عبّر الرئيس التونسي منصف المرزوقي عن تفاؤله ببقاء بلاده (على المسار إلى الديمقراطية) رغم تعليق الحوار السياسي الذي انطلق منذ أيام بهدف اختيار شخصية مستقلّة تترأس حكومة كفاءات مقبلة مهمتها إنهاء الأزمة -التي تفجرّت منذ نحو ثلاثة أشهر- وإجراء انتخابات جديدة. المرزوقي أضاف بعد محادثات في باريس مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أنه أيا كانت الصعوبات حاليا فإن العملية الديمقراطية تمضي قدما رغم بعض أوجه القصور، معتبرا أن بلاده مصممة على مواصلة المسار الديمقراطي، ودعا السياسيين في تونس إلى مواصلة البحث عن حلول لخلافاتهم، والتغلب سريعا على مأزق قال إنه يخاطر بدعم ما سماه الإرهاب، واصفا الأحداث التي شهدتها بلاده في الآونة الأخيرة بأنها (فترة عصيبة)، وقال: (نواجه تحديا ثلاثيا في تونس، تحد اقتصادي ويتمثل في تنمية الشباب، وآخر ديمقراطي ويتمثّل في إقامة دولة ديمقراطية، وآخر أمني لأننا نواجه أيضا الإرهاب). وفي السياق ذاته قالت دائرة الإعلام والتواصل التابعة للرئاسة التونسية في بيان إن المرزوقي لا يدعّم مرشّحا بعينه لرئاسة الحكومة، نافية ما رددته بعض التقارير الإعلامية مؤخّرا. وأضاف بيان الرئاسة التونسية أن المرزوقي سيقبل في إطار احترام التنظيم المؤقّت للسلطات العامة بالمرشّح الذي يحظى بإجماع الأحزاب في إطار من التوافق الوطني الحقيقي، بما يعزز قدرته على تشكيل حكومة قادرة على الفوز بثقة المجلس الوطني التأسيسي. تأتي هذه الدعوة بعد أن قررت المنظمات الوطنية الأربع الراعية للحوار في تونس (الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة أرباب العمل وعمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان) تعليق الحوار لأجل غير مُحدّد بسبب فشل الأحزاب المُشاركة فيه في التوصّل إلى توافق على الشخصية التي ستُكلف برئاسة الحكومة الجديدة. واستمرّت المفاوضات بين الفرقاء السياسيين إلى وقت متأخّر من مساء الاثنين بعد تمديد المهلة التي كان مقرّرا أن تنتهي السبت، وذلك دون التوصّل إلى توافق على أحد المرشّحين لرئاسة الحكومة. ودعّمت المعارضة ترشيح السياسي المخضرم محمد الناصر ووزير الدفاع الأسبق عبد الكريم الزبيدي، في حين تمسّك حزب حركة النهضة وشريكه في الحكم حزب التكتّل من أجل العمل والحريات بالمناضل السياسي المعروف أحمد المستيري. وقد عاد التوتّر على أشدّه للساحة السياسية في تونس بين الترويكا الحاكمة والمعارضة عقب إعلان تعليق الحوار، حيث بدأ التراشق بالاتهامات بين حركة نداء تونس والجبهة الشعبية -أبرز مكونات المعارضة- وبين حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم، محمّلين بعضهم بعضا مسؤولية تعثّر الحوار. وقال القيادي في الجبهة الشعبية منجي الرحوي إنّ حركة النهضة سعت لفرض المستيري رئيسا للحكومة دون توافق، مشيرا إلى أن كبر عمره (88 عاما) (لا يؤهله للاضطلاع بالمسؤولية في هذا الظرف الصعب). غير أن النّاطق باسم حركة النهضة زياد العذاري قال أيضا إن المعارضة (هي التي تعنّتت وحاولت فرض مرشح لها من بين شخصيات لا يوجد حولها توافق)، معتبرا أن المستيري هو (الأكفأ لإنجاح ما تبقى من المرحلة الانتقالية). وفي ظلّ تعطّل خريطة الطريق وتعليق الحوار، ألمح رباعي الوساطة على لسان ناطقه حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل -أكبر منظمة نقابية- إلى تصعيد موقفه إذا لم تستأنف المحادثات قريبا، مهددا بفضح من أفشل الحوار واقتراح أسماء لتولّي رئاسة الحكومة. كما لوّح نواب من المعارضة بالانسحاب مجددا من المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) رغم أنه لم يمض على عودتهم سوى أسبوع واحد، وذلك بسبب تعثر الحوار من جهة وعودة التجاذبات على أشدها بالمجلس من جهة أخرى. الغنوشي: "ليس هناك تخوّف من انقلاب في تونس" في سياق ذي صلة، قال راشد الغنوشي، زعيم حركة (النهضة) التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، إنه (ليس هناك أي تخوّفات من انقلاب) يحدث في بلاده. وفي تصريحات لوكالة الأناضول، قال الغنوشي عقب فشل مفاوضات (الحوار الوطني) في الاتفاق على اسم رئيس الحكومة المقبلة (ليس هناك تخوّفات من انقلاب) في تونس. وفي ردّه عن تساؤل بخصوص (تسريبات) حول تخوّف (النهضة) من قرب عدد من المرشّحين لرئاسة الحكومة بأحزاب المعارضة خاصّة نداء تونس قال الغنوشي (من حقّنا أن نخاف). وأشار الغنوشي إلى تمسّك (النهضة) بدعم (أحمد المستيري) المعارض في فترة حكم الرئيس الأسبق الحبيب بورفيبة، كمرشّح لخلافة علي العريض في رئاسة الحكومة (انطلاقا من كونه شخصية مستقلة عن جميع الأحزاب فضلا عن خبرته السياسية ونضاله ضد الديكتاتورية). واعتبر زعيم (النهضة) في ذات السيّاق أنه لا يوجد (أيّ مبرّر لرفض باقي القوى السياسية لأحمد المستيري). وأوضح الغنوشي أن (النهضة قبلت بمقترح توافقي لأحمد نجيب الشابي زعيم الحزب الجمهوري المعارض يقضي) بتولّي أحمد المستيري رئاسة الحكومة ويكون كلّ من محمد الناصر وجلول عيّاد وزراء دولة مهمّين، إلاّ أن المعارضة رفضت، على حدّ تعبيره.