وصل خبراء دوليون في نزع الأسلحة أوّل أمس إلى دمشق لبدء مهمّة التخلّص من الأسلحة الكيميائية السورية، وقد استبق أركان النّظام السوري وصول فريق الخبراء بتعهدات بالعمل على تسهيل مهمّتهم. يأتي ذلك بعد يوم من مغادرة مفتشين دوليين كانوا يحققون في هجمات كيميائية محتملة بسوريا. وعبر الفريق المؤلّف من عشرين خبيرا تابعين لمنظّمة حظر الأسلحة الكيميائية في قافلة من نحو عشرين عربة نقطة المصنع الحدودية في شرق لبنان، ووصلوا بعد مساء أوّل أمس الثلاثاء إلى دمشق لبدء تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بتدمير الترسانة السورية من الأسلحة الكيميائية. وقال رئيس مركز الحد من الأسلحة ومنع انتشارها الجنرال روبرت كارد إن المفتشين الذين وصلوا إلى سوريا لن يحتاجوا إلاّ إلى شهرين لتعطيل قدرة النّظام السوري على تصنيع أسلحة كيميائية. ومن المقرّر أن يبدأ الخبراء بالتحقق من الترسانة الكيميائية السورية -التي تقول تقارير استخبارية غربية إنها تبلغ ألف طن- تمهيدا لتدميرها، وذلك تطبيقا لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر السبت الماضي. وكان متحدّث باسم المنظمة -التي تتّخذ من لاهاي مقرا لها- قال إنه تقرّر أن تتبع هذا الفريق فرقٌ أخرى في الأسابيع المقبلة، وأضاف أن نحو مائة خبير من المنظمة سيدخلون سوريا تباعا. وقدّمت السلطات السورية يوم 19 سبتمبر الماضي لائحة بمواقع الإنتاج والتخزين لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ومن المقرّر أن يزور الخبراء هذه المواقع خلال الأيّام الثلاثين المقبلة في إطار اتفاق روسي أمريكي يدعو للتخلص من الترسانة السورية بحلول منتصف العام المقبل. في وقت سابق غادر فريق من مفتشي الأمم المتّحدة برّا إلى لبنان في ختام مهمة تفتيش هي الثانية في غضون أسابيع. وحقّق الفريق في ست هجمات كيميائية محتملة، بينها ثلاث يقول النّظام السوري إنها وقعت في أحياء بدمشق عقب الهجوم الكيميائي الذي وقع يوم 21 أوت الماضي في غوطة دمشق وأسفر عن وفاة أكثر من 1400 شخص، وفق حصيلة للمعارضة السورية أكدتها واشنطن. وأعلن الفريق -الذي سبق وأن أعدّ تقريرا أوليا اعتبرت دول غربية أنه يؤكد ضلوع النّظام السوري في الهجوم الكيميائي- أنه سيخرج بتقرير شامل بحلول نهاية أكتوبر الجاري. وتعهّدت دمشق بالامتثال لقرار مجلس الأمن بشأن مخزونها الكيميائي، وهو التعهّد الذي كرّره الرئيس السوري بشار الأسد مرارا في مقابلات صحفية. وجدّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في الجمعية العامة للأمم المتّحدة التزام بلاده بوضع السلاح الكيميائي تحت المراقبة الدولية والانضمام إلى الاتفاقية الدولية للحد من انتشارها. من جهتها، أعلنت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري للشؤون السياسية والإعلامية أن بلادها تبذل ما بوسعها لتسهيل عمل بعثة مفتشي الأسلحة الكيميائية الدوليين في سوريا. وقالت شعبان لقناة (روسيا اليوم) إن دمشق تبذل الجهود القصوى لتسهل للبعثة إجراء تحقيق موضوعي وشفاف، وأضافت أن هناك (موجة إعلامية لتشويه صورة دمشق بدأت حتى قبل وصول مفتشي الكيميائي الدوليين إلى الأراضي السورية)، ورأت أن هناك جهات بدأت تتحدّث عن تجاوزات بهذا الشأن وتتهم الحكومة السورية بأشياء لا أساس لها من الصحّة، وقالت: (نتمنّى أن تقوم اللجنة بدورها بشكل شفّاف، وأن تتمكّن من التوصّل إلى الحقائق من دون أيّ ضغوط عليها، وأن يتبنّى المجتمع الدولي الحقائق التي تتوصّل إليها اللّجنة على الأرض من دون أيّ تشويه وترويج إعلامي معاكس). وأضافت شعبان أنه ليس من المفيد الحديث عن برنامج زيارة المفتشين لسوريا حرصا على سلامتهم. وفي هذه الأثناء، أكّد ميخائيل باغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أن خبراء من بلاده سيشاركون في عملية تدمير الترسانة السورية، وذلك مع تأكيد وزير الخارجية سيرغي لافروف استعداد بلاده للمساهمة بالمال والأفراد في عملية تدمير تلك الأسلحة. بدوره، أكّد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتّحدة فيتالي تشوركين أن نزع الأسلحة الكيميائية السورية سيمهد الطريق أمام التعامل مع مشكلة أصعب تتثمل في الوصول إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وأضاف في مقابلة مع قناة (روسيا اليوم)، أن نزع الكيميائي السوري سيعطي زخما سياسيا يساعدنا على التحرك من الاتفاق بشأن الأسلحة الكيميائية في سوريا نحو الاتفاق على تسوية سياسية للأزمة السورية وعقد مؤتمر (جنيف 2)، كما دعا الغرب إلى منع (استفزازات) محتملة من المعارضة السورية عبر هجمات بغازات سامّة لإفساد العملية. كما أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده للمساهمة ماليا وفنّيا في عملية تدمير المخزون الكيميائي السوري.