النية شرط في الصيام، والنية في الفقه غيرها في التصوف والسلوك، فالأولى: عزم القلب على الصيام (أي نية العبادة) والثانية: إرادة ما عند الله بهذه العبادة- وهو الإخلاص- وكلاهما مطلوب من الصائم ففوات الأولى لا يكون معه صيام، وفوات الثانية لا يكون معه ثواب وإن تحققت الأولى. والذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أن من لم يستطع أن يوقن بأن غدا من رمضان أم لا-كمن ينام قبل ظهور الهلال- فإنه يكفيه أن ينوي أنه صائم غدا إذا كان غدا من رمضان وإن لم يكن من رمضان فهو مفطر. وتهيئة السحور نية، والتلفظ غير مطلوب. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن النية تحصل ضرورة لمن علم أن غدا من رمضان وهو يريد الصوم، ومعنى حصولها ضرورة أنها ليست شيئا أكثر من أن تعلم أن غدا من رمضان وأنت تريد الصوم، وكل المسلمين الذين يصومون يفعلون ذلك، وليس مطلوبا منهم أكثر من ذلك. والنية قبل الفجر مطلوبة في صيام (رمضان والنذور والكفارات وقضاء رمضان، وكل صيام واجب) ولا تصلح النية في هذه الأنواع بعد الفجر. والنية في النافلة أوسع منها في الواجب، فللشخص أن ينوي صيام النافلة حتى الظهر، وزاد بعضهم حتى وسط النهار، ولكن الجزء الذي قبل النية لا ثواب فيه. وقول الإنسان: سأصوم إن لم أجد في بيتي إفطارا جائز على ما حققه بعض الشافعية. واختلف العلماء هل رفض نية الصيام يبطل الصيام أم لا، وذهب غير واحد إلى أن رفض هذه النية لا يبطل الصيام، ولكن هذا من ناحية الإبطال والإفساد. وأما من ناحية الأجر فالحديث واضح أنه (وإنما لكل امريء ما نوى) وهذا لم ينو الصيام فكيف يؤجر؟ والجمع بين نيتين واجبتين عبث( كمن يصوم يوما واحدا ينوي به قضاء ووفاء لنذر- وبعض الفقهاء يبطل الصيام بهذه النية، وبعضهم يصرفها لأقوى النيتين. والجمع بين صيام النافلة والواجب- مثل صيام قضاء رمضان مع نية نافلة شوال- محل خلاف بين العلماء، والأولى ترك ذلك.