تعرف ظاهرة التدخين انتشارا واسعا بين مختلف الفئات العمرية من شباب وكهول وشيوخ وحتى فتيات في مقتبل العمر..الخ، بالرغم من المشاكل الصحية الناجمة عنه إلا أننا نجد الكثيرين لا يكترثون للموضوع من خلال استمرارية أخذهم لهذه السموم التي تفتك بالمئات من الأشخاص سنويا. وبالنظر لأهمية الموضوع قمنا بالاقتراب أكثر من هذه الشريحة فكانت البداية عند أهل الاختصاص الذين يقومون بالإشراف على عدد هائل من الحالات التي تصل المستشفى ويكون سببها الأول هو التدخين، فالأمر يكون شبه عادي عند الإشراف على مواطنين من فئات مختلفة وبأعمار متقدمة يتعاطون التدخين، ولكن عندما يمس الأمر تلاميذ الإبتدائي أو مراهقين فالأمر يختلف، ونظرا لتفاقم الظاهرة بشكل كبير وبالرغم من التوعية المستمرة لمخاطر التدخين، إلا أننا نجد الأمر في تزايد مستمر. ولعل الأمر الملفت للانتباه هو إقبال الأساتذة على التدخين أمام التلاميذ وداخل الأقسام، حيث تم تسجيل 35 بالمائة من الأساتذة يقومون بذلك إلى جانب 16 بالمائة من طلبة الطب يدخنون حسب ما أفاد به البروفيسور (سليم نافتي) رئيس مصلحة الأمراض الصدرية بمستشفى مصطفى باشا، مشيرا إلى أن 25 بالمائة من المصابين بالأمراض الصدرية على رأس قائمة مرضى السرطان الذي يقضى على حياة 40 شخصا يوميا بالجزائر، و15 ألف شخصا يموتون سنويا بهذا المرض القاتل على مستوى الرئتين، هذا إلى جانب خطورة الإصابة بالربو مما يستوجب تكاثف جميع الجهود مع كل أعضاء المجتمع المدني للمشاركة في مكافحة الإدمان على التدخين نظرا لخطورة الظاهرة. وفي نفس السياق، لقيت الخطوة التي قام بها المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني (كنابسات )، لمنعها التدخين في المدارس والأقسام حتى لا يكونوا قدوة سيئة للتلاميذ وحتى لا يتأثر الطالب بالسلوكات الخاطئة التي تصدر من الآخرين وعلى رأسهم الأساتذة المدرسين، حيث كان هذا المجلس قد أطلق في نداء موجه إلى جميع الأساتذة، نداء دعا فيه إلى ضرورة وضع ميثاق لأخلاقيات مهنة التدريس وذلك بمنع المدرس من التدخين داخل المؤسسة التربوية، حسب ما جاء في تصريح سابق لمنسق الوطنية لنقابة (الكناباست) السيد نوار العربي، من خلال بيان أطلق عليه اسم (نداء من أجل أخلاقيات التدريس)، الذي طالب فيه بتحديد أخلاقيات المهنة بعد المكاسب التي تحققت في قطاع التدريس من خلال تمتع المدرس بقانون أساسي متفتح ومحفز ونظام تعويضي يثمن المهنة، وخدمات اجتماعية يسيرها منتخبون من طرف عمال القطاع، الأمر الذي استوجب العمل بما يضمن مصلحة الطلبة بالدرجة الأولى، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فقد أوجب على الأستاذ أن يمتنع عن التدخين في المؤسسة التي يعمل بها ويحرص على الابتعاد عن بذاءة الكلام مهما كانت الظروف التي يعيشها وأن لا يبحث عن مبررات أو أعذار لقيامه بأفعال تسيء للتلميذ وأن يحرص على تطبيق ما يعلمه للتلاميذ وخاصة في المرحلة الإبتدائية والمتوسطة من مبادئ الأخلاق وسلوكيات المواطنة ومظاهر حب الوطن. وأمام هذا الإرتفاع الكبير والإقبال الهائل على السجائر، أين تسجل أرقام مرعبة، يستوجب منا دق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان وحصد المزيد من الأرواح، خاصة لدى فئة الأبرياء من الأطفال، حيث يؤدي الإقبال عليها ظهور نتائج خطيرة تكون نهايتها الموت المؤكد، فعلى المسؤولين فرض عقوبات على المدخنين في الأماكن العمومية أو حتى على البائعين لهذه المواد لضمان صحة جيدة ومستقبل مشرق لجيل الغد.