** هل يحق للرجل أن يمنع زوجته من العمل، مع العلم بأنه وافق على الزواج منها وهو على علم بأنها تعمل مدرِّسة؟ ما هو حكم ذلك في المذهب المالكي إن أمكن، أو على رأي أهل السنة والجماعة؟ * يجيب الشيخ بن بية عن هذا السؤال بالقول: الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: أولاً: نقول للسائل إن مذهب المالكية ليس خارج أهل السنة والجماعة، فالإمام مالك من أهل السنة والجماعة، بل من قمة أهل السنة والجماعة، فلا يوجد رأيان؛ رأي مالك ورأي أهل السنة والجماعة. وبالنسبة لقضية عمل الزوجة، فالأصل أن الزوج له قِوامة على المرأة، لكن بشرط أن يوفر لها النفقة، ويوفر لها احتياجاتها، ولهذا فعند مالك والشافعي وهم من أهل السنة والجماعة أنه إذا لم يوفر لها ذلك فلا تكون القوامة تامة، وبالتالي يجوز لها أن تطلب الطلاق، خلافاً لأبي حنيفة الذي يرى أنه يبقى ديناً في ذمة الزوج. فإذا منع الزوجُ زوجتَه من العمل، قد يمنعها إذا كان يوفر لها ما تحتاج إليه. ولكن الذي يظهر لي - وأنا إن شاء الله من أهل السنة والجماعة- أن المسألة ترجع إلى العادة وإلى الأفراد، فهناك بعض المناطق إذا مُنعت فيها المرأة من العمل فقد يكون ذلك سبباً لخلل كبير في البيت، فلو بقيت في البيت لكان ذلك سبباً إلى خلل، ولأدى إلى مفاسد أكثر، وبالتالي فإن المسألة توزن بميزان المصالح والمفاسد، فقد كانت الصحابيات يعملن، فهذه أسماء وهي زوجة الزبير _ رضي الله عنهما- كانت تعمل فكانت تعلّف ناضحاً للزبير رضي الله عنه، كما ورد في الحديث الصحيح انظر البخاري (5224) ومسلم (2182)، وتلك المرأة التي قيل لها أن تترك العمل في نخل لها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم اذهبي إلى نخلك وكانت معتدة فقال لها :(جدّي نخلك) وهو حديث صحيح انظر: مصنف عبد الرزاق (7/25). فعمل المرأة ليس شيئاً اُخترع اليوم، بل هو معروف في الإسلام، ولأجل هذا يجب أن تتسع الصدور لهذه المسألة، صحيح أن الزوج يقوم على المرأة، أي أنه رئيس البيت، لأن عندنا في الشريعة الإسلامية ضبط للأمور (لا يذهب ثلاثة إلا ولهم أمير) انظر البيهقي (9/359) ومصنف عبد الرزاق (4/58) يعني: حتى يوجد شيء من الانضباط، فهذا البيت -العائلة- فيه أمير هو الزوج، لكن ليس معناه أنه يفعل ما يشاء، ويقول ما يشاء ويضرب يميناً ويساراً، بل هم يعيشون في البيت بمشورته، والله -سبحانه وتعالى- يأمر بالتشاور فيما بينهم في الانفصال (فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور) البقرة: 233. هذا بين الزوج والزوجة، فكيف بأمورها التي تخصها؟. وباختصار إذا أمرها بشيء لا يخالف الشرع فعليها أن تطيع أمره، لكنه لا يجوز له أن يأمرها بشيء يؤدي إلى مفسدة، أو يفوِّت عليها مصلحة، فإذا كان العمل يؤدي إلى اختلاط أو إلى مفاسد فهذا شيء آخر، فله أن يأمر وعليها أن تطيعه، فهذا هو الجواب وهو مذهب مالك ومذهب جمهور العلماء.