بات الكثير من المقبلين على الزواج، يفضلون الاستقلال عن بيت العائلة، ويختارون السكن بمفردهم، وهذا من أجل أن ينعموا بالحرية التي سيفقدونها إذا ما سكنوا ببيت العائلة، رفقة آبائهم وإخوتهم، وإذا كان العيش بحرية تامة، هو السبب وراء اتخاذهم لمثل هذا القرار، إلا أن السر الحقيقي وراءه، هو للحد أو للهروب من الصراعات المحتدمة بين الحماة والكنة، أو بين الكنة وأخوات العريس.. الخ، من المشاكل التي من الممكن أن تقع بين أفراد العائلة الواحدة، والتي يكون أثرها صعبا، بحيث تتسبب في كثير من الأحيان في قطع الصلة بينهم، وعليه فضل الكثيرون اتخاذ هذه الخطوة، وهذا من أجل الحفاظ على صلة الأرحام والقرابة، والحد من المشاكل والصراعات التي تنشب بينهم. غير أن أسعار السكنات في الجزائر، حالت دون تحقيق ذلك، وزادت من تعقيد الوضع أكثر، حتى أصبح الكثيرون يعدلون عن قرار الزواج، إلى حين توفير مسكن الزوجية، وهذا بسبب الأسعار الخيالية للشقق في الجزائر، والتي أصبحت تفوق المليار سنتيم، غير أن البعض لجأ إلى الكراء كحل مؤقت، إلا أن الكراء بدوره يتطلب مبالغ مالية كبيرة تفوق القدرة المالية للكثير من الموظفين، ما يُبقي المشكل مطروحا، وهذا نظرا للغلاء الذي يشهده سوق العقار في الجزائر. وفي هذا الشأن، التقينا ببعض الشباب المقبلين على الزواج، حيث جمعنا معهم حديث حول هذا الموضوع، أين أجمع أغلبهم ورحب بفكرة الاستقلال عن العائلة، والسكن بمفردهم، إذ يقول إسماعيل البالغ من العمر 32 سنة، بأنه في صدد البحث عن شقة لكرائها، ولو كانت بغرفة ومطبخ فقط، وهذا من أجل تحقيق حلمه في الزواج، والارتباط بفتاة أحلامه، التي رفضت السكن في بيت أهله، نظرا لحجم المشاكل التي يعانون منها مع زوجة أخيه الآخر، وهو ما جعله يتخذ هذا القرار، فالبرغم من امتلاكه لغرفة خاصة في بيت أهله، إلا أنه فضل المغامرة بكراء بيت صغير، يكفيه وزوجته، إلى حين ينتهي من جمع المبلغ المالي الكافي لشراء شقة تكون باسمه هو. ليضيف محمد بأنه يبحث عن شقة منذ ثلاثة أشهر كاملة، إلا أنه لم يجد ما يليق به، لأن كل السكنات لا يقل ثمن كرائها عن 20 ألف دينار، وهو المبلغ الذي لا يستطيع دفعه، لأنه بكل بساطة يفوق راتبه الشهري، ليعقب قائلا، برغم كون خطيبته امرأة عاملة، ووافقت على مساعدته في دفع تكاليف الكراء، إلا أنهما لم يستطيعا بعد جمع المبلغ الذي طلبه صاحب البيت، فلكل واحد منهما مصاريف خارجية، خاصة وأن تكاليف العرس وجهاز العروس باتت جد مكلفة من الماضي. ولما سألناه عن سبب اتخاذه لهذا القرار، أجابنا بأن زوجته محجبة، ولا يريد أن يراها أحد آخر بدون حجاب، حتى وإن كانوا إخوته، لذلك فضل المجازفة والسكن بمفرده، لكي لا يقيد حرية زوجته في البيت. من جهته، يقول رابح الذي سيتزوج بعد انقضاء شهر رمضان الكريم، بأنه قطع رحلة شاقة من أجل البحث عن شقة للكراء، إلا أنه اصطدم بواقع الأسعار المر، حيث تصل أسعار الشقق المكونة من غرفتين إلى 30 ألف دج، في حين أن كراء الشقق المتكونة من غرفة واحدة ومطبخ وحمام، يصل إلى حوالي 20 ألف دج، جعله يعيد النظر في قراره، ويختار العودة إلى بيت أهله، خاصة وأنه الابن الوحيد للعائلة، ولديه أختان فقط، واحدة منهما تزوجت، والأخرى ستتزوج مباشرة بعده، ما يعني أن البيت سيكون خاليا، وهو ما يمكِّنه من الاستفادة من بعض الحرية، أما المال الذي كان سيخسره في كراء هذا البيت أو ذاك، فسيحاول استثماره في شيء آخر، وربما سيضيف عليه، ويقوم بشراء بيت خاص به.