يعرف مساء اليوم في مقرّ بمدينة جنيف السويسرية مقرّ الاتحاد الدولي لكرة القدم صاحب السعد السعيد ليرفع الكرة الذهبية الغالية لسنة 2013، وسيتنافس عليها ثلاثة أسماء من خيرة لاعبي كرة القدم في الوقت الرّاهن، ويتعلّق الأمر بكلّ كريستيانو رونالدو لاعب ريال مدريد الإسباني والمنتخب البرتغالي، فرانك ريبيري لاعب بايرن ميونيخ الألماني والمنتخب الفرنسي وليونيل ميسي لاعب برشلونة الإسباني والمنتخب الأرجنتيني. بن عبد القادر تصبّ كلّ التكهّنات في أن الكرة الذهبية الغالية لسنة 2013 لن تفلت من أيدي (الدوق) البرتغالي كريستيانو رونالدو، وقد لمّحت إلى ذلك مجلّة (فرانس فوتبول) الفرنسية في عددها الصادر أمس الأحد بعنون (الكرة الذهبية ستبقى في إسبانيا). وحتى إن لم يكشف كاتب المقال عن هوية الفائز إلاّ أن المتوّج بها هو البرتغالي رونالدو على حساب الفرنسي فرانك ريبيري، فيما سيحلّ دون شكّ حامل الكرة الذهبية في طبعاتها الأربع الماضية الأرجنتيني ليونيل ميسي في المركز الثالث. وممّا يضع رونالدو المرشّح الأوّل لنيل الكرة الغالية هو دعوته لخمسة أفراد من عائلته لحضور حفل تسليم الكرة الذهبية، فإضافة إلى زوجته الرّوسية شايك ستحضر والدته وشقيقتاه. وحسب صحيفة (دون بالون) البرتغالية في عددها الصادر أمس الأحد فإن رونالدو توصّل بمكالمة هاتفية من مدير مجلّة (فرانس فوتبول) الفرنسية أشعره فيها بأنه هو الفائز بالكرة الذهبية لسنة 2013، وحسب ذات المجلّة دائما فإن ذات المدير طلب من رونالدو كتم السرّ لمواصلة (السوسبانس) بين المتنافسين الثلاثة: رونالدو وريبيري وميسي. التنافس هذا العام على أشدّه على نقيض السنوات القليلة الماضية يبدو التنافس على جائزة الكرة الذهبية هذا العام على أشدّه بين لاعبين جمع بينهم الإبداع على الملاعب ولمّهم التوهّج في المواعيد الكبرى، سواء مع منتخباتهم أو أنديتهم، فصُنّفوا في خانة المرشّحين لإحراز الجائزة الفردية الأغلى في عالم المستديرة وتباينت حولهم آراء المتتبّعين والجماهير التي رجّحت كفّة نجم على آخر بناء على حسابات المنطق أو العاطفة والانتماء لهذا الفريق ومقت ذاك. تمديد فترة التصويت خدم رونالدو بسبب الإقبال الهزيل من طرف قائدي ومدرّبي المنتخبات الوطنية وممثّلي المنابر الإعلامية قرّر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) تمديد فترة التصويت للمرشّحين لجائزة الكرة الذهبية إلى غاية 29 نوفمبر 2013، هكذا أجّج الجهاز الأعلى في مضمار الكرة الصراع على الجائزة هذه السنة وأيقظ الشكوك التي ما فتئت تحوم حول شفافية الجائزة ونزاهة المعايير التي تلعب دور الفيصل في اختيار المتوّج بالكرة الذهبية التي تسهر عليها (الفيفا) بالمناصفة مع المجلّة الفرنسية الشهيرة (فرانس فوتبول) منذ سنة 2009. التمديد أفقد الجائزة مصداقيتها عقب البيان الذي خرج به الاتحاد الدولي وتعالي الأصوات المُندهشة بهذا القرار عادت مجموعة من التساؤلات المُلحّة التي تدور حول مصداقية الجائزة لتطفو على السطح وتمرّ على الألسن، ما هي المعايير الحقيقية التي تقف وراء اختيار الفائز؟ ألا تحتاج (الفيفا) والمجلّة الفرنسية إلى إعادة النّظر في أساليب اختيار المتوّجين؟ ثمّ كيف يُمكن ابتكار مقاييس أكثر مصداقية ومشروعية للعب دور الحكم في إهداء الجائزة لهذا اللاّعب وإقصاء ذاك؟ معايير غير منطقية رغم مرور أربع سنوات على ميلاد جائزة الكرة الذهبية في نسختها الجديدة ما تزال المقاييس التي يتمّ اعتمادها لاختيار الفائز مُبهمة أو على الأقل يدور حولها جدل كبير وسط معارض ومؤيّد، هذا اللّغط أخذ في الارتفاع مع احتدام المنافسة والصراع بين مجموعة من اللاّعبين المُتقاربين من حيث المستوى على امتداد السنة. إذا كانت الجائزة تؤخذ للإنجازات الجماعية فإنها ستؤول ل (فرانك) [بلال ريبيري]، أمّا إذا كانت تأخذ بعين الاعتبار الإنجازات الفردية فإن كريستيانو رونالدو يستحقّها وجدير بها، بمضمون هذه الكلمات ترجم جملة من اللاّعبين ومشاهير اللّعبة من خلال تصريحات أدلوا بها في الآونة الأخيرة الفراغ الكبير الذي يعتري الكرة الذهبية على مستوى المعايير التي تُضفي على أيّ جائزة كانت المشروعية والأهلية للاستئثار باهتمام المتتبّعين. التناقض الذي أسقط الجائزة في فخّه التناقض الذي سقطت في فخّه (الفيفا) و(فرانس فوتبول) ظهر بصورة واضحة في السنوات القليلة الماضية التي عرفت تتويج (البرغوث) الأرجنتيني ونجم نادي برشلونة بأربع جوائز متتالية من سنة 2009 إلى 2012، لكن رغم المستوى المُبهر والأداء المُميّز الذي بصم عليه الدولي الأرجنتيني في هذه السنوات تحرّكت بعض الأفواه التي ندّدت باختيار اللاّعب وحاولت جاهدة التأكيد على استحقاق لاعبين آخرين الفوز بالجائزة. ففي سنة 2010 مثلا قدّم صانع ألعاب إنتر ميلان آنذاك ونجم المنتخب الهولندي ويسلي شنايدر مستويات خرافية كللّها بمساعدة (النيراتزوري) بالظفر بخماسية تاريخية وقيادة المنتخب البرتقالي لبلوغ نهائي مونديال جنوب إفريقيا، بيْد أن ذلك لم يؤهّله لمعانقة الجائزة بسبب غزارة الرّصيد التهديفي للأرجنتيني ليونيل ميسي الذي اكتفى بلقب جماعي وحيد وهو الدوري الإسباني تحت إمرة المدرّب الإسباني بيب غوارديولا. من جهته، توّج صمّام الأمان الإيطالي ونادي رِيال مدريد فابيو كانافارو بالجائزة في نسختها القديمة سنة 2006 بعدما حاز على كأس العالم مع المنتخب الإيطالي والدوري الإسباني مع النادي الملكي على الرغم من بروز ثلّة من اللاّعبين الذين تفوّقوا على المستوى الفردي بأهدافهم الكثيرة في تلك السنة فارضين أنفسهم نجوم العام بامتياز. هو تذكير لا يُراد منه سوى إبراز اللاّ منطق الذي يكتنف هذه الجائزة وغياب الاستقرار على معايير معلومة للجميع حتى يسهل اختيار اللاّعب الأكثر استحقاقا ويتمّ تقويض جميع الشكوك والهالات السوداء التي تلتصق بأساليب الاختيار. الموضوعية والحيادية ينتفيان عند التصويت كما جرت العادة فضّل مجموعة من اللاّعبين الأخذ بعين الاعتبار في تصويتهم نوعية العلاقات التي تربطهم بالمرشّحين كما يُستشفّ ذلك من خلال العديد من التصريحات التي كشف عبرها قائدو المنتخبات عن اختياراتهم، على غرار حامي عرين المنتخب الإيطالي ونادي جوفنتوس جيانلويجي بوفون الذي صوّت للأيقونة أندريا بيرلو متبوعا بنجم الميرينغي كريستيانو رونالدو، ثمّ أفضل لاعب في العالم لأربع مرّات ليونيل ميسي. الاختيارات المبنية على العاطفة لا تُعبّر معظمها عن الواقع، فرغبة اللاّعب في مساندة زميله ودعمه تنسف حظوظ لاعب آخر أكثر جدارة بإحراز الجائزة، لهذا يُجانب العديد من اللاّعبين المنطق في اختياراتهم، وهي القاعدة التي من المتوقّع أن تصمد في السنوات القادمة مادامت تحتفظ الجائزة بنفس المساطر وذات الأساليب. الوثيقة التي يتمّ نشرها بعد الإعلان عن هوية المتوّج بالجائزة، والتي تنطوي على اختيارات جميع اللاّعبين والمدرّبين تحمل في طيّاتها العديد من الاختيارات الغريبة التي تعكس بالملموس ابتعاد المصوّتين عن الموضوعية والحياد عند الإدلاء بأصواتهم. إذن هي عيّنة من الثغرات التي تُلقي بظلالها على الجائزة الفردية الأغلى في عالم الكرة فتُفقدها رونقها وتسلبها جزءا كبيرا من مصداقيتها التي تظلّ العامل الأهمّ في الاستئثار باهتمام الجماهير والمتتبّعين، في انتظار إعادة النّظر من طرف (الفيفا) والمجلّة الفرنسية حتى تقوّض جميع الشكوك التي تُداهم الجائزة وتُضفي عليها المشروعية.