لازالت العائلات المتكفلة بأطفال يتامى تعاني الأمرين ومنهم من لحقت مآسيهم إلى حد مواجهة قضايا السرقة والاختطاف بعد أن فتحوا صدورهم لأناس يائسين ومدوا لهم يد العون، إلا أن نوايا هؤلاء تحوّلت وواجهوا الخير بالشر بعد أن قطعوا اليد التي امتدت إليهم في أحلك الظروف وأسقطوا عليها البلاء وألبسوا أناس الخير قضايا الاختطاف ولطخوا سمعتهم وصورتهم أمام المجتمع. نسيمة خباجة مما أدى بالكثيرين إلى الابتعاد عن فكرة التبني أو الكفالة لما يكتنفها من غموض وشبهات تلحق المقدمين على الخطوة ووصل الأمر حتى إلى إلباسهم قضايا في أروقة العدالة بعد أن أقدموا على الكفالة عن حسن نية إلا أنهم التقوا بأناس انعدمت رحمتهم، في الأول مع فلذات أكبادهم وفي المرحلة الثانية مع كافليهم بغية استعادة أطفالهم بالقوة ولم يجدوا في ذلك غير أروقة العدالة لاسترجاع أبنائهم ونزعهم عنوة عن الصدور الدافئة التي احتضنتهم لسنين طويلة منذ أن كانوا في القماط. هي فعلا وقائع شهدتها بعض العائلات التي أبت إلا التكثيف من الحسنات ونيل الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى بعد أن فتحت ذراعيها لكفالة اليتيم الذي أوصانا ديننا الحنيف ورسولنا الكريم به خيرا، بالإحسان إليه والرأفة عليه، ومهما اختلفت حالات هؤلاء الأطفال إلا أنهم يدورون في قوقعة واحدة وهي اليتم والحرمان، ومن الحالات من تعرفت فيها الأم منجبة الولد على العائلة الحاضنة ومنحت الطفل لها عن تراضي بين الطرفين إلا أنه ومع مرور السنوات انقلبت الآية وصار الحاضن في مرتبة المختطف يواجه الجرم أمام أروقة المحاكم وهو الذي احتضن في يوم الرضيع عن حسن نية ليغدر به أهل الطفل بمجرد ظهورهم بعد سنوات امتلأ فيها الطفل لحما وشحما وتجرعت الأم الحاضنة أصعب الظروف لأجل إيصاله إلى رتبة ما، ليسهل على الأم المنجبة نسيان الجميل ونكران الخير بمواجهة الأم الحاضنة وجها لوجه وافتكاك الطفل بقوة بعد إلقاء تهمة الاختطاف على كافلي الطفل. ما عاشه أب مؤخرا على مستوى مجلس قضاء الجزائر بعد أن اتهم باختطاف طفلة في سن العاشرة، واهتزت مشاعر كل من حضر الجلسة بعد أن ذرف المتهم دموعا تحسر فيها للخداع والمكر الذي بات يملأ بعض الناس في هذا الزمن خاصة وأن الطفلة سلمت له برضا الأم بعد استعصاء ظروفها، ومد يده لها واستلم الطفلة وهي في القماط وبعد عشر سنوات ظهرت الأم لتنزع بالقوة ابنته عنه وهو ما استعصى عليه، كما اتهمته بمحاولة خطفها والهجرة بها إلى فرنسا وعاشت الطفلة أحلك أيامها ولم تدر إلى أين تتجه لمربيها وحاضنها لسنوات أم إلى الأم الحقيقية التي ظهرت فجأة ودون سابق إنذار ليكون الأطفال الضحايا الحقيقيين لتلك المآسي التي أضحت تفتك بهم وتهدد كيان الأسر الحاضنة. نفس ما عايشته عائلة أخرى لم تصل مأساتها إلى أبواب المحاكم إلا أنها تعاني الأمرين مع امرأة ادعت أن الابن المكفول هو ابنها وأرادت أن تنزعه بالقوة من الأسرة التي احتضنته، بحيث أتت بمجموعة من الافتراءات التي ادعت فيها أن الأب سلم لهم الطفل دون علمها بعد دخولها إلى مشفى للأمراض العقلية وانعدام أهليتها لتربية الطفل خاصة، وأنه مباشرة بعد ذلك زج به في السجن وتم القبض عليه بعد اشتراكه في جريمة المتاجرة بالمخدرات وبعد خروجها من المستشفى بحثت كثيرا ودلّها معارفها على مكان تواجد الطفل الذي تركته في القماط، أما الآن فهو في المدرسة وأبت الأسرة الحاضنة تسليم الطفل لها خوفا من تضييعه إلا أنها لم تتوان على التردد على بيتهم في كل مرة ودخولها في مشادات عنيفة معهم وتهديديهم بإبلاغ الشرطة ومحاكمتهم لأجل إرجاع ابنها على الرغم من سماح الأب بزيارتها له، ورأوا أن أسرتهم هي موضع أمان للطفل الذي ألف الاستقرار وتخوفوا من ضياعه بعد أخذه من طرف أمه التي لا تقوى على ضمان عيش مستقر له وهم الآن بين نارين ولم يجدوا الحل.