سعى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وضيفه رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني من أجل دفع عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، فيما بحث المسؤولان أيضا تعزيز العلاقات في المجال الاقتصادي خاصة في الاستثمارات المتعلقة بالطاقة. في خطاب أمام عشرات الآلاف في ديار بكر- كبرى المدن الكردية في جنوب شرق تركيا- حثّ أردوغان (أشقّاءه) الأكراد على دعم جهوده لإنهاء النزاع الذي أوقع أكثر من 45 ألف قتيل منذ 1984. وقال أردوغان إن (عملية السلام ستتقدم بدعم أشقائي في ديار بكر)، وأكد أن أكراد تركيا -الذين يتراوح عددهم بين 12 و15 مليونا- هم جميعا (مواطنون من الدرجة الأولى). بدوره، خاطب البارزاني الحشود التي كانت ترفع الأعلام الكردية والتركية أو الأعلام التي تحمل ألوان حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ودعا إلى السلام والمصالحة، وقال إن (أردوغان اتخذ خطوة بالغة الشجاعة نحو السلام، وأريد من إخوتي الأكراد والأتراك أن يؤيدوا عملية السلام). ووفقا لرئيس إقليم كردستان العراق -الذي يتمتع بحكم ذاتي- فإن (الأيّام التي كان فيها شاب تركي يسيل دماء شاب كردي وشاب كردي يسيل دماء شاب تركي قد ولت). وتريد أنقرة الاستفادة من نفوذ البارزاني على أكراد تركيا لإقناعهم برغبتها في صنع السلام، في وقت تراوح فيه المحادثات مع الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان مكانها. وكان حزب العمال الكردستاني أعلن وقفا لإطلاق النار في مارس الماضي ثم بدأ بعد شهرين سحب عناصره من الأراضي التركية نحو قواعدهم في شمال العراق. لكن الأكراد اتهموا بعد ذلك أنقرة بعدم الإيفاء بوعودها بتطبيق الإصلاحات، خصوصا برفضها الاعتراف بهويتهم في الدستور رغم أنه مطلب رئيسي لهم. وتلقى بعض الأكراد زيارة البارزاني -التي تحظى بتغطية إعلامية كبيرة- بتشكك. وندد بعض القادة المحليين لحزب السلام والديمقراطية الكردي ب (مناورة سياسية) من السلطة قبل الانتخابات البلدية المرتقبة في مارس 2014. وتظاهر مئات من عناصر الحزب بديار بكر رافعين راية ساخرة كتب عليها (البارزاني، هل ستصبح مرشحا لحزب العدالة والتنمية في ديار بكر؟). وقال المسؤول بالحزب محمد أمين يلمظ في كلمة للمتظاهرين (البارزاني يجب أن يأخذ في الاعتبار حساسيات شعب ديار بكر)، واعتبر أن (أردوغان لم يتخذ خطوات ملموسة من أجل حقوق الشعب الكردي). وتتجاوز زيارة البارزاني السياسة المحلية، ويتوقع أن يبحث أردوغان والبارزاني تعزيز علاقاتهما في المجال الاقتصادي خصوصا في قطاع الطاقة. ونقلت رويترز عن مصادر قولها إن إقليم كردستان العراق وضع اللمسات النهائية لاتفاقات مع تركيا لبناء خطوط أنابيب بعدة مليارات من الدولارات لنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية. لكن في توازن دقيق للسياسة الخارجية تسعى أنقرة في الوقت نفسه إلى استعادة العلاقات مع بغداد التي تقول إنها السلطة الوحيدة التي يحق لها إدارة صناعة النفط العراقية.