تشهد الحركة داخل الأسواق والمحلات التجارية بالجلفة هذه الأيام الأخيرة مع بداية العد التنازلي لحلول عيد الفطر المبارك إقبالا كبيرا من الزبائن لشراء كسوة العيد لأبنائهم، فبعد (القفة) والمطبخ تحول اليوم اهتمام الجزائريين بصفة عامة والجلفاويين بصفة خاصة نحو إرضاء شهوات أطفالهم من لباس جديد وحلويات لرسم الابتسامة على وجوههم في ظل شهر صيام ساخن ارتفعت أسعاره واستنزفت بذلك جيوب العائلات ذات الدخل المحدود. هذا وقد قامت (أخبار اليوم) بجولة استطلاعية بعد الإفطار قادتها إلى المحلات والفضاءات التجارية الكبرى والتقت متسوقين ورصدت أسعار الملابس المعروضة والتي تطاير منها اللهب الحارق مما جعل الكثيرين أو الغالب الأعم من الناس غير قادرين على دخول السوق وشراء احتياجاتهم ومستلزمات العيد، فبات الكثيرون وكأنهم يحاكون المتنبي في قوله: عيد بأية حال عدت يا عيد؟ هذا واصطدم الآباء جراء هذا الارتفاع الجنوني خاصة ما تعلق بملابس الأطفال التي سجلت أعلى المستويات وهذا ما وقفنا عليه في محلات شارع (محمد بوضياف) بوسط مدينة الجلفة التي اكتظت عن آخرها بالزبائن سيما الخاصة بملابس الأطفال، أين أكد لنا أحد الآباء أنهم وجدوا أنفسهم مقيدين ومحاصرين ما بين رسم الفرحة على وجه أطفالهم في العيد أو تركهم يواجهون الأمر الواقع الذي فُرِض عليهم ليتعايشوا معه بأي شكل من الأشكال، وقد نقلنا خلال جولتنا التي قادتنا لمختلف أسواق الجلفة معاناة العائلات الجلفاوية جراء غلاء الأسعار، فسعر لباس وحذاء لطفل واحد لا يتجاوز سنه 7 سنوات وصل في بعض المحلات إلى 6000 دج أو حتى 7000 دينار، أما أسعار السراويل الخاصة بالأطفال من 1500 دج إلى 2400 دج ويحدد الثمن حسب النوعية والبلد المستورد منه، في حين تراوح ثمن الفساتين للبنات الصغار ما بين 1500دج و3000دج، في حين تراوحت أثمان سراويل الرجال بين 2000 دج إلى 3200 دج، أما الأحذية فهي الأخرى عرفت ارتفاعا في الأسعار فقد اختلفت حسب النوعية والبلد المستورد منه وتراوح ثمنها بين 1200 دج إلى 3000 دج وهو ارتفاع مبالغ فيه حسب ما ذكره أحد الشباب الذي التقيناه بإحدى المحلات التجارية بوسط المدينة، كما قال (عيسى) الذي التقيناه بإحدى المحلات التجارية المتواجدة بمدينة حاسي بحبح: (إذا كان الواحد راتبه 20 ألف دج و عنده خمسة أولاد كيف يعمل؟ وأضاف هذا حالي ولا أستطيع شراء ملابس العيد، ناهيك عن خدمات الماء والكهرباء، أمّا المكيف الهوائي فيقول فلا أبلغ درجة امتلاكه أصلاً، مضيفا بمرارة: يا ابني عندي خمسة أولاد من بينهم اثنان تخرجا ولكن دون أي وظيفة تذكر، مؤكدا أنه يكفيه إذا وفر لأولاده لقمة العيش الضرورية ولكن يقول نشتكي لمن؟)