أعاد الفوز الرّائع الذي حقّقه منتخبنا الوطني لكرة القدم سهرة أوّل أمس بملعب (مصطفى تشاكر) بمدينة البلدية برباعية كاملة على حساب المنتخب الرواندي في إطار الجولة الأولى من الدور الثاني عن المجموعة الثامنة للتصفيات المؤهّلة إلى كأس العالم 2014، ذكريات أيّام العزّ والمجد لمنتخبنا الوطني حين كان يقصف بالثقيل بالجزائر وخارجها منافسيه بنتائج ساحقة، كما كان لاعبو الجزائر في تلك الأيّام مضربا للمثل في الأداء الجماعي والرّوح القتالية التي أبهرت كبار التقنيين. سيبقى الفوز الذي حقّقه منتخبنا الوطني أوّل أمس على حساب المنتخب الرواندي مرسوما بأحرف من ذهب في تاريخ (الخضر)، بل في تاريخ الكرة الجزائرية. فحتى وإن كان المنافس ضعيفا ولم يظهر لاعبوه بأيّ شيء، وحتى وإن كان اللاّعبون الروانديون ظهروا في جلّ أطوار اللّقاء ظلاّ لأنفسهم إلاّ أن هناك حقيقة يجب أن تقال وهي أن لدينا منتخبا وطنيا، منتخبا قويا بملامح الكبار، فليس سهلا أن تفوز على منتخب برباعية كاملة، وهو المنتخب وكما نتذكّر كلّنا أسال لاعبوه قبل ثلاث سنوات من الآن تقريبا العرق البارد بملعب (تشاكر) في الجولة الخامسة وما قبل الأخيرة للتصفيات المزدوجة لكأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا وكأس أمم إفريقيا 2010، حيث تقدّم بهدف وكاد يعقبه هدف آخر. لتنتهي المباراة بثلاثة أهداف لهدف، علما أن الهدف الثالث سجّل في الأنفاس الأخيرة من اللّقاء إثر ضربة جزاء وقّعها اللاّعب كريم زياني، هدف مهّد لنا الطريق لبلوغ اللّقاء الفاصل أمام مصر. خامس فوز على التوالي يعدّ هذا الفوز الخامس على التوالي بالنّسبة للفريق الجزائري تحت قيادة المدرّب وحيد خليلوزيتش، حيث بدأت التشكيلة الوطنية تستعيد خلال إشرافه عليها الفعالية الهجومية وخير دليل على ذلك تمكّنها من تسجيل 13 هدفا وتلقّيها اثنين فقط منذ الهزيمة بمراكش أمام المغرب (0-4) في 4 جوان 2011. ولم يفز الفريق الجزائري منذ مدّة بمثل هذه النتيجة العريضة، وهو ما يمنح لأشبال النّاخب البوسني أكثر ثقة قبل أسبوع فقط عن الاختبار الحقيقي أمام مالي، أحد مرشّحي المجموعة الثامنة حسب خليلوزيتش يوم 10 جوان الجاري بالعاصمة البوركينابية واغادوغو. فوز أكثر من مهمّ صحيح كما سبق الذكر أن منتخب رواندا كان ظلاّ لنفسه في مباراة أوّل أمس، لكن الذي يجب أن يقال هو أن مثل هذه الانتصارات وفي مثل هذه المنافسات تسمح للفريق الوطني بالتقدّم خطوة مهمّة إلى الأمام في درب البحث عن انتزاع لقب المجموعة الثامنة التي تضمّ اضافة إلى المنتخبين الجزائري والرواندي كلاّ من مالي والبنين، وهما المنتخبان اللذان التقيا أمس بكوتونو. كما أن الفوز على رواندا يأتي قبل أسبوع من المواجهة القوية التي تنتظر منتخبنا بالعاصمة البوركينابية واغادوغو، برسم الجولة الثانية من ذات المنافسة، حيث سيحاول زملاء بودبوز العودة بنتيجة إيجابية قد تعبّد الطريق لبلوغ المرحلة الأخيرة. علامة كاملة للمدرّب خليلوزيتش إن الانتصار على منتخب رواندا لم يأت هكذا صدفة، بل جاء نتيجة عمل كبير قام به النّاخب الوطني خليلبوزيتش، فمنذ تعيينه على رأس العارضة الفنّية في خريف العام الماضي بدأت تتّضح ملامح التشكيلة الوطنية. ويكفي هذا المدرّب أنه لم يذق طعم الهزيمة في مبارياته الستّ التي خاضها إلى حدّ الآن، كما يكفيه شرفا أنه أعاد الثقة المفقودة للجمهور الرياضي الجزائري، ويكفيه شرفا أنه أعاد البهجة لبيوت الجزائريين. فالطريقة التي تجاوب معها الجزائريون، سواء داخل بيوتهم من وراء الشاشة أو من على مدرّجات (مصطفى تشاكر) تظهر جليا (عبقرية) المدرّب خليلوزيتش الذي يستحقّ أكثر من علامة كاملة. فألف شكر للمدرّب الذي أعاد الفرحة للجمهور الرياضي الجزائري بعد أن افتقدها عقب الفوز المهين الذي تجرّعه (الخضر) قبل سنة من الآن بملعب مراكش أمام المنتخب المغربي بنتيجة لا تقبل أيّ جدل (4/0)، وبأداء قد لا نشاهده حتى عند لاعبي ما بين الحياء. رباعية أيّام زمان تتكرّر بملعب "تشاكر" ربما منذ أكثر من عشرية كاملة لم يحقّق المنتخب الوطني فوزا عريضا كذلك المحقّق أوّل أمس بملعب (تشاكر) أمام المنتخب الرواندي برباعية كاملة، رباعية ذكّرت جيل الثمانينيات بتلك الرباعيات التي كان يدكّ بها منتخبنا منافسيه. فمن منّا لم يقرأ عن خماسية الجزائر في شباك المغرب بمدينة الدارالبيضاء في إقصائيات أولمبياد موسكو 1980؟ ومن منّا لا يتذكّر سداسية الجزائر في شباك بوركينا فاسو في تصفيات أمم إفريقيا 1984؟ وقبل ذلك من منّا لا يتذكّر رباعية الجزائر في شباك النيجر في تصفيات مونديال إسبانيا 1982؟ وبعدها رباعية وما أحلاها التي هزّ بها شباك (التوانسة) ملعب المنزه بتونس في ذهاب الدور الأخير من مونديال المكسيك 1986؟ فمن قال إن رباعية أيّام زمان لن تعود فقد كذب، فالمنتحبات الكبيرة لا تموت وتبقى كبيرة، ومنتخبنا يبقى كبيرا رغم أنف الأعداء، وما أكثرهم الذين افتقدوا النوم سهرة أوّل أمس، ليس حبّا في الفوز بل كرها في (الرباعية)، وإن شاء اللّه ستتكرّر قريبا، ولِم لا تتكرّر أمام مالي وأمام البنين وغامبيا. فإلى الأمام يا منتخبنا فملايين الجزائريين وراءك، فالمنتخب الذي يملك في صفوفه لاعبين من أمثال بودبوز ومصباح وفيغولي ولحسن والواعد سليمان وسوداني وبقيادة مدرّب محنّك اسمه خليلوزيتش لا يهاب منافسيه.