تعرف ظاهرة التسول في الجزائر العاصمة والمناطق المجاورة لها خلال شهر رمضان استفحالا واسعا وتزايدا كبيرا، حيث يتخذ المتسولون من الشوارع والأماكن العمومية والأسواق الشعبية وغيرها من الساحات، وحتى داخل حافلات النقل العمومي مراكزهم طيلة اليوم تراهم يمدون أيديهم في هذا الشهر الكريم بهدف جمع المال للعيش وجلب رزقهم في الوقت الذي يلجأ فيه آخرون إلى التسول من أجل الاستغناء مرفقين بالرضع لاستعطاف المارة بجانبهم خاصة وأننا في الشهر الفضيل حيث يكثر المواطنون من الصدقات وأعمال الخير. وللإشارة فإن هذه الظاهرة عرفت تناميا بشكل لافت للانتباه في جل المدن خلال هذا الشهر الكريم، وفاقت كل الحدود ومست جميع الأجناس، فبعدما كانت في وقت مضى مقتصرة على النساء والأطفال دون فئة الرجال، أصبحت اليوم هذه الفئة أيضا أكثر احترافا وممارسة لهذا النشاط بالرغم من تمتعهم بقوتهم الجسدية التي تبدو على أحسن حال إلا أنهم لا يخجلون من تصرفاتهم ومظهرهم في عرض عضلاتهم على مواطنين بسطاء. إذ لا يخلو حي ولا شارع ولا محطة من هذه المظاهر التي باتت تشكل ديكورا يوميا تتزين به ولاية الجزائر العاصمة خاصة في الشهر الفضيل، حيث يستغل هؤلاء رهفة القلوب تلمسا للصدقة ولم يقتصر التسول على أبناء الوطن فحسب بل تعداه إلى مواطنين متوافدين من الدول الشقيقة التي تعاني من ويلات الحروب، فما أن تطأ قدمك حافلة النقل حتى تتسرب إلى مسامعك أصوات مختلفة من مختلف الفئات العمرية أو يستوقفك هؤلاء المتسولون بالطرقات السريعة واستغلال اكتظاظ الطرقات حتى تجدهم واقفين أمام المركبة مجازفين بأنفسهم في سبيل الحصول على الصدقة، ولفت انتباهنا أثناء تواجدنا بإحدى حافلات النقل العمومي للخط الرابط بين ساحة أول ماي وساحة الشهداء توافد أعداد هائلة من المتسولين واحدا تلو الآخر على وسيلة النقل ومنهم النساء اللواتي يتحججن بحاجتهم للصدقة من أجل إعالة أبنائهم اليتامى وآخرون من الرجال يستعطفون الناس بإبراز عاهاتهم وأمراضهم المختلفة. من جهتها لم تسلم بيوت الله من هذه الآفة خاصة أثناء صلاة التراويح، حيث تكتظ المساجد في هذا الشهر بالمصلين في جميع الأوقات من طلوع الفجر إلى غاية الانتهاء من صلاة التراويح إلى جانب الأسواق والمحلات التي تعرف حركة غير عادية خلال هذا الشهر، حيث أبدى أصحاب بعض المحلات انزعاجهم من الانتشار الكبير لهؤلاء، ومنهم السيد محمد وهو صاحب محل بالمنطقة الذي أقر أنه يعاني مشكلا مع إحدى المتسولات التي اتخذت من محله مكانا خاصا بها إذ أصبحت تشكل مصدر إزعاج له وللزبائن المتوافدين على المحل، أما السيدة (نسيمة) التي كانت بالمكان فقد رأت أنه من الضروري ردع المتسولين الذين يتخذون من التسول مهنة لهم بشرط عدم الخلط بينهم وبين المحتاجين فعلا، والحث على فرض عقوبات للحد من هذه الظاهرة الغريبة عنا والتي باتت تقلق المجتمع بأسره. وقد أجمع الكل على أن النسبة الكبيرة من المتسولين يستعملون أساليب مصطنعة وغير حقيقية مثل ادعاء المرض أو الإعاقة وحملهم لأوراق مزورة يدعون المرض لكسب عطف الناس كل هذه تعتبر وسائل مبتكرة قصد التأثير في نفوس المارة، إذ ذهب بعضهم إلى الاستعانة بعبارات دينية متعلقة بشهر رمضان مما صعب على المواطنين التفريق بين المتسول المحتاج والمتسول المحتال مما يدفع بالأغلبية إلى الامتناع عن دفع الصدقة، وهذا ما أوجب تدخل السلطات المعنية من أجل تدارك الوضع ووضع حد للظاهرة من خلال التكفل بهذه الفئة.