قال أكاديميون يوم الخميس بالجزائر أن حرق مكتبة جامعة الجزائر في 7 جوان 1962 ونفي الجزائريين إلى كاليدونيا الجديدة في منتصف القرن ال 19 هما من أبشع الجرائم الثقافية التي ارتكبتها فرنسا الإستعمارية في الجزائر. وأكّد السيّد حاشي عمر من قسم علم المكتبات بجامعة الجزائر في ندوة نظّمتها مكتبة جامعة الجزائر حول (الجرائم الثقافية في الجزائرخلال الفترة الاستعمارية: 1830-1962) أن حادثة حرق المكتبة من طرف المنظمة الارهابية للجيش السري (أو.أ.أس) (عملية إجرامية تعادل في بشاعتها عمليات قتل الجزائريين)، مضيفا أن (فرنسا قامت بعمليات مشابهة ومنها حرق المدرسة الوطنية للفنون الجميلة). ومن جهة أخرى، قال المؤرّخ محمد القورصو إن نفي فرنسا الاستعمارية للجزائريين إلى كاليدونيا الجديدة في منتصف القرن ال 19 تعتبر من (الجرائم الثقافية والحضارية غير المرئية المعنوية للمستعمر الفرنسي). واعتبرالمتحدّث أن نفي هؤلاء الجزائريين المقاومين والمنتفضين من بين (جرائم الإبادة) التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية وتناساها التاريخ الوطني، قائلا إن المستعمر قام ب (اجتثاث جيلي وبتحطيم الروابط العائلية وسعى إلى الانفصام الديني والثقافي حتى يضمن ذوبان الهوية الجزائرية لدى هؤلاء ويدمجها في ثقافات هجينة). وأوضح السيّد القورصو أن (فرنسا الاستعمارية عمدت إلى نفي هؤلاء الجزائريين من دون عائلاتهم وأجبروا على الزّواج من مسيحيات، كما أحيطوا بمعالم مسيحية وحرموا من معالمهم الجزائرية وحتى المدرسة فقد اشترط الدخول إليها بتبني الأسماء الفرنسية المسيحية). وأشار المؤرّخ إلى أن هذه السياسة استمرّت حتى العام 1935 لمّا سمح لأبناء هؤلاء المنفيين بتبنّي أسماء آبائهم الأصلية، ومنذ هذا التاريخ -يضيف المتحدّث- بدأ نوع من الإحياء الثقافي لهويتهم الجزائرية، حيث أسسوا الجمعيات والنّوادي وبنوا مسجدا وبدأوا في تنظيم زيارات للجزائر. وختم السيّد القورصو بالقول إن هذه (الحرّية الثقافية) المتأخّرة لم تحقّق مرادها إلى اليوم، حيث أن أبناء هؤلاء المنفيين وأحفادهم (لا يزالوا يعانون من ازدواجيتهم الثقافية). وكانت فرنسا الاستعمارية قد زجّت في المنفى بالمئات من الجزائريين من المناهضين للاستعمار -خصوصا من ولايات الشرق والجنوب الشرقي الجزائري- بعد انتفاضة المقراني عامي 1870 و1871. واختتمت أوّل أمس الأبواب المفتوحة على المكتبة الجامعية لجامعة الجزائر التي انطلقت يوم الأربعاء، حيث أحيت ذكرى مرور50 سنة على حرقها وجاءت تحت شعار (المكتبة الجامعية: 50 سنة من بعد).