بقلم: عبد الكريم رضا بن يخلف* في أول استقبال لوفود أجنبية من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ أشهر عدة، كان الأمر مع زعيم حركة النهضة السيد راشد الغنوشي، ثم تلاه بيوم واحد لقاء مع زعيم حركة نداء تونس السيد الباجي قائد السبسي. كل الملاحظين ذهبوا إلى أنها محاولة رأب الصدع، وتوسط بين الأشقاء لمحاولة إيجاد حل سياسي للأزمة التونسية والخوف من انقلابها إلى ما يهدد أمن المنطقة الهش بالأساس، إلا أنه يبدوأن الأمر تجاوز هذا البند فقط، حيث تكون المناقشات قد انتقلت إلى بند محاربة الإرهاب والتعاون الأمني، سيما أن التنظيم المسلح بتونس له امتدادات وأصول جزائرية، وأن منطقة التواجد الأبرز لتلك الجماعات المسلحة هي سلسلة جبال الشعانبي التي تقع بين تونسوالجزائر بولاية قصرين التونسية. اللقاء يكون قد تطرق لجرد معلومات أمنية وإعلام الأشقاء التونسيين على استعداد إقدام الجيش الجزائري على ملاحقة الإرهابيين حتى داخل الأراضي التونسية، وبالتالي الاستعداد للتنسيق الأمني لأن تلك الجماعات المسلحة تتكون من تونسيين وجزائريين، كما أشار إلى ذلك وزير الداخلية التونسي السيد لطفي بن جدولإذاعة (موزاييك): (قرابة ثلاثين مسلحا يتحصنون بجبل الشعانبي في محافظة القصرين (غرب البلاد) المحاذي للجزائر، نصفهم من حاملي الجنسية الجزائرية، ويأتمرون بزعيم تنظيم قاعدة المغرب، أبومصعب عبد الودود(دروكدال)) كما قال (إن مخططا إرهابيا اكتشف لتقسيم تونس إلى ثلاثة إمارات إسلامية، جنوبية ووسطى وشمالية). إلى جانب ذلك يلعب قائد مجموعة (الموقعون بالدماء) مختار بلمختار المدعوبلعور دورا محوريا في تدريب التونسيين وحتى المصريين ليكونوا القاعدة ببلادهم، كما هوالشأن لأنصار الشريعة التونسية، أوجماعة أنصار بيت المقدس والتوحيد والجهاد ومجلس شورى المجاهدين المصرية، وكانت عملية تيغنتورين بصحراء الجزائر الأخيرة ضد مصفاة للبترول هناك أكبر دليل على هذا المحور الجديد، حيث شارك العديد من التونسيين وحتى المصريين في هذه العملية وقتلوا بها، لقد استغلت القاعدة تشكيل دولة تابعة لهم بالشمال المالي وسقوط ليبيا واستغلال جنوبها في ظل عدم وجود مراقبة أمنية حثيثة، لكي ينشئوا معسكرات للتدريب على مختلف الأسلحة وفنون الحرب. استدعاء الزعيمين المتنازعين المتخاصمين، يدخل في إطار إعلام التونسيين بحياد الجزائر من الأزمة التونسية، وأن سياسة حسن الجوار ستكون متواصلة مع هذا الطرف أوذاك أوكليهما، سواء في المجال الاقتصادي أوالاجتماعي أوالأمني والعسكري، كما كان أيضا فرصة لإعلام التونسيين أن الموجة التي بدأت بمصر ستصل لا محالة إلى تونس، وأنه من الأجدر التفاهم والتنازل لتفويت الفرصة على أي أصحاب مشاريع فتنة من الداخل أوالخارج. تبقى مسألة أخرى مقلقة، وهورغبة تونس وبالأخص الجزائر على تعاون ثلاثي يشمل ليبيا أيضا، وجود حكومة ضعيفة بها وسيطرة مجموعات مسلحة على الميدان لم يشجع على مثل هذا التعاون، الأدهى والأمرً أن ليبيا رضوخا أوشعورا بثقل مسؤولية حراسة حدودها الشاسعة وضبط أمنها، قد أعطت الضوء الأخضر لدول أجنبية لحراسة حدودها، مما يسبب إحراجا للجزائر، المناهضة لأي تواجد أجنبي على حدودها، قبولها بعملية عسكرية بشمال مالي كان على مضض، لاسيما بعد العملية الإرهابية بتيغنتورين. الجزائر مستهدفة من أطراف عدة، لاسيما من تنظيم القاعدة، وستكون أكثر استهدافا، لاسيما بعد خطاب زعيمها أيمن الظواهري الأخير الذي دعا صراحة إلى إضعاف الجزائر ومهاجمتها لما سببت لهم من تضييق في شمال مالي وفي الصحراء الجزائريةوبتونس أيضا وحتى ليبيا بصفة أقل.