الكثير منا قد يجهل هوية صاحب الرقم القياسي لعدد الأهداف في موسم واحد؟ صحيفة (أخبار اليوم) ستجيب عن هذا السؤال من خلال سرد المسيرة الكاملة لحياة صاحب الرقم القياسي، فحتى وإن أمضى على توقيعه ل36 هدفا حوالي ربع قرن، إلا أن رقمه لا يزال شامخا كشموخ كبال الأوراس وجرجرة والشريعة. إنه باختصار خريج فريق شباب بلوزداد، ناصر بويش، وقبل الحديث عن المسيرة الكروية لهذا اللاعب، لعل البعض قد تساءل ذات يوم عن علاقة القرابة بينه وبين اللاعب السابق لمولودية العاصمة ناصر بويش، كونهما يحملان نفس اللقب، ولا نقول الاسم (لا علاقة قرابة بين الاثنين)، وهو ما أكده لي شخصيا ناصر بويش. ولد بالعاصمة وداعب حي الكرة بحي العقيبة ولد ناصر بويش بالجزائر العاصمة، وهو من عائلة رياضية فجل أفراد وأقارب عائلته وأسرته مارسوا الكرة، لكن لم يمارسونها في فرق كبيرة على غرار الابن ناصر الذي ظهرت موهبته منذ أن نطق ذات يوم وهو في سن الثانية من العمر باسم كرة ( ballon ) وهو في سن مبكرة كان الصبي ناصر يداعب الكرة بقدميه الصغيرتين، ومع مرور الأيام والأسابيع راح يمارسها برأسه وقدميه، فكان شغوفا بلعب الكرة، بين أرجاء البيت، فكثيرا ما سبب إزعاجا لوالدته كونه كان لا يرضى إلا بقذف الكرة في كل اتجاه، فكم مرة كسر نوافذ المنزل. قبل بلوغه سن الثانية عشر، تجلت موهبة ناصر بويش أكثر فأكثر مع الكرة، وذلك في فريق المدرسة التي كان يتابع فيها دراسته، فكان يجيد تسجيل الأهداف من كل الاتجاهات إلى درجة انه يحكى على ناصر بويش أنه كان يسجل ضربات الجزاء من الخلف، إما بقدميه ورأسه فحدث ولا حرج، إلى درجة أنه وقع في لقاء واحد 11 هدفا، حتى طلب منه زملاؤه الكف عن التسجيل. ناصر بويش في شباب بلوزداد بعد أن ذاع صيت اسم ناصر بويش خارج حيه وخارج المدرسة التي كان يتابع فيها دراسته، انضم إلى فريق شباب بلوزداد وهذا في صنف الأصاغر وعمره لا يتعدى الثانية عشر، وهو الفريق الذي واجد فيه راحته، خاصة وأنه كان يحلم أن يلعب بحجم ملعب 20 أوت أو بولوغين أو أول نوفمبر بالحراش، وفعلا راح الشبل ناصر بويش يبدع بطريقته الخاصة كرأس حربة، فرغم صغر سنه وبنيته الفورمولوجية، إلا أن هذا لم يشكل عائقا لابن الثانية عشر. إعجاب المدرب بسطوط باللاعب ناصر بويش، ساهم في تألقه وبروزه أكثر فأكثر، فكان بسطوط يمده بالنصائح ومما كان يقول له: اسمع يا ناصر ستصبح لاعبا كبيرا، فاسمع نصائحي. (تزامن تألق ناصر بويش مع أصاغر شباب بلوزداد مع تتويج أكابر الفريق بكأس الجزائر عام 1975 بضربات الجزاء على اتحاد العاصمة، وهو التتويج الذي كان له التأثير الكبير في مسيرة الفتى ناصر بويش، خاصة بعد أن حضر الحفل الذي أقامته إدارة النادي على شرف لاعبي الأكابر المتوجين بقيادة مصطفى كويسى والراحل بن ميلودي والحارس العام وغيرهم من نجوم الشباب الذين حملوا الكأس الجزائرية الغالية من أيدي المرحوم هواري بومدين. بويش في شبيبة القبائل في موسم 1982 - 1983 فاجأ ناصر بويش محبي الشباب بتغيير وجهته نحو شبيبة القبائل، وكان وراء انتقاله إلى فريق الكناري للمدرب خالف محيي الدين الذي كان حينها يشرف على تدريب المنتخب الوطني، لم يجد ناصر بويش أدنى صعوبة في التأقلم مع فريق شبيبة القبائل كونه الذي استقدمه إلى هذا الفريق هو خالف محيي الدين فكان من البديهي أن يعامله هذا الأخير معاملة الأب لابنه، فكان بمثابة الولد المطيع لوالده. خاض ناصر بويش أول لقاء له مع تشكيلة شبيبة القبائل بملعب أول نوفمبر بالحراش أمام فريق (الكواسر) وانتهى اللقاء بالتعادل دون أهداف، لكن البداية الحقيقية لناصر بويش كانت أمام مولودية وهران بملعب أول نوفمبر بتيزي وزو، وهو اللقاء الذي أبدع فيه ناصر وسجل هدفين من بين الأهداف الخمسة التي هز بها لاعبو الشبيبة عرين حارس الحمراوة بشير سبع. لقاء الحمراوة بالنسبة لناصر بويش كان بداية المجد والتألق، فسرعان ما تم استدعاؤه إلى الفريق الوطني للأكابر الذي كان يحضر إلى اولمبياد لوس أنجلس، لكن لعنة الإصابة حرمته من لعب اللقاء الفاصل أمام المنتخب المصرية بملعب 5 جويلية الذي انتهى بالتعادل السلبي. ناصر وموسم الحصار انتظر عشاق شبيبة القبائل ثلاث سنوات كاملة ليقفوا وقفة واحدة خلف القادم من شباب بلوزداد ناصر بويش، كان ذلك في موسم 1985 - 1986، وهو الموسم الذي يعد الأحسن والأجمل في المسيرة الرياضية لناصر بويش، حيث نال كل شيء كأس الجزائر بعد تغلب الشبيبة على وفاق القل بهدف دون رد، وقع علي فرقاني في الأنفاس الأخيرة من اللقاء، بعد كرة قدمها له ناصر بويش، وقبل التتويج بالكأس وهي الأولى والأخيرة التي فاز بها ناصر بويش خلال مسيرته الكروية كان قد توج بلقبين لقب البطولة الوطنية، حيث تقدمت الشبيبة بفارق 18 نقطة كاملة عن فريق المصرية، كما توج ناصر بويش بلقب أحسن هداف للبطولة وبأي رقم 36 هدفا، وهو رقم قياسي لم يسبق وأن سجله أي لاعب قبله أو بعده، حيث لا يزال قياسيا ومن الصعب إن لم نقل من المستحيل تحطيمه مع الجيل الحالي للمهاجمين. كما أن هذا الموسم سجل فيه ناصر بويش رقما قياسيا من حيث عدد الأهداف في لقاء واحد، كان ذلك في مرمى أمل عين مليلة، حيث هز شباك هذا الأخير بخمس أهداف كاملة وهو رقم لم يسجل بعد. سبع مواسم في الشبيبة نال فيها كل شيء دام بقاء ناصر بويش في شبيبة القبائل سبع مواسم كاملة من عام 1983 إلى غاية 1990، سبع مواسم نال فيها كل شيء خمس بطولات وطنية، وكأس الجزائر وكأس إفريقيا للأندية البطلة، وكأس الإفريقية الممتازة. كما حاز على خمس مرات متتالية على أحسن هداف لبطولة الوطنية، وهذه أرقام لم يسجلها أي لاعب لحد الآن في فريق الشبيبة. ناصر بويش ونظرا لما كان يفعله بحراس المرمى، كونه كان يهز شباكهم بكل سهولة كما يحلو له، كان هؤلاء يهابونه ويخشون مواجهته، فلا يوجد حارس مرمى صمد أمامه حتى الحراس الكبار أمثال مهدي سرباح وياسين بن طلعة وكمال غفار وبشير سبع الكل هز شباكهم بعضهم بثلاثية والبعض الآخر بالرباعية. ناصر ومسيرته مع الخضر شارك ناصر بويش مع المنتخب الوطني في أربع نهائيات أممية، الأولى في كوت ديفوار عام 1984 والمشاركة الثانية كان بمصر عام 1986 وفيها أقصي المنتخب الوطني في الدور الأول، أما الدورة الثالثة التي شارك فيها بويش فكانت عام 1990 بالجزائر وهي الدورة التي حاز فيها المنتخب وبويش على الكأس الأولى والأخيرة، قبل ذلك بأربع سنوات كان ناصر بويش قد شارك في مونديال المكسيك عام 1986، لكنه لم يلعب أي لقاء. أما آخر دورة إفريقية شارك فيها ناصر بويش مع المنتخب الوطني فكانت بالسنغال عام 1992، وهي الدورة التي سجل فيها منتخبنا الوطني مهزلة سميت بزيغنشور نسبة إلى المدينة التي لعب فيها منتخبنا الوطني مناورتيه ضد كوت ديفوار والكونغو، ليعتزل بعدها نصر بويش اللعب دوليا إلى جانب نخبة من اللاعبين الجزائريين الكبار أمثال ماجر وعماني ومغارية والحارس عصماني. بويش في بلد "البترودولار" ثم فرنسا والاعتزال بالمجر بعد نهاية موسم 1989 - 1990 قرر ناصر بويش مغادرة عش الكناري، ليحط رحله في بلد البترو دولار الخليج، حيث لعب لفريق العربي القطري، وهو نفس الفريق الذي لعب له بعد سنتين من بعد اللاعب رابح ماجر، ليفوز بلقب أحسن هداف للبطولة القطرية، كما نال كاس ولي العهد، وقد ساهم ناصر بويش إلى حد كبير في تتويج فريق العربي، الأمر الذي مكنه من لوج عالم الاحتراف بفرنسا، حيث أمضى في الموسم الموالي عقد احترافي من نادي ريد ستار، إلى جانب اليوغسلافي الشهير سوزيتش والدولي البلغاري روديونوف، وقد دام بقاء ناصر بويش في هذا الفريق ثلاثة مواسم كاملة، توج مرتين متتاليتين بلقب أحسن هداف للفريق ومرة واحدة أحسن هداف للدوري الفرنسي للدرجة الثانية، لكن وكما يقال (بقاء الحال من المحال)، حيث قرر في موسم 1993 - 1994 شد رحله إلى أوروبا الشرقية، حيث لعب لأحد الفرق التابعة للعاصمة بودابست، ليعلن في الموسم الموالي اعتزاله الرسمي لكرة القدم، وهو في عز عطائه رافضا العودة إلى الملاعب، بعد أن قضى أكثر من 20 سنة فوق المستطيل الأخضر نال فيها كل شي. وفاء أبدي إلى المستطيل الأخضر حتى وإن اعتزل ناصر بويش كرة القدم منذ أكثر من عشر سنوات، إلا أنه لا يزال يداعب الكرة في المقابلات الحبية والخيرية، والاعتزالية، بويش يترأس جمعية اللاعبين الجزائريين الدوليين السابقين، تلكم باختصار المسيرة الكاملة لناصر بويش.