المتجول عبر شوارع وأزقة وأحياء ولاية الجلفة، أول ما يلفت انتباهه تلك الأسماء والعبارات التي كتبت على المحلات التجارية المتناثرة، والتي تترجم تعلق البعض بها، لحاجة في نفوس أصحابها، فهي بكل تأكيد تحكي حالات نفسية وعلاقات عاطفية لم ينهها فارق الزمن، ولا كبر السن، فقد تنوعت بتنوع الأحداث والأزمنة. العزة والكرامة الأكثر انتشارا عند دخولك حي "الضاية" الشعبي من الجهة الشرقية، أول ما يلفت نظرك تلك اللافتة الموجودة فوق باب محل المواد الغذائية والتي كتب عليها "العزة والكرامة للمواد الغذائية" وعند دخولك تجد "عمي صالح" وهو شيخ كبير، سألناه عن سر التسمية فقال"في الوقت الذي فقدنا فيه عزتنا وكرامتنا في الداخل والخارج، وأصبحنا نستحي أن نقول نحن جزائريون، جاءنا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأعاد لنا الأمل، ومنذ ذلك اليوم وأنا أحس بأنني شخصيا في بلد العزة والكرامة ووضعت هذه اللافتة لأنظر إليها في كل صباح"، وغير بعيد عن عمي صالح، وببضع خطوات فقط توجد "مكتبة العزة" وهي عبارة عن محل صغير تباع فيه الأدوات المدرسية فقط، أما عن سر التسمية فقال حميد "رغم أنني لا أفقه في السياسة، لكن شعار الرئيس بوتفليقة في حملته الانتخابية جعلني أتمسك بهذه العبارة وحاولت تجسيدها في اللافتة التي تلاحظون". سر" أشواق" ووفاء "نبيل" الأكيد أن أسماء النساء الموجود بلافتات المحلات التجارية تخفي الكثير من الحكايات السعيدة منها والمؤلمة، وارتأينا في موضوعنا هذا أن نسلط الضوء على" أشواق" و"نبيل"، والحكاية كما قصها علينا نبيل "عند مزاولتي الدراسة بالثانوية تعرفت على فتاة أسمها "أشواق" والدها إطار بإحدى المديريات، ربطنا علاقة عاطفية صادقة، لتأتي اللحظة المشؤومة، حيث تم تحويل والدها إلى ولاية أخرى ومنذ ذلك الحين لا أعرف عنها أي خبر، فانقطعت عن الدراسة ودخلت عالم التجارة، وأول ما فتحت محلا تجاريا وضعت تلك اللافتة "أشواق للتصوير"، لأتذكر تلك الأيام السعيدة. منشد الشارقة بالجلفة عند تجولنا بوسط مدينة الجلفة وبالقرب من السوق المغطى جلب انتباهَنا لافتة ٌ كبيرة كُتب عليها "الشارقة للأشرطة" وعند دخولنا عرفنا بأن المحل خاص ببيع أشرطة الأناشيد، ووجدنا بداخله طفلا صغيرا، سألناه عن صاحب المحل، فذهب لإحضاره، وعند مقابلته لنا سألناه عن عنوان اللافتة فقال "أنا في الحقيقة مولع بالأناشيد الإسلامية وتابعت باهتمام بالغ برنامج منشد الشارقة 2، وأعجبت به كثيرا، وعند فتحي للمحل اخترت هذا الاسم تيمنا بهذا البرنامج الرائع. "الجزيرة" تنافس "العربية" "الجزيرة للأدوات الحديدية والخردوات" هذه العبارة كتبت بالمحل التجاري الخاص ببيع الأدوات الحديدية والخردوات، بحي "بوتريفيس" طريق بوسعادة، وفي دردشة خفيفة مع "عمي الصادق" أكد لنا أن مدمن على مشاهدة قناة "الجزيرة"، ومن شدة إدمانه وضع جهاز تلفاز بالمحل لمشاهدة قناته المفضلة طوال ساعات العمل، مع مواصلة متابعتها ببيته في تلفازه الخاص الموضوع في غرفته. ول "سندريلا" مكانها بين المحلات لعل المار بالطريق الرئيسي الرابط بين حي الوئام و حي 5 جويلية تجلب انتباهه تلك اللافتة الكبيرة والمضيئة، لمحل خاص بالأحذية النسائية حيث كتب عليها "سندريلا للأحذية عند أمين" وعند دخولنا المحل سألنا عن صاحبه، فقيل لنا أنه غير موجود وهو الآن بإحدى الولايات الجنوبية لأداء الخدمة الوطنية، أما عن سر هذه التسمية فإن ابن أخته "طارق" الذي يشرف على تسيير المحل لا يعلم عنها شيئا. الفلوجة والقدس هذه عينة لبعض الأسماء التي وضعها أصحابها على اللافتات بمحلاتهم، منها ما يخفي قصة حقيقية ومنها ما جاء هكذا صدفة، وتبقى محلاتنا التجارية، تزينها تلك الأسماء، ك "الياسمين" و "الفضيلة" و"الصداقة" و"الوفاء" و"الفردوس" و"الأمل" و"المحبة" و"الأمانة" و"الثقة" وانتهاء بمحلات مدينة مسعد التي اختارت لها أسماء مثل "الفلوجة "و"القدس" تعايش نفسيات متعددة تجسدها تلك العبارات واللافتات الموضوعة التي تعكس ربما حقيقة التعامل بين البائع والزبون في انتظار أسماء أخرى مثل "باب الحارة" وغيرها.