، نفس الأمر عبرت عنه ربة بيت التقيناها في أروقة أحد المراكز التجارية بعاصمة الولاية صُحبة ابنتها (شهرزاد) قائلة: (جئتُ اليوم خصيصًا لشراء حذاء لصغيرتي لكنني عدلت عن ذلك بسبب الأسعار الخيالية التي وجدتها في مجموع هذه المحلات وقد سبق أن زرتُ هذه الأسواق لكن تقول إنها لم تجد شيئا يناسبها حسب ما تملكه من أموال و اكتفت فقط بشراء الشيفون على حد قولها، مؤكدة أنّ ظروفها المادية محدودة، حيث أشارت إلى أنّ زوجها هو المصدر الوحيد للمال بالبيت، كما أنه يتحصل على راتب لا يتعدى 20 ألف دج، وأضافت محدثتنا: (يد وحدة ما تصفق) وحتى (مصاريف رمضان) استنزفت جيوبنا فما بالك بلباس أسعاره خيالية، مشيرة إلى أن ّالتجار أضحوا مصاصي دماء لا يهمهم إلاّ الكسب دون الشعور بالقدرة الشرائية للمشتري، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ الاستياء والتذمر لم يكن حكرا على الزبائن فقط بل سيطر أيضا على أغلبية الباعة داخل المحلات والمراكز التجارية، وهو ما أكده (مراد) بائع بإحدى محلات بيع الألبسة والأحذية، حيث أكد أنّ محله يزوره العشرات من الشباب كل ليلة يتزاحمون ويتدافعون في أروقة المحل إلاّ أنهم كما يؤكد يعزفون عن الشراء، ويقول بائع آخر: (إنّ الكثير من الناس الذين يأتون للمحل يكتفون بمشاهدة الملابس أو قياسها دون شرائها ثم يمرون في حال سبيلهم، لأنهم _حسبه- أصبحوا عاجزين عن شراء حتى سروال، فما بلك بالألبسة الأخرى في ظل الأسعار المرتفعة والتعجيزية التي أرجعها إلى الأوضاع الأمنية المتدنية التي تشهدها سوريا باعتبارها كانت قبلة لاستيراد الألبسة، من تركيا وفرنسا وليبيا أيضا بهدف إدخالها لأراضي الوطن، ورغم ارتفاع الأسعار وضيق ذات اليد، فإنّ المحلات التجارية بولاية الجلفة ازدادت اكتظاظا خلال هذه الأيام، فهذا (علي) موظف بإحدى الإدارات خاصة وأنه جاء خصيصا من ولاية ورقلة لقضاء أيام شهر الصيام يقول: (نحن نعيش العديد من الضغوطات، فبعد شهر رمضان الذي لم ينته بعد ومصاريفه كثيرة ولا تزال متواصلة، يأتي عيد الفطر ويفرض عليك توفير ملابس الأطفال، لكن كيف لي أن أوفق في ذلك مع أسعار مماثلة، لقد ابتعدت عن منطقة سكناي ظنا مني أنني سأجد (الرفق) في ولاية الجلفة لكنني اكتشفت أنّ (المعقول) قد تركته في أروقة ولايتي، أسعار مرتفعة مع غياب الرقابة، مواد غذائية من خضر وفواكه أسعارها حدث ولا حرج، الكيلوغرام من اللحوم الحمراء ب 1100 دج، والسلطة ب 60 دج! متسائلا أين يكمن الحل، هل الزوالي اليوم وجب أن يبيع أحد أعضائه ليوفق في كل هذا، أم عليه أن يخيّط (شكارة ويلبّسها لصغارو)، يقول (الله يستر) ، و عن أسباب الغلاء الفاحش الذي تشهده الملابس هذه السنة فقد أكد أحد التجار ل (أخبار اليوم) أنه راجع إلى تحكم المستوردين في السوق مما يجعلهم إما يرفعون في سعرها أو يخفضونها حسب أسلوب العرض والطلب، مضيفا أنّ دور الباعة بالتجزئة يقتصر على إيصال السلعة للزبون كما يبذلون قصارى جهدهم من أجل بيعها بسعر أدنى، هذا في الوقت الذي تساءلت فيه العائلات الجلفاوية التي التقيناها عن الإجراءات التي قامت بها الوزارة الوصّية التي كانت في كل مرة تؤكد أنها ستعمل على الحد من ارتفاع الأسعار ومن تلاعبات التجار خلال المناسبات إلا أنها كما تقول إنّ هذا الكلام قابل للاستهلاك وفقط.