طالب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ د. يوسف القرضاوي البنوكَ الإسلامية بدعم اقتصادات دول الربيع العربي في مواجهة آثار السلب والنهب والفساد الذي أصابها لعقود من الزمن، مشيرا إلى أن هذه الدول عانت من تهريب الأموال وثقل المديونيات والجوع والبطالة والتفاوت الفاحش. وقال في كلمة له خلال مؤتمر الدوحة الثالث للمال الإسلامي في الدوحة (لا نريد دعما بالمساعدات، بل دعما عمليا بالاستثمار في هذه البلدان من خلال إطلاق المشروعات وإنشاء المصانع وتعمير الأراضي وتشغيل العمالة لتربح البلاد ويربح البنك في الوقت ذاته). وأضاف القرضاوي أنه بالمقابل يتعين على دول الربيع العربي أن تفتح المجال أمام البنوك الإسلامية من خلال سن التشريعات والقوانين التي تتيح إنشاء بنوك موافقة للشريعة، فضلا عن إتاحة المجال للبنوك الموجودة للتوسع في أعمالها بما يخدم الاقتصادات العربية والإسلامية. ولفت القرضاوي إلى أنه من (غير المعقول أن تلجأ هذه الدول إلى المؤسسات الدولية لتقترض منها، في وقت لم تعمل فيه على إفساح المجال أمام المؤسسات المالية الإسلامية للمساهمة في البناء والتعمير). ودعا في هذا السياق إلى استثمار المدخرات التي يتوفر عليها كثير ممن يتحرجون في إيداعها بالبنوك التقليدية، بغرض تنمية مقدرات البلدان العربية بدل اللجوء إلى الخارج، وشدد القرضاوي في تصريح للجزيرة نت على أهمية قيام تعاون حقيقي بين البنوك الإسلامية وحكومات بلدان الربيع العربي بما يخدم مصلحة الطرفين. وشدد القرضاوي على ضرورة أن تتمسك المصارف بمبادئ الاقتصاد الإسلامي وآلياته باعتبار ذلك تميزها الحقيقي عن البنوك الربوية، وقال (يعد الاقتصاد الإسلامي إنتاجا واستهلاكا وتداولا وتوزيعا مبني على القيم والأخلاق). من جهة أخرى، اعتبر الشيخ محيي الدين القره داغي -أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والخبير في الاقتصاد الإسلامي- أنه من واجب البنوك الإسلامية دعم دول الربيع العربي في مسارها نحو التحول إلى الديمقراطية، وقال للجزيرة نت إن (دعم دول الربيع العربي أمر مطلوب من قِبل البنوك الإسلامية فهو واجب وطني ومصلحة اقتصادية). وأكد القرداغي أهمية أن تتطلع البنوك المتوافقة مع الشريعة للعمل في تلك البلدان، حتى تستجيب لحاجات شريحة واسعة من الناس، وأشار إلى أن مصر مثلا بحاجة إلى مصارف إسلامية للاستجابة لمتطلبات شعبها المتدين بعدما عمل نظام حسني مبارك على منع قيام شركات ومؤسسات إسلامية جديدة وتقليص انتشار ما كان قائما منها. وكشف في هذا السياق أن الاتحاد كان قد تقدم قبل سنة بمقترح للحكومة المصرية يقضي بقيام بنك إسلامي كبير برأسمال ملياري دولار، معبرا عن تفاؤله بقيام هذا المشروع مستقبلا ضمن خطة لإقامة ثلاثة بنوك كبرى. من جانب آخر اعتبر عبد العزيز بن صالح الفوزان -عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود- أن قيام البنوك الإسلامية بالمسؤولية الاجتماعية يعد واجبا شرعيا ووسيلة لتحسين الإنتاجية وتعظيم الأرباح في الآن ذاته. وشدد في مداخلة له خلال المؤتمر على أولوية التزام البنوك الإسلامية بهذا النوع من المسؤوليات أكثر من أية مؤسسة مالية أخرى، لقناعتها بأن وظيفة المال في الحياة ليس هو تحقيق مصالح الملاك والمساهمين، بل وأيضا خدمة المجتمع وأداء حقوقه في هذه الأموال. وتناول المؤتمر -الذي نظمته شركة بيت المشورة للاستشارات المالية بقطر- قضايا من أبرزها تجارب ناجحة في تحول عدد من البنوك التقليدية إلى المصرفية الإسلامية، وأهمية تكريس تخصصات الاقتصاد الإسلامي لدى الجامعات العالمية، والأضرار التي تلحق بالمؤسسات المالية الإسلامية جراء التأخر في السداد. يشار إلى أن اتحاد المصارف العربية قدر حجم أصول الصيرفة الإسلامية ب800 مليار دولار حاليا مع توقعات بأن تناهز ألف مليار دولار بحلول العام 2015.