف، قال عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم: (إن سالماً شديدُ الحب لله تعالى)، وكان أحد الأربعة الذين قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام: (استقرئوا القرآن من أربعة)، وعن عائشة قالت: استبطأني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقال: (ما حبسك؟)· قلت: إن في المسجد لأحسن من سمعت صوتا بالقرآن، فأخذ رداءً، وخرج يسمعه، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال عليه الصلاة والسلام: (الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك)· * لما انتقل الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى الرفيق الأعلى، وحدثت مؤامرات المرتدين، وخرج المسلمون لقتالهم كان سالم في الصفوف الأولى، وعن محمد بن ثابت بن قيس قال: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة وسقط زيد بن الخطاب شهيدا، قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله، بئس حامل القرآن أنا لو هوجم المسلمون من قبلي، فحفر لنفسه حفرة، فقام فيها ومعه راية المهاجرين يومئذ، وأخذ يقاتل، فهوى سيفٌ من سيوف الردة على يمناه فبترها، فحمل الراية بيسراه وهو يصيح تالياً الآية الكريمة: (وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين) 146 آل عمران·