قال جمال بن عبد السلام رئيس حزب (جبهة الجزائر الجديدة) ورئيس الوفد الجزائري الذي زار سوريا والتقى رئيسها بشار الأسد مؤخّرا إن بناء مغرب عربي موحّد متكامل تزول فيه كلّ الخلافات هو مسعى العقلاء في المنطقة، وأضاف أنه لا يمكن أن نبني مغربا عربيا والمغرب كدولة لا تعترف بسيادة الجزائر على تندوف وبشار، مشيرا إلى أن ما حدث من تنكيس وتدنيس لراية الوطن في القنصلية الجزائرية في الدار البيضاء (جرم وتحرّش بالوطن الحبيب، وهو كذلك تنفيذ لمشروع صهيوني)، ليطالب في هذا الشأن بتسليم المجرم الذي قام بذلك للجزائر لكون الجريمة حصلت في مكان يقع ضمن سيادة الجزائر. * ما هو تعليقكم على الفعل المشين الذي قام به بعض (مرتزقة المغرب)، وعن الكلام الذي قاله (السادس) بدل تقديم الاعتذار؟ وما هو السبب لهذا في نظركم؟ ** التصعيد الذي قام به الأشقّاء المغاربة وتهجّماتهم على الجزائر هو واقع فرضه نظام المخزن بمشاكل تكرّرت، بدءا بمشكل عدم ترسيم الحدود إلى المطالبة بتندوف وبشار إلى تهريب المخدّرات، إلى أن وصل بهم الأمر إلى المساس براية المليون ونصف مليون شهيد في أعزّ يوم عندنا في الجزائر، وهو ليس فعلا معزولا، بل فعل مخطّط له باقتحام القنصلية الجزائرية في الدار البيضاء بالمغرب. نحن في الحزب ندين إدانة صارخة هذا الفعل المشين ونعتبره طعنة مسموسة وجرحا عميقا ومؤذيا، ومن هنا ندعو الشعب الجزائري إلى ضبط النفس لأننا لسنا مستعدّين لإدخال المنطقة في حرب من هذا النّوع، ونحن نعلم أن نظام المخزن نظام في أيدي الصهاينة وهو مكلّف بتوتير هذه المنطقة. ونحن نرفض رفضا قاطعا أن يُمّس استقرار الجزائر والسبب لكلّ هذا معروف لدى العام والخاص وهو دفاع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عن الصحراء الغربية في رسالة أرسلها مع وزير العدل الطيّب لوح إلى أبوجا. * ما هو الحلّ لهذا المشكل في رأيكم كرجل سياسي؟ ** معالجة الخلافات عنها أصول وقواعد والظلم وقع علينا كجزائريين ولابد من تقديم الاعتذار من نظام المخزن رسميا، إلى جانب ضرورة تقديم الجاني للقضاء الجزائري بحكم الإقليم ومحاكمته في الجزائر لأن الجرم نفّذ عن سبق الإصرار والترصّد فوق أراضي القنصلية الجزائرية في المغرب، هذا سلوك مخالف للأصول الدبلوماسية والدين ونحن مع معالجة المشكل في إطار مغاربي. * ما هو رأيكم في إعادة تفعيل العلاقة بين الطبقة السياسية المغاربية، وذلك بسفر وفد يضمّ عددا من رؤساء الأحزاب الجزائرية إلى المغرب برفقة وفد من القوى الشعبية؟ ** نحن نرحّب بالمغاربة في الجزائر، لكن قبل تنقّل هذا الوفد الجزائري إلى المغرب كان لابد أن يقدّم هذا الأخير اعتذارا رسميا كقوى شعبية أمام الصحافة الجزائرية إلى جانب اعتذار آخر من (السادس) للجمهورية الجزائرية أمام الملأ، وبعد هذا نحن مستعدّون للذهاب معهم إلى المغرب لرفع الرّاية على القنصلية الجزائرية. * أستاذ بن عبد السلام لنعرج إلى ملف آخر بعيدا عن المغرب ومشاكله، لنتحدّث عن زيارة الوفد الجزائري الذي رافقتموه وترأستموه إلى دمشق ولقائكم مع الرئيس السوري بشار الأسد، هل يمكنك إعطاءنا فكرة شاملة عن هذه الزيارة؟ ** ذهبنا إلى سوريا واستقبلنا من طرف أشقّائنا في سوريا، والحمد للّه أن هذه الزيارة خلّفت صدى كبيرا في الدول العربية وفي الجزائر، وقد جاءت زيارتنا هذه لأننا ننتمي إلى شعب مقاوم، نحن (طليعة الثورات)، ما دفعنا إلى الذهاب طابع المؤامرة الدولية لضرب سوريا وما يتبع سوريا، مع العلم أننا لم نقم بزيارة سوريا فقط، بل زرنا لبنان كذلك. الجزائر معرّضة للتقسيم إلى خمس دويلات كباقي الدول العربية بأداة العربية السعودية تحت سلطة الصهاينة، وذهبنا لنؤكّد تصدّينا للمؤامرة، وسوريا هي قلعة الصمود للمؤامرة ولسنا مستعدّين للسّماح بسقوط سوريا كالعراق. * ما هي أهداف هذه الزيارة؟ ** جاءت هذه الزيارة أوّلا لدعم صمود سوريا، وكذا الاطّلاع على الواقع الميداني لدمشق والاطمئنان عليها بعيدا على التحامل الإعلامي، إلى جانب نقل مشاعر الجزائريين لشعب سوريا، مع العلم أن التيّار الوطني كلّه مع الشقيقة دمشق، بالإضافة إلى تقديم النصح للقيادة السورية بحكم أننا نعمل بالمصالحة الوطنية والتباحث عن سبل وإعادة ترميم ما خلّفه (الربيع العربي) وكيفية إعادة اللّحمة لمحور المقاومة، ونحن منسجمين جدّا في محورنا من أجل التباحث في المجال السياسي. * هل يمكنك أستاذ جمال أن تعطينا خلاصة استنتاجاتكم من زيارتكم لسورياولبنان؟ ** الوضع في سوريا يختلف عن كلّ الأوضاع وما يمكننا أن نقوله هو أن بشار الأسد (رمز الصمود في سوريا) لأنه استطاع أن يحقّق الاكتفاء الذاتي لبلده دون إمكانيات، ومن جانب آخر نقول إنه لولا سوريا لما استطاع (حزب اللّه) أن يصمد. سوريا ليست النّظام المصري ولا الليبي ولا التونسي، بل لابد أن نساعد سوريا لأنها تحتاج إلى إصلاح سياسي. نتكلّم عن العربية السعودية ليس لديها مجلس شعبي، وفي رأي من يستلزم فيها تغيير النّظام هي السعودية وقطر، ومن هذا المنطلق موقفنا منسجم مع سوريا لا يتغيّر. وعن الوفد الذي زار سوريا فإنه وفد شعبي من كلّ مناطق الوطن يضمّ البرلمانيين والمواطنين العاديين، كما يضمّ كذلك المتقاعدين وغيرهم من أفراد المجتمع الجزائري بكلّ فئاته. سافرنا يوم الرّابع من نوفمبر إلى مطار دمشق فكان في استقبالنا عبد اللّه الأحمر المساعد العام للحزب الاشتراكي وعقبها التقينا الدكتور الحلقي ونائب وزير الخارجية فيصل مقداد، وما أسال دموعنا هو تكريم الوفد في قصر الأمير عبد القادر، أين قمنا بحصّة عبر الفضائية السورية في مقرّ الأمير عبد القادر، بعدها توجّهنا إلى لبنان حيث كان في استقبالنا هناك عند الحدود قيادة (حزب اللّه). وكانت زيارة لبنان منحصرة في القرى اللّبنانية التي وقعت فيها المواجهة مع إسرائيل، مع العلم أن هذه المقاومة منعت الصهاينة من الدخول إلى الأراضي اللّبنانية ب 5 مائة متر، وأقامت المقاومة متحفا على الهواء وضعت فيه كلّ الأسلحة التي سقطت من اليهود في سنتي 2005 و2006. * كيف يمكنكم وصف الوضع في الأراضي السورية؟ وما الشيء الذي لاحظتموه خلال زيارتكم؟ ** أوّل شيء يمكننا أن نقول هي حفاوة استقبال شعبي ورسمي وإعلامي، حيث صادفتنا صور تلاحم ليس لها مثيل وما لاحظناه (أكذوبة نظام يقتل شعبه)، والتجوّل في سوريا كان عاديا وما لاحظناه هو مساندة الشعب لرئيسهم بشار الأسد، خاصّة الحركة الكثيفة عقب صلاة المغرب (الشعب السوري يعيش حياته) وحتى (الأعراس) تقام، ويخصوص ما حدث في درعا من اعتقال للأطفال فقد تمّت معاقبة المسؤولين من قِبل النّظام على هذا العمل، أمّا عن الأنفاق التي هي في الأصل موجودة قبل حادثة درعا فقد صعّبت مهمّة الجيش، وعن القصف فإن بشار كان يُخرج المدنيين من تلك المناطق ثمّ يقصفها. * ماذا عن الوضع الاقتصادي في سوريا؟ ** رغم أن هناك تضخّما كبيرا بسبب المتاجرة في العملة الصعبة إلاّ أن بشار الأسد لم يتخلّ عن سياسة الدعم للمواد الغذائية والخدمات المجّانية. * ما هي طبيعة الصراع في سوريا؟ ** أكبر أكذوبة وقفنا عليها هي القول إن الصراع في سوريا صراع (علوي سنّي)، بينما ما لاحظناه هو أن 80 بالمائة من الجنرالات والمسؤولين في سوريا سنّيون بينما العشرون بالمائة المتبقّية فتنقسم على 22 طائفة أخرى 5 بالمائة منهم علويين فقط، أي بمعنى أصح أن أغلب أعضاء الحكومة السورية سنّيون. وما يمكن قوله هو أننا لم نجد أيّ فتنة مذهبية في الشارع السوري، بل وجدناها في العقول الوهّابية فقط. وما شدّ انتباهنا هو أن نظام بشار الأسد أصدر قرار العفو الرئاسي الشامل في حقّ كلّ السوريين الذين خرجوا ضد النّظام وشكّل كذلك وزارة جديدة تحت اسم وزارة المصالحة وحرّكوا علماء من أجل التشاور ومشايخ القبائل والوجهاء، وقد نصّب علي حيدر وزيرا للمصالحة، ومن ثمار هذه الوزارة استسلام 5 مائة من السوريين من الغوطة الشرقية، مع العلم أن هناك 3 مائة تنظيم مسلّح يقاتلون ضد النّظام السوري ويتقاتلون فيما بينهم 25 بالمائة ضد النّظام السوري. * هل تلاحظون تغيّرا إقليميا عربيا ودوليا اتجاه سوريا؟ ** هناك تحوّل واضح من جهة روسيا وتحوّل إقليمي واضح من أجل سوريا، إلى جانب تركيا التي تستجدي تحسين العلاقات مع سوريا وقطر تسعى لتجديد العلاقات كذلك مع سوريا، بالإضافة إلى (حماس) المغرّر بها من قِبل الوهّابيين التي ترغب في العودة إلى المقاومة السورية، ومن هذا كلّه بقيت السعودية وحدها ضد سوريا. * ما هي النتائج التي أسفر عنها لقاؤكم مع الأسد؟ ** دام لقاؤنا مع الأسد ساعتين ونصف وهو لقاء نموذجي، ومن خلال هذا اللّقاء وقفنا على بشرى انتصار سوريا، لكنها مسألة وقت فحسب، وتمثّلت نتائج زيارتنا لدمشق في تعزيز الموقف الجزائري في سوريا، وذلك بإبقاء السفارة الجزائرية في أراضيها. وهناك إجراءات عملية سنعلن عنها مستقبلا تتمثّل في سحب الثقة من الدول العبرية والإعلان عن جامعة الدول العربية وتأسيس البرلمان الشعبي العربي وتشكيل جبهة من العلماء ضد الطائفية مع مفتي سوريا، إلى جانب أننا شرعنا في الترميم في المقاومة وإعادة تجميع كلّ القوميين العرب وتوسيع جبهة المدعّمين لسوريا في الجزائر، وكذا تكسير الاحتكار الإعلامي وستكون هناك وقفات مساندة أمام السفارة السورية. * سمعنا بأن الوفد تعرّض لعدّة تهجّمات هل من الممكن أن تعطينا لمحة عن هذا الموضوع؟ ** هناك فيصل القاسم الإعلامي السوري في قناة الجزيرة القطرية اتّهمنا بأننا (حركة) وعضو جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، إلى جانب زيراوي حمداش الذي أخرجنا على حد تعبيره من الملّة وحذّر من المدّ الشيعي. * كلمة أخيرة... ** نوجّه رسالة للشعب الجزائري وهي أنه لابد من أن نرجع الخير للشعب السوري، ومهما كان الموقف مشرّفا نحتاج إلى موقف أعلى، ومن جانب آخر أقدّم رسالة لأبناء التيّار الإسلامي وأقول لهم إلى متى يبقى الإسلاميون يضحّى بهم كالأضاحي ويدفعون الثمن من أجل أهداف لا يعرفونها؟