أصدر مركز الجزيرة للدراسات ضمن سلسلة كتب الجزيرة كتابا بعنوان (التعاون والتنافس في المتوسط) لمؤلفه الأستاذ كريم مصلوح. وهو كتاب يركز على دور البحر المتوسط في فترة ما بعد الحرب الباردة مقدما مقاربة جيوسياسية خصوصا وأن العالم انتقل من القطبية إلى الأحادية في السابق والآن ظهر فاعلون جدد وتنافس دولي وإقليمي على أكثر من صعيد... يحاول المؤلف أن يوظف أهم المستجدات التي تركت بصماتها على خريطة التعاون والتنافس الإقليميين التي أدّت إلى التعاون الإقليمي بوضع المسار الأورومتوسطي في محطاته الأساسية، فالكتاب يركز على هذه الإشكالية أي إشكالية التعاون والتنافس في المتوسط. كما يولي المؤلف أهمية خاصة لمحدد التنافس الناتج عن عناصر متعددة وحيوية لا يمكن قراءة التفاعلات الإقليمية وأيضاً الثنائية في البحر المتوسط دونها، وهذه المحددات الناتجة عن ضغوط جغرافية وجيوسياسية وحضارية هي من السمات المميزة للمجال المتوسطي، كما تضاف لهذه الضغوط تلك الواردة عن المتوسط، والحاسمة في أحيان كثيرة في الملفات الاستراتيجية وإحداث التوازن وتعميق عناصر التنافس، يمكن ملاحظة ذلك في سياسات القوى الصاعدة، تصب مصالح هذه الأخيرة على جعل المتوسط ساحة آمنة وغير خاضعة لأية بنية صلبة يمكن أن تهدِّد مصالحها المتزايدة، تعكس هذه المصالح الأهمية المحورية والجغرافية للبحر المتوسط الذي يجتذب إليه السلوك الدبلوماسي الدولي، نتيجة الميزات السياسية التي يوفرها الإقليم لكل قوة تسعى لمكانة دولية كبيرة، تؤثر كل هذه العناصر والفواعل والسياسات في التوجهات الإقليمية لهيكلة التعاون الإقليمي الأورومتوسطي. تنطلق هذه الإشكالية من فكرة أساسية مفادها أن التعاون الإقليمي في المتوسط، وفي صيغته الأورومتوسطية حافز يمليه القرب الجغرافي وقوة التدفقات في المنطقة، غير أن الضغوط الناتجة عن الجغرافية المتوسطية تدعم التنافس وإنتاج سياسات متنافرة تحدّ من تطور التعاون الإقليمي في المتوسط وتجعل تجربة تشكيل ساحة جيوسياسية للأورومتوسط عملية محدودة النتائج، تتميز الجغرافيات المتوسطية بعدم التماثل، إذ إنها إقليم واسع من ناحية المساحة ويتكوّن من أقاليم تحتية دينامية وذات هويات جيوسياسية مميزة بعضها عن بعض، ومؤهلات اقتصادية متباينة، وولاءات استراتيجية إقليمية ودولية مختلفة يناقش هذا الكتاب هذه العناصر مجتمعة.