بقلم: الدكتور غالب الفريجات * في أكبر جريمة شهدها هذا العصر قامت على أرض فلسطين العربية، حيث أقدمت الأيادي الإمبريالية المتحالفة مع الصهيونية العالمية، بتوفير كل السبل لغرس الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين، وطرد المواطنين الفلسطينيين من وطنهم وأرضهم وحياتهم ومستقبلهم، لصالح شذاذ الآفاق من صهاينة الكون، تحت ذرائع واهية وادعاءات فارغة فيما يسمونه بالحق التاريخي لليهود قبل ثلاثة آلاف سنة. الإجرام الإمبريالي الأوروبي الأمريكي القائم على اغتيال حياة الشعوب ونهب خيراتها واستغلال ثرواتها، كثيراً ما يطبل الآذان بمفردات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وعند تعامله مع الآخر يدوس على كل هذه المفردات، لتتحول لاسطوانة فارغة يكتبون عليها أكاذيبهم وخداعهم وجرائمهم، ودون أن يرف لهف جفن أو تتحرك بهم المشاعر لما اقترفت أياديهم القذرة. عصابات الكيان الصهيوني ومنذ اليوم الأول وبدعم ومساندة من الاستعمار الإنجليزي على أرض فلسطين، قام بأبشع الجرائم من قتل وتدمير وتهجير لأبناء الأرض والوطن، وبعد قيام دولة هذا الكيان الغاصب اعتمد ذات الاسلوب والنهج في العنصرية والعدوانية والتوسع على عموم أبناء المنطقة، مما يؤكد أنه كيان عنصري توسعي خطره ليس على فلسطين وحدها، بل على الأمة العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، مما يستدعي أن تهب الأمة جمعاء في الدفاع عن نفسها أمام عدوانية هذا الكيان، ولن يكون ذلك إلا باقتلاعه من جذوره، لتعود فلسطين عربية من البحر إلى النهر، فالصراع صراع وجود أما نحن قائمين على أرضنا، وأما هو مغتصب لحقوقنا وكرامتنا جميعاً. الصراع على أرض فلسطين صراع عربي صهيوني، وليس فلسطيني صهيوني كما يريد البعض من أطراف النظام العربي للتخلص من مسؤولية التحرير، وليس كما تريد بعض الأطراف الإقليمية سواء أكانت فلسطينية أو عربية بسبب من انتفاخ أوداجها القطرية، لأن إمكانية شعب فلسطين ليست في قدرة مواجهة المشروع الصهيوني المدعوم من الإمبريالية العالمية وفي مقدمتها اليوم الإدارة الأمريكية، ولابد من حشد إمكانيات الأمة لتكون فلسطين طريق الوحدة كما أن الوحدة طريق فلسطين. أمتنا عصية على الإستسلام فما سجل التاريخ أنها استسلمت لعدوها، وما سجل التاريخ أنها استكانت لاحتلال، فهي في مواجهة دائمة مع كل من أراد استهدافها، وهي على الدوام أصابعها على الزناد، وقد حفرت بطولات أبنائها على أديم هذه الأرض منذ الخليقة، ففي كل بقعة من بقاعها لها موقعة وبطولة، فتارخها حافل بصولات الرجال الشجعان من صناديدها، وهي صاحبة موقف ورأي وإنجاز حضاري، ولها رسالتها في الحياة، فقد كلفها اللّه برسالة الحق والخير للإنسانية كافة، فمن خلالها وبواسطة ثقافتها تتم هداية البشرية، ومن تكون هذه مواصفاتها فهي عصية على الاستسلام وهي باقية على الأرض بعزة وكرامة وشموخ. فلسطينالمحتلة لن يحررها إلا طريق المقاومة، وكل من يتوهم بتحجيم الكيان الصهيوني من خلال عقد معاهدات السلام / الاستسلام معه يريد أن يتخلص من فلسطين والفلسطينيين، كما أن خطر العدوان الصهيوني باق مادام هو باق على الأرض الفلسطينية، فكم هي الحروب العدوانية التي شنها على الأرض العربية بعد قيام كيانه، وكم هي الاعتداءات التي مارسها حتى بعد أن وقّع معه البعض معاهدات واتفاقيات. طريق عودة فلسطين إلى أحضان الأمة طريق واضح لا ثاني له، يتمثل في المقاومة، فخنادق المقاتلين هي التي تصنع النصر، ووحدة المقاتلين هي القادرة على بناء دولة الوحدة، انسجاماً مع مقولة المفكر القومي المرحوم الأستاذ ميشيل عفلق (فلسطين طريق الوحدة والوحدة طريق فلسطين). وفلسطين يجب أن تكون عربية من البحر حتى النهر، ولا خيار أمام الأمة إلا المقاومة لاستعادة أرضها في فلسطين، وكل الأراضي العربية التي تم اغتصابها في الأحواز والاسكندرون وسبته ومليلة، والخلاص من الاحتلال الأمريكي الفارسي لأرض العراق. نحن أمة كرمها اللّه بالجهاد لأنه بوابة التحرير والانعتاق من كل أنواع الظلم، وليس هناك أشد من ظلم الاحتلال الذي يدوس الأرض والكرامة، وينهب الخيرات والثمرات، ويسرق النوم من عيون الأطفال، وليس هناك أسوأ وأقذر من الاحتلال الصهيوني لما يتمتع به الصهاينة من خسة ونذالة في التعامل مع الإنسان من غير اليهود. لا بديل عن فلسطين إلا فلسطين نفسها، ومن يظن خائباً بمشاريع غير تحرير فلسطين كل فلسطين، لا يعيش تاريخ هذه الأمة، أمة الرسالة وأمة الشهادة وأمة الجهاد، كما أن الذين يتوهمون بالدولة على قطعة أرض من تراب فلسطين تحت حراب العدو، ومن خلال معاهدات واتفاقيات مغموسة بالذل لا يعيش نضالات الأمم الحية، وأمتنا وإن بدى ضعفها وهوانها إلا أنها أمة حية، ناضلت في مواجهة كل الغزوات وانتصرت، وهاهي الأمة الوحيدة التي تحمل السلاح في وجه الإمبريالية والصهيونية. أمتنا مستهدفة في وجودها ووحدتها وأرضها وإنسانها وأعداؤها كثر، ولكنها بعزيمة شبابها وبصمود أبنائها وبطولة مقاتليها ورجال المقاومة فيها يستطيعون أن يصنعوا مجد هذه الأمة ويدحروا كل عدوان ويعيدوا الفرحة لكل أبنائها والبسمة لأطفالها، فالأمم الحية لا تموت لأنها تملك القدرة على المقاومة ومن يقاوم يصنع الحياة على الأرض. في ذكرى الوعد المشؤوم نشّد على أيادي أبناء فلسطين المنغرسين على أرضها، ونحيي صمود اللاجئين الرافضين لكل مغريات الدنيا ومشاريع الاستسلام، والمتمسكين بحق العودة إلى فلسطين كل فلسطين،لإنهاء الكيان الصهيوني ووجوده المسخ على الأرض الفلسطينية الطاهرة. في ذكرى وعد بلفور نجدد الأمل في المستقبل الواعد لهذه الامة، فهي قادرة على إقامة وحدتها في مواجهة التجزأة، وتحقيق الحرية والتحرر في مواجهة التبعية، وتحقيق التقدم في مواجهة التخلف، فهي أمة السلاح والمقاومة، ومن تكون المقاومة طريقه فإن النصر حليفه، وقد مرت الأمة بظروف أشد وأقسى، ولكنها انتفضت وطردت الغزاة الذين استهدفوها في أرضها وكيانها وكرامتها وثرواتها. لا صلح ولا تفاوض ولا استسلام عن طريق معاهدات واتفاقيات مع العدو الصهيوني، فليس له حق على الأرض لتمتد يد لمصافحته، أو لتكتب حروف في الاتفاق معه، أو لتدنس أقدامه تراب الوطن العربي، فهو غريب غريب عن هذه الأرض، وأرضنا تأبى إلا أن تتكلم عربي، وترفض أن تتكلم عبري أو أي لغة مستهدفة إنسانها، وكل من يرى غير ذلك من أمة العرب فهو ليس بعربي، وكل من يريد أن يتاجر بقضيتنا، قضية العرب المركزية فمصيره إلى زوال، ولتستوطن نفسه خارج حدود وطن الأمة. تباً لكل معاهدات واتفاقيات الذل والعار، ولا وألف لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، ونعم وألف نعم للمقاومة ولوحدة المقاتلين أينما وجدوا..