على الرغم من المعارضة الشديدة التي أبانها بعض الشبان بشأن إلغاء الطاولات الفوضوية التي أدت بدورها إلى إلغاء مصادر استرزاقهم وساندهم في ذلك بعض المواطنين الذين لا يعلمون حقيقة بعض الطاولات التي لا يقف على حقيقتها سوى السكان المجاورين لتلك الأسواق الفوضوية. كانت بعض تلك الطاولات في العديد من المرات ساحة للعراكات وحتى حوادث القتل، ناهيك عن التخفي من وراء تلك الطاولات من أجل ترويج المخدرات وإخفاء الأسلحة البيضاء بمختلف أنواعها التي عادة ما تستعمل من طرف بعض الشبان، ويذهب بعض التجار إلى التستر حول جرائمهم، ومن سكان المقاطعات من تنفس الصعداء حتى ولو كان إلغاء تلك الأسواق لا يخدم جيوبهم إلا أنهم رأوا أن تحقيق الأمن والأمان يسبق كل شيء، بالنظر إلى حالات السرقة والاعتداءات التي كانت تشهدها تلك الأسواق بعد توفر الظروف الملائمة للسطو. فإلغاء تلك الأسواق الفوضوية هو قرار لم يأت من العدم بل ارتكز على العديد من المعطيات التي لا ترمي في ظاهرها إلى خدمة المواطن كون أن إلغائها سيؤثر على ميزانية شريحة واسعة من المجتمع وذلك ما غلب على الرأي العام ، إلا أن الغوص في أسباب إلغائها يؤدي إلى تقصي حقائق الأمور، فهي على الرغم من خدمتها للقدرة الشرائية للمواطنين إلا أنها لا تخلو من السلبيات العديدة على غرار تشويه المنظر العام للعاصمة والمساهمة في انتشار النفايات عبر تلك الأسواق بعد الفراغ من السلع. ودون هذا وذالك أضحت تلك الطاولات ستارا لمختلف أشكال الإجرام والعنف بعد أن امتهن على مستواها بعض أصناف المنحرفين التجارة، بحيث كانت شاهدة في العديد من المرات على حوادث قتل دون أن ننسى العراكات الروتينية والمشادات العنيفة وهي كلها مواقف يملأها الكلام البذيء الصادر من أفواه المتعاركين، بحيث باتت مرتعا خصبا لمن هب ودب لمزاولة تجارة ما، من دون الحفاظ على احترام الآخرين أو مراعاة مشاعر الزبون الذي كان شاهدا على عراكات حادة بسبب عدم التفاهم على أمكنة نصب الطاولات والصراع الدائم بين التجار حولها، فعلى العموم هي أسواق ملأتها الفوضى من كل جانب وتعددت سلبياتها وانتشر بها اللصوص لترصد المتبضعين. ما وقفنا عليه على مستوى منطقة بلكور، بحيث أبان أغلب سكانها ارتياحهم من إلغاء مارشي 12 وهو سوق عريق إلا أنه كان شاهدا على العديد من الأحداث المأساوية على غرار وفاة امرأة حامل في الشهر السادس بمقربة من السوق بعد دفعها بقوة من طرف أحد اللصوص، بحيث ارتطم رأسها بحافة الرصيف فماتت على الفور دون أن ننسى حادثة وفاة طفل في الرابعة عشر من العمر بعد رشقه بالإشعاع الضوئي المستعمل في الباخرات (سينيال) أثناء عراك حاد شهدته المنطقة في رمضان الفارط، حتى أن بعض أصحاب الطاولات عادة ما يتفقون مع المنحرفين في إنهاء عملياتهم سواء تعلق الأمر بالتعدي على الناس أو ترويج المخدرات حسب ما كشفه لنا أحد المواطنين الذي يقطن بمحاذاة السوق الفوضوي، بحيث قال إن بعض أصناف التجار استعملوا التجارة لبلوغ أهدافهم وكانت طاولاتهم في مرات عدة مأمنا لإخفاء الأسلحة البيضاء المستعملة في العراكات ووصل الأمر حتى إلى إخفاء السموم وأخطر أنواع المخدرات.