في حي (علي خوجة) التابع لبلدية الحراش التي تقع بالناحية الشرقية للجزائر العاصمة استقبلنا السكان وعلامات الغضب بادية في وجوههم مما أثار لدينا بعض التخوفات ولكنها زالت بمجرد الاقتراب والاحتكاك بهم، لأنهم أناس عانوا مرارة الحياة جراء كل ما عايشوه وحالتهم المزرية التي آلت إليها سكناتهم التي يقطنون بها لسنوات طويلة تمتد إلى 50 سنة، إنها سكنات الموت نظرا للأخطار الجمة التي تهددهم كل صباح أو مساء أو حتى عند خلودهم للنوم نتيجة الوضعية التي آلت إليها هذه الأوكار المتهرئة المهددة بالسقوط تحت أي ظرف من الظروف نظرا لقدمها وافتقارها للمقاييس والمعايير الصحية للبناء. وفي هذا الصدد تناشد مئات من العائلات القاطنة بالحي في نداء موجه إلى السلطات المعنية ضرورة الوقوف أمام وضعيتهم إثر التدهور الفظيع الذي تشهده مختلف أجزائها، إلى جانب هذا كله دعوا إلى النظر في الكارثة الصحية التي تتربص بهم بفعل محاذاة سكناتهم لوادي الحراش المعروف بقرفه ونتانة هوائه وما له من أثار سلبية على صحة الأصحاء على غرار هؤلاء المرضى الذين لم يجدوا مكانا آخر يخفض من معاناتهم المرضية، وفي هذا الشأن دعا هؤلاء القاطنون السلطات الوصية إلى انتشالهم من الخطر الذي يهدد أطفالهم وأسرهم بصفة عامة من خطر مؤكد إن لن تتحرك في أقرب وقت خاصة ونحن مع اقتراب فصل الخريف والشتاء الذي تكثر فيه المعاناة والأمراض وكل الأشياء القبيحة التي تحول دون توفير الرفاهية وحياة كريمة للسكان بفعل الوضعية الكارثية التي تصبح عليها من هشاشة البنايات المهددة بالانهيار نظرا لقدمها أين تعود فترة تشييدها إلى الفترة الاستعمارية، وفي هذا الصدد قال محمد: (إننا نضطر إلى قضاء ليال بيضاء ونحن ننتظر سقوط الأسقف فوق رؤوسنا في فصل الشتاء الفارط ولا نريد أن نعيش نفس الكابوس هذا العام، فقد شهدنا الأسبوع الفارط نتيجة تساقط تلك الكميات من الأمطار أوضاعا يعجز اللسان عن وصفها لكم). وأمام هذه الوضعية الحرجة التي يعيشها هؤلاء السكان من مرارة العيش في هذه البيوت الآلية للانهيار في أية لحظة، حيث أكد معظم من تحدثنا إليهم أنهم يتعرضون إلى مخاطر صحية بفعل محاذاة حيهم لواد الحراش المتسبب في انتشار الروائح الكريهة المنبعثة منه والمتسببة في انتشار الكثير من الأمراض، ولعل الأمر الذي زاد من حصرتهم هو كون هؤلاء السكان من ذوي الدخل الضعيف وأغلب الشباب بالحي يعانون من البطالة الأمر الذي ساعدهم على انتهاج سبل غير شرعية لتحصيل الرزق وذلك بالتوجه إلى السرقة وبيع المخدرات الأمر الذي خلق جوا مشحونا بالخوف في غياب الأمن لمن يقصدون هذا الحي. ومن خلال هذا كله كان لابد على السلطات النظر وإيجاد حلول للسكان للتقليل من معاناتهم، حلول تمكنهم من العيش الكريم وتجعلهم يحسون على أنهم مواطنون جزائريون يملكون كل الحقوق في هذا البلد وذلك بترحيلهم إلى سكنات لائقة، إلا أن السلطات المعنية وقفت متفرجة على حالهم دون أي تدخل حسب ما صرح به هؤلاء الذين نددوا وبشدة تعنت السلطات حيالهم ودعوا إلى ضرورة الإسراع في عملية الترحيل قبل فوات الأوان.