تعتبر أكلة المحاجب الأكلة الشعبية التقليدية التي ذاع صيتها على مستوى الأسر الجزائرية منذ أمد بعيد وتفننت فيها أنامل نسائنا لاسيما وأنها أكلة اقتصادية مائة بالمائة ولا تحتاج إلى مستلزمات كثيرة، وكان نفس الحال على مستوى محلات الفاست فود التي تعرض المحاجب والتي تعرف إقبالا كبيرا من طرف المواطنين في هذه الأيام الشتوية الباردة على اعتبار أن الأكلة تتوافق مع حالة الطقس وعادة ما تؤكل ساخنة عبر المحلات التي اشتهرت في صناعة الأكلة التقليدية التي أدمن عليها الكثيرون. انتشرت المحلات التي تبيع المحاجب عبر العديد من شوارع العاصمة على غرار بلكور، ساحة أول ماي، ساحة الشهداء، وغيرها من الأحياء الشعبية الكبرى بالعاصمة، بحيث يُتبع دوما نشاط محلات الإطعام السريع بتلك الأكلة التي يخصص لها جانب ويتم وضع فرن خاص بها بزاوية من زوايا المحل، على أن تقدم للزبون فورا فدرجة السخونة تزيد من نكهتها وتقدم في العادة ساخنة كما يهواها الجميع. فالأكلة الشعبية التي تفننت فيها جداتنا وأمهاتنا في الماضي توارثت بين الأجيال واكتست الطابع الجزائري المحض، بحيث أنها من بين الأكلات العريقة التي اشتهرت بها الجزائر عبر الكثير من الولايات واستمدّت شهرتها من بساطة تكاليفها، فهي لا تخرج عن العجين والمرق المخصص لحشو الحبات والذي يعتمد أساسا على البصل والطماطم. وانتقلت صناعة المحاجب من النسوة والعجائز اللواتي برعن في تحضيرها إلى الرجال وأضحت كنشاط ممارس من طرف العديد من الرجال واختصت محلات بأكملها في صناعة الأكلة بعد تزايد طلبها من طرف الزبائن في كامل الفصول، ويعرف فصل الشتاء بالإقبال الكبير على تلك الأكلة بالنظر إلى تلائمها مع برودة الطقس. اقتربنا من بعض محترفي صناعة المحاجب على مستوى المحلات بالعاصمة، فشاهدنا الإقبال الكبير على محلاتهم ليس في وقت الغداء بل ابتداء من الفترة الصباحية مما يفرض على بعض المحلات تقديم تلك الخدمة في الصباح، ويزداد الطلب في وقت الغذاء على حسب ما أعلمنا به الشاب محمد في العقد الثالث والذي اختص في صناعة المحاجب على مستوى محل للإطعام السريع بشارع بلوزداد، ما إن تقدمنا إليه حتى راح يبتسم ظنا منه أننا بصدد طلب حبات من المحاجب إلا أننا استفسرناه حول دوافع ميله إلى تلك الحرفة النسوية فأجاب فورا أن أشهر طباخي العالم هم من الرجال، وقال إن الأكلة مشهورة بين الجزائريين ويطلبونها كثيرا في كامل ساعات اليوم ويكثر الطلب عليها في فصل الشتاء كونها تتلاءم مع الطقس البارد أكثر من فصل الصيف، ليضيف أنه امتهن الحرفة منذ خمس سنوات بالمحل واكتسب زبائن الذين أبانوا في كل مرة إعجابهم بالمحاجب التي يحضرها والتي تعلم طريقة صنعها عن أمه، واختارها كحرفة بدل الفراغ وعيش البطالة فهي تبقى مهنة شريفة يسترزق منها حلالا بدون أي عقدة. اقتربنا من بعض المواطنين على مستوى المحل فأجمعوا أن المحل يستقبل الزبائن ويفي بمتطلباتهم، وعن إدمانهم على الأكلة أوضحت السيدة حفيظة موظفة أن الأكلة ذات نكهة خاصة وفي نفس الوقت اقتصادية فيكفيك أن تقدم مبلغ 50 دينارا للاستفادة من وجبة ذات نكهة وصحية في نفس الوقت، وهي تفضلها عن السندويتشات التي يدفع فيها المرء مبلغا ضخما وتكون في معظم الوقت مثقلة بالزيوت وحتى الجراثيم، كما أن المحل التي تقتنيها منه يضمن النظافة وهو الشيء الأهم.