خمسة عشر مخرجاً سينمائياً مصريا رفعوا راياتهم على شاشة التلفزيون هذا العام، في ما يشبه احتلالاً سينمائياً للأعمال الدرامية، فهل يمكن اعتبار هذه الظاهرة هجرة موقتة نظراً إلى العثرات التي تعانيها السينما المصرية، أم أننا أمام احتلال دائم؟ يخوض بعض المخرجين أولى تجاربهم في الدراما التلفزيونية مثل: سعد هنداوي، خالد مرعي، أحمد فهمي عبد الظاهر، كاملة أبو ذكري، أحمد نادر جلال، إضافة إلى مخرجين حققوا نجاحاً في الأعوام السابقة مثل سمير سيف، نادر جلال، سميح النقاش، خالد الحجر، وعمر عبد العزيز... يبارك الفنان آسر ياسين هجرة مخرجي السينما إلى التلفزيون عازياً السبب إلى معاناة السينما من ضعف الإنتاج، بدليل قلة الأفلام سنوياً مقارنة بسنوات سابقة، قلة الأفكار التي لا يجد معها المخرج متنفساً في التعبير عن فكرته، لأن مدة الفيلم أقل من مدة المسلسل التلفزيوني الذي يتيح له إخراج طاقته وموهبته الإبداعية، ما يفسّر إقبال مخرجي السينما على التلفزيون، خصوصاً مع حماسة شركات الإنتاج للتصوير بطريقة السينما. يعرب آسر عن سعادته بعمله مع المخرج خالد الحجر في (البلطجي)، مؤكداً أن المسلسل متميز إخراجياً ومتسائلاً: لماذا يخشى الناس المنافسة التي تكون في مصلحة العمل الجيد؟ تصوير سينمائي يرى المخرج سمير سيف أن تقسيم المخرجين إلى سينما وتلفزيون مسألة غير مقبولة، (فالأهم هو ماذا يقدم المخرج للعمل الذي يتولاه)، ضارباً المثل بالتطوير الذي أحدثه مخرجون سينمائيون في الدراما التلفزيونية بعد اقتحامهم لها، فباتت ب(طعم) السينما على حد توصيف البعض. ويضيف سمير سيف أن الدراما التلفزيونية أصبحت أقرب إلى الأفلام السينمائية، تحديداً في ما يتعلق بالإيقاع والتصوير، إذ يشارك في تصويرها مديرو التصوير في السينما، كذلك الأمر بالنسبة إلى المونتاج والمكساج، (كلها لمسات أضافت إلى الدراما وساعدت على إنجاحها، ما مكنها من منافسة الدراما السورية والتركية)، لذا يرحب بأن يعمل مخرجو التلفزيون في السينما إن أرادوا. المخرج نادر جلال الذي ترك السينما منذ فترة طويلة وشد الرحال إلى الدراما التلفزيونية يرفض تصنيف المخرجين إلى سينمائيين وتلفزيونيين، موضحاً أن السبب في انتقاله إلى التلفزيون يرجع إلى اقتصار السينما على موضوعات دون غيرها وأسماء بعينها، بينما فتحت الدراما التلفزيونية سقف الحرية ولم تعد مقيدة بأسماء أو بموضوعات. يعتبر جلال التلفزيون مثل بيته، لذلك ينتابه حزن وأسى عندما يُتهم مخرجو السينما باحتلال الدراما التلفزيونية وانتزاع حق زملائهم التلفزيونيين في إخراج المسلسلات والتسبب في بطالة الكثير منهم. تراكم خبرات يطالب المخرج التلفزيوني إسماعيل عبد الحافظ بعدم المبالغة في الحكم على تجربة السينمائيين في إخراج المسلسلات بالنجاح، مشيراً إلى أن نتائج عملهم كانت محمودة لغاية اليوم، ناصحاً هؤلاء الشباب بعدم التسرع، (لأن الطائر الذي لا يجيد الطيران بحرفية، يكون مصيره السقوط مع أول مطب هوائي يصطدم به)، على حد قوله. كذلك يطالب بعدم إنكار جميل الجيل القديم من مخرجي الدراما التلفزيونية الذين صنعوا مجدها، لأنهم السبب في ما وصل إليه المخرجون الجدد، هؤلاء استلهموا النجاح عبر تراكم الخبرات التي انتقلت إليهم بحكم وجودهم مع مخرجين كبار. يضيف أن جيل المخرجين الشباب حظه أفضل من الجيل الذي سبقه، بفضل الفضائيات التي تنشر الأعمال الفنية وتكثف العرض، إضافة إلى التسهيلات التقنية والإلكترونية.