في حوار بثته قناة الجزيرة مساء الأربعاء الموافق ل27 من شهر جوان 2012 في برنامج بلا حدود أجراه الصحفي أحمد منصور مع الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي بالعاصمة الفرنسية باريس بدأ فيه مقدمته بالشكوى من غلق السلطات الجزائرية لمكتب قناة الجزيرة في الجزائر ومنعه شخصيا من دخولها بسبب الحوار الذي أجراه مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عندما كان مرشحا للانتخابات الرئاسية الجزائرية سنة 1999... ثم طرح سؤالا يشكك في حصول الجزائر على استقلالها الكامل من الاستعمار الفرنسي حسب زعمه لأنه رغم مرور خمسين سنة على ذلك إلا أن السياسة الجزائرية ظلت تابعة لفرنسا... لكن الدكتور طالب الإبراهيمي وبلباقته المعهودة وذكائه الخارق... أكد له.. خطأ مايزعم. أي أن الشعب الجزائري دفع ضريبة غالية قدرت بمليون ونصف المليون من الشهداء، إضافة إلى ماقبلها من الثورات التي سبقت غرة نوفمبر 1954 بقيادة زعماء المقاومات الجزائرية من أمثال الأمير عبد القادر وبوعمامة والمقراني وفاطمة نسومر وغيرهم، موضحا له أن الشعب الجزائري لايخضع أبدا لسلطة الغير مهما كانت طبيعته والتاريخ شاهد على ذلك حتى على ماحدث قبل الاستعمار الفرنسي... ثم ومن خلال تقييمه لفترات الحكم التي تداول عليها عدة رؤساء منذ الاستقلال إلى يومنا هذا اتهم فيها مرحلة الرئيس بومدين بالاستبداد والدكتاتورية والانغلاق على الحكم والإقصاء وغير ذلك غير أن الدكتور طالب أوقفه عند حده وعدد له إنجازات وإيجابيات فترة الرئيس الراحل هواري بومدين بداية ببناء أسس الدولة القوية والحفاظ على المال العام ومحاربة الفقر وخلق الطبقة المتوسطة من خلال إقرار الاشتراكية كنظام اقتصادي يساهم في توفير العيش الرغيد للطبقة الكادحة...هذا فضلا على اهتمامه بالسياسة الخارجية بمساندة جميع الحركات التحررية في مختلف بقاع وأصقاع العالم في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية دون أن ننسى لب القضايا وجوهرها ألا وهو الصراع العربي الإسرائيلي وبالضبط القضية الفلسطينية غير أن المستضيف حاول العناد وإثبات العكس لكن الضيف أكد له أنه لو أجري استطلاع للرأي حول أي الرؤساء أحب إلى الجزائريين لفاز الرئيس هواري بومدين بالأغلبية الساحقة... فماكان من صحفي الجزيرة إلا أن قال له أعرف ميولك وحبك للرئيس هواري بومدين، فأجابه الضيف وأنا أدرك انحيازك ضده......أما في تقييمه لمرحلة الرئيس الشاذلي بن جديد عدد له الدكتور مزايا هذه المرحلة واهتمام الرئيس فيها بتسوية النزاعات الحدودية مع دول الجوار، كما أنها تعتبر المرحلة التي دخلت فيها الجزائر عهد الديمقراطية والتعددية الحزبية وإجراء انتخابات تشريعية دخلت بعدها الجزائر في حمام من الدم، إذ بلغ عدد ضحاياها ال200 ألف ضحية، ناهيك عن تخريب المنشآت الاقتصادية وغيرها، مضيفا أن 05 أكتوبر 1988يعتبر الربيع الجزائري الذي سبق مايسمى بالربيع العربي الآن في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن وغيرها إلا أن المحاور أبدى تعجبه من ذلك وكأنه لا يوافق ضيفه فيما ذهب إليه من تحليل ولايسره أن تكون الجزائر هي السباقة لذلك لكن مضيفه بين له صدق ذلك بكل هدوء وذكاء خارق... أما فيما يخص المرحلة الحالية مرحلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فتحدث الدكتور عن إيجابياتها في ميدان التنمية وتحقيق الاستقرار والمن والبحبوحة المالية، كما أشار إلى أن لكل فترة إيجابياتها وسلبياتها وأن هذا من طبيعة البشر وأن الكمال إلا لله وحده غير أن المحاور كان يحاول دوما جره للحديث عن السلبيات فما كان من الضيف إلا أن يرد عليه يا أخي لقد تركت بيتي وجئت هنا إلى باريس لنتحدث عن المستقبل وليس الماضي مذكرا إياه لقد تحدثنا عن هذا في حصة سابقة من برنامجك شاهد على العصر أو شاهد على القرن ولاتزال لم تبث أما الآن فدعنا نتحدث عن المستقبل... ولكن الملفت للانتباه هو أن المحاور وخلال طرحه للأسئلة أسقط مرحلة حكم الرئيس اليامين زروال للجزائر ولم يشر إليه ولو بالاسم فقط لسنا ندري هل كان ذلك سهوا أم عن قصد رغم حديثه عن العشرية الحمراء، إذ يعتبر اليامين زروال من الذين هندوسوا للمصالحة الوطنية وأوصلوا الجزائر لبر الأمن والأمان، كما لايخفى على القاصي والداني أنه الرجل الوحيد في العالم الثالث الذي كرس لمبدأ التداول على السلطة عندما تخلى عن الكرسي طواعية وقرر إجراء انتخابات رئاسية مسبقة... غير أن ما لاحضناه من إلحاح المحاور على الضيف بالأسئلة عن العشرية الحمراء محاولا دفعه لاتهام طرف من الأ طراف جعل الدكتور يكرر له نفس العبارة التي وجهها إليه في منتصف الحوار -يا أخي لقد تركت بيتي وجئت هنا إلى باريس لنتحدث عن المستقبل وليس الماضي - ولخص الدكتور حديثه عن المستقبل بتوجيه نصيحة للشباب الجزائري دعاهم فيها للتكاثف والاتحاد والسير إلى التغيير السلمي والهاديء دون وضع الاعتبار للانتماءات الحزبية ووضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، محذرا من المخطط الصهيوني الغربي الهادف إلى تقسيم الأمة الإسلامية ونشر البلابل والفتن فيها وإثارة المشاكل والقلاقل بين كل أبناء الأمة من خلال عزفهم على وتر الخلاف السني الشيعي والذي لمسنا نتائجه في العراق ولبنان ثم في سوريا الآن والبحرين وغيرها من الدول الإسلامية... والشيء الغريب جدا هو ماقاله صاحب برنامج بلاحدود عن الشباب الجزائري أي أن هناك صحيفة أو جريدة لسنا ندري من تكون هذه الصحيفة ومن أي بلد لم يذكرها أحمد منصور، حيث قال إنها أجرت استطلاعا للرأي في أوساط الشباب الجزائري بين بقائهم في الجزائر والالتحاق بفرنسا أثبتت نتائجه أن 80 بالمئة من هؤلاء الشباب يفضلون الالتحاق بفرنسا لسنا ندري مالهدف من هذه العبارة غيرأن أحمد منصور كشف لنا عن شيء هو أن هذه القناة لاتحب الخير فعلا للجزائريين، إذ أننا نراها دوما تسارع إلى بث السوء عن الجزائر وتتغاضى عن الأحسن من حيث الأخبار أو الحصص والأمثلة على ذلك كثيرة جدا ولاحصر لها، لكن مالمسناه من خلال هذا الحوار أن أحمد منصور هذه المرة وقع اختياره على رجل ذكي ومثقف ووطني لم يفوت له الفرصة حتى ينشر السموم ويبث المثالب بل قام أكثر من مرة بتنبيهه وثنيه وتحاشي الإجابة عن أسئلته المفخخة بطريقة لبقة وحضرية... فألف شكر لك للدكتور طالب الإبراهيمي على هذا الحوار الرائع والشيق نتمنى أن تبث الجزيرة أيضا حصة شاهد على القرن مع نفس الصحفي أحمد منصور لنطلع على ما تخفيه من مفاجآت.... * إعلامي جزائري