وصل ثمانية شباب من القل إلى سردينيا الايطالية في رحلة « حرقة» تمت بطريقة سرية جدا، لدرجة حتى أن عائلاتهم لم تعرف خطتهم إلى غاية وصلوهم و إرسالهم صورا لأصدقائهم و اتصالاهم بعائلاتهم التي أخبروها أنهم في سردينيا الايطالية، خوفا من وصول معلومات للجهات الأمنية التي ستسعى لمنعهم. وذكر أشخاص مقربون من الحراقة أنهم يقطنون بمناطق مختلفة تابعة للقل، جلهم أصدقاء و حملة شهادات جامعية، ملوا البطالة وانتظار فرصة الحصول على عمل مناسب يضمن حياتهم و يحفظ كرامتهم أمام عائلاتهم التي لسنوات يأخذون منها مصروف الجيب ما اعتبروه إهانة لحياتهم و لشبابهم الذي ضاع بين المقاهي و الشوارع وإهانة لمستوياتهم العلمية و شهاداتهم ، ليقرروا ركوب قارب رغم أنه يحمل الموت أكثر من الحياة، ليجازفوا و يغامروا و يحضروا تفاصيل رحلة بدايتها مخاطرة ونهايتها قد يكون موت مثل 40 شابا تونسيا الذين سلمت السلطات الايطالية مع بداية الأسبوع جثثهم لعائلاتهم عقب غرقهم على ضفاف بحرها و بجانب سردينيا التي كانت حلمهم فأصبحت» مقبرتهم