بارونات يتربصون بأطفال المدارس يتدهور حال المدرسة الجزائرية من السيء إلى الأسوأ من مرحلة إلى أخرى، فبعد انتشار آفة العنف واستعمال الوسائل الحادة التي أدت إلى تسجيل وفيات في الآونة الأخيرة عبر بعض المدارس انتقل الوضع إلى ما هو أخطر وأخذ منحا صعبا بعد أن صار تلاميذ المدارس لا سيما المتوسطات والثانويات عرضة للإدمان عن طريق انتشار المخدرات فيما بينهم ومحاولة بعض العصابات إقحام تلاميذ المدارس في اللعبة واستقطاب مدمنين ومروجين. نسيمة خباجة كانت المخدرات سببا في تحويل تلاميذ نجباء إلى مدمنين بل ومروجين، وحسب شهادات حية فإن المخدرات تقدم في بادئ الأمر وهي مخلوطة بحلويات تتخذ نكهة الشكولاطة ويتم مزجها بطريقة خاصة، بعدها يتحول التلميذ إلى مدمن حقيقي، وهي الأمور التي زرعت الرعب في العائلات وجعلتها في حالة يقظة دائمة على الأبناء بحرصها على رقابتهم ومرافقتهم إلى المدارس وتتبع خطواتهم خطوة بخطوة لعدم وقوع الفأس في الرأس. فالواقع الذي تتخبط فيه المدرسة الجزائرية هو واقع مر يدعو إلى دق ناقوس الخطر وفتح الأعين والوقوف على مسببات الظواهر الخطيرة التي زارت المدرسة الجزائرية في الآونة الأخيرة وجعلها مطمعا لتحقيق بعض المآرب والمبتغيات، على غرار تدريب أجيال على حمل المشعل من طرف بارونات المخدرات الذين يتربصون بتلاميذ المؤسسات التربوية ويستغلون براءتهم من أجل نشر تلك السموم بين أوساطهم، وربما إشراكهم في ترويج المخدرات عبر المؤسسات التربوية وتدمير مستقبل التلاميذ. وبعد جولتنا عبر بعض المتوسطات والثانويات بالمناطق الشعبية خاصة تأكدت لنا الظاهرة التي سمعنا بها من قبل، وكشف لنا البعض عن وصول تلك السموم إلى الصروح التربوية أمام صمت الأطقم التربوية من مدراء ومعلمين. وباتت مداخل المؤسسات مجالا فسيحا لترويج تلك السموم واستعمال مراهقين في نشرها بين التلاميذ على أن تستعمل الحيل من طرف تلك العصابات التي تقدمها مجانا في الأول لاستقطاب المراهقين وتفرض عليهم غرامات بعد ذلك، عادة ما يجنون مقابلها من السرقات التي تحدث فيما بين التلاميذ على غرار سرقة الهواتف النقالة وإعادة بيعها لجني مقابل تلك السموم ما أعلمتنا به بعض التلميذات اللواتي تخوفن كثيرا قبل أن يكشفن لنا عن المستور وعن تغلغل زملائهم في ذلك العالم المشبوه بعد أن استقطبهم البعض إليه باستعمال حيل متنوعة وصلت إلى حد إيقاع البعض عن طريق الحلويات وإيهامهم أنها حلويات، لكن في الحقيقة هي مخلوطة بحبوب مخدرة فالحذر هو جد مطلوب في ذلك الجانب مادام أن كافة الصور المشبوهة باتت تملأ مدارسنا وتحاصر أبناءنا. التلميذة نور من متوسطة بالعاصمة ترددت في الأول وبعدها نظرت يمينا وشمالا وراحت تخبرنا عن ما هو جارٍ بمؤسستهم، إذ قالت إنها على معرفة بأشخاص تورطوا في تلك العمليات المشبوهة حتى أن بوابة المدرسة تحوّلت إلى فضاء لعرض وترويج تلك السموم من طرف التلاميذ المطرودين الذين يحملون نوايا سيئة في إيقاع زملائهم وإقحامهم في تلك الورطات بالنظر إلى الضغينة المشتعلة في قلوبهم مما زرع الرعب والفزع في قلوب التلاميذ بسبب حدّة تعامل هؤلاء مع كافة التلاميذ وتخويفهم في كل مرة بمختلف الأساليب، حتى صار الكل يتحاشى المكوث أمام باب المدرسة ولو للحظات لعدم الاصطدام بهؤلاء الأصناف التي تصطاد فرائسها بمداخل المؤسسات وتعرض عليهم السموم وبعدها تحاول استعمالهم في الترويج. وهو نفس ما قالته لنا أم تلميذ كانت تسرد علينا مصيبتها ودموع الحرقة تنهمر من عينيها بعد أن رأت ابنها المتفوق في دراسته وهو يضيع من بين يديها بعد أن جرته النفوس الظالمة إلى تلك المصائب، بحيث انطفأ كالشمعة وأضاع دراسته وطرد، وهو الآن في يد هؤلاء وبعد أن أدمن في الأول على تلك السموم أصبح يستعمل كواسطة في الترويج لتلاميذ المدارس، وأوصت في الأخير الأولياء بمنع وتحريم مصروف الجيب عن الأبناء كونه السم القاتل لاسيما وأنها كانت تقدم مبالغ ضخمة لابنها المدلل واستعمالها في غير محلها وكان مصيره الضياع. وتجدر الإشارة أن بعض التلاميذ وبعد انعدام مصادر اقتناء تلك السموم يحاولون الغوص في عالم التجارة وتضييع ساعات الدراسة ببيع بعض الأشياء البسيطة وتسليم عائداتها كمقابل لاقتناء تلك السموم من دون أن ننسى آفة السرقة التي صارت تشهدها المدارس فيما بين التلاميذ لجني المبالغ الخيالية التي يفرضها المروجون على هؤلاء. فانتشار المخدرات أصبح واقعا لا يقبل النكران، تعيشه المدرسة الجزائرية بكل انعكاساته السلبية على المحيط الدراسي، وأكدت إحصائيات حديثة عن تسجيل 2073 حالة إدمان للأطفال المتمدرسين على مستوى الجزائر العاصمة في ظل السكوت المطبق المسلط على الظاهرة رغم عواقبها السلبية والخطيرة.