يتهافت الآباء على المستشفيات والعيادات الخاصة من أجل حجز مكان لاختتان أطفالهم تزامنا مع ليلة السابع والعشرين المباركة، وقد تمتد هذه العملية إلى غاية اليوم التاسع والعشرين من الشهر الفضيل. غير أن المشكلة الأساسية التي قد يصادفها سكان الأرياف، أو في المناطق الداخلية التي لا يتوفر فيها عادة إلا طبيب واحد أو ينعدم تواجده أصلا، ما قد يدفعهم إلى الاستعانة ب(طبيب شعبي) يدعى (الختَّان) أو (الطهّار) ويتفرغ هذا الأخير خلال الأيام المباركة لختان الأطفال، وهؤلاء (الأطباء الشعبيون) غالبا ما يكونون أناسا عاديين لا علاقة لهم لا بالطب البديل ولا الحديث، وإنما عادة وتقليد توارثوه عن آبائهم وأجدادهم، كما أنهم يشتغلون بصفة مناسباتية، يدورون بين القرى والتجمعات السكانية المعزولة عن المناطق الحضرية، وينادون في الناس للإقبال عليهم، وعند انتهاء الطلب على (خدماتهم) في منطقة ما، يغادرونها إلى منطقة أخرى.. وهكذا دواليك ولا تقتصر عملية ختان الأطفال في ليلة السابع والعشرين من رمضان فقط بل في مناسبات عدة، وهذا النوع من الختان غالبا ما يسبب للطفل مضاعفات صحية خطيرة، لا يعيها الآباء إلا بعد فوات الأوان، من نزيف حاد والتهابات خطيرة، تمتد آثارها في بعض الحالات إلى سنوات متقدمة من عمر الإنسان، وتبحث العائلات عن هذا (الطبيب المتجول) ليتدارك حالة ابنها، فلا تجده، لأنه ببساطة غير مرتبط بمكان، كما أنه يحاول الاختفاء بعد ذلك، متجنبا إياهم، وتنصلا من أي مسؤولية تقع على عاتقه في حالة حدث ما. وحسب الطبيب (بلقاسم .ب) فإن الختان عند طبيب مختص هو عملية آمنة ومضمونة، ولا يتعرض صاحبها إلى مضاعفات صحية إلا نادرا، أي في حال ما إذا كان الطفل يعاني مسبقا من مرض ما. لذا، يحذر هذا الأخير من مغامرة اللجوء إلى الطبيب الشعبي، لأسباب عدة، منها أن الختان التقليدي يتم دون تخدير موضعي، الأمر الذي يتسبب للطفل في ألم بالغ، وصدمة نفسية لا مثيل لها، يعيش بعدها الطفل أياما من الخوف والهلع كلما تبادرت له صور العملية، وفي حالة الشخصية الضعيفة للطفل، يتعمق هذا الرعب في صور سلوكية ونفسية أخرى، لسنوات طويلة. وأضاف محدثنا أن المشاكل الأخرى التي تنتج عن الختان عند غير أهل الاختصاص، أن الطبيب الشعبي لا يعقم أدواته، وقد يستخدمها لعدة أطفال، كما أنه لا يمتلك معلومات طبية عن العملية وآثارها وطرق التصرف في حال المضاعفات، بل الأخطر أنه قد يحمل معلومات خاطئة وخرافات لا أساس لها من الصحة العلمية، بينما ينصح باللجوء إلى الاختصاصيين، أو أطباء الأطفال، أو الأطباء العامين في أسوء الحالات، عوض هؤلاء الشعبيين، حتى وإن أدى الأمر إلى تأجيل العملية إلى ما بعد رمضان، أو إلى العام المقبل، كما ينصح أن يختتن الطفل وهو رضيع، أي من سن شهر واحد إلى 03 سنوات، أو 07 سنوات على الأكثر، بسبب أن الاعتناء بالطفل في هذه السن يكون أسهل، كما أن شعوره بالألم يكون أقل، والأهم: أن نسبة خضاب الدم تكون مرتفعة عند الوليد أكثر من الطفل، ونسبة تخثر الدم تكون أعلى، ما يجعل الجرح يلتئم بسرعة، ويحقق الفوائد الطبية للطفل منذ شهوره الأولى. ومن أهم المضاعفات التي تصاحب الأطفال المختتنون عند الطبيب الشعبي الضرر النفسي بالدرجة الأولى، ارتفاع الحمى، حدوث التهابات خطيرة في الجهاز، فقدان الشهية في الأكل أو الرضاعة والبكاء الشديد.