كادت أن تشتعل نيران فتنة جديدة بين الجزائر ومصر، بعد أن انتشرت إشاعات مغرضة تشير إلى تعرض بعثة النادي الأهلي المصري في الجزائر إلى "مؤامرة خطيرة" وتزعم أن اللاعبين المصريين نجوا من الموت المحقق في تيزي وزو، وغيرها من الأراجيف التي كادت أن تتسبب في "حرب جديدة" إعلاميا وجماهيريا بين البلدين الشقيقين، لولا الدروس المستفادة من الفتنة السابقة، فتنة ما بعد الاعتداء على حافلة المنتخب الوطني يوم 12 نوفمبر من العام الماضي، وهي دروس يبدو أن بعض الزملاء في وسائل الإعلام المصرية لم يحفظوها بعد بدليل مسارعتهم إلى نشر أخبار لا أساس لها من الصحة تقول أن حافلة النادي الأهلي كادت أن تنقلب وهي في الطريق من الفندق إلى الملعب لإجراء التدريبات سهرة الجمعة، وذلك نتيجة الهطول الغزير للأمطار وعجز سائق الحافلة عن التحكم في عجلة القيادة، وهو أدخل حالة من الرعب في أوساط بعثة الفريق المصري حسب بعض وسائل الإعلام المصرية التي لم تتحر الدقة في الموضوع، فحوّلته إلى قضية خطيرة و"نجاة من الموت"، مع أن القصة وما فيها أن سائق الحافلة المقلة لوفد الأهلي إلى الملعب كاد أن يفقد السيطرة على القيادة فخفف السرعة ووصل الجميع بآمان، وعقب الوصول طلبت البعثة تغيير الحافلة واستجاب الجانب الجزائري لطلب الأهلي، وتدرب اللاعبون المصريون بشكل عادي جدا.. وتلقفت المنتديات المصرية المهتمة بالشأن الكروي تلك الإشاعات والأخبار غير الدقيقة بسرعة ليتم نسج حكايات وأساطير عن "اعتداء مدبر" وعن "خراطيم" مياه استهدفت الحافلة، وهو ما أنذر بفتنة جديدة أوشكت على الاشتعال قبل حتى أن تنطفئ نيران الفتنة السابقة! وتعاملت كثير من وسائل الإعلام المصرية بكثير من التهويل مع الموضوع فكتبت صحيفة "اليوم السابع" تقول أن العناية الإلهية أنقذ بعثة الأهلي من كارثة في الجزائر، وزعمت أن حافلة بعثة النادى الأهلى نجت من الانقلاب ثلاث مرات اثناء انتقال الفريق من فندق الاقامة بمدينة تيزى وزو بالجزائر الى ملعب التدريب. واستغلت بعض المواقع العربية الحادثة البسيطة لترفع من حدة التوتر بين الأشقاء الذين تبادلوا الاتهامات على المواقع والمنتديات، وذهب موقع قناة الآم بي سي إلى القول أن "بعثة الأهلي تنجو من الموت في الجزائر"، وهو عنوان مثير جدا لا يعكس بساطة الحادث الذي خلف موجة من التعليقات الساخرة على المنتديات الجزائرية، لعل أكثرها سخرية على الإطلاق ذلك الذي جاء على منتدى الكرة الجزائرية وقال فيه صاحبه: "هل كانت الأمطار المتساقطة من داخل أو من خارج الأوتوبيس"، في إشارة ذكية إلى اتهام بعض المسؤولين المصريين للاعبي "الخضر" بتدبير حادثة الاعتداء عليهم بعد وصولهم للقاهرة في نوفمبر 2009. ويبدو أن الأمور كانت مرشحة للتصعيد أكثر لولا أن القنوات الفضائية المصرية لم تصب الزيت على النار، ولم تسارع إلى تضخيم الأمور مثلما فعلت بعد إقصاء مصر أمام "الخضر" من سباق المونديال بعد معركة أم درمان الكروية التي انتهت بعودة الجزائر إلى نهائيات كأس العالم، وبأزمة حقيقية في العلاقات بين بلدين يُفترض أنهما شقيقان!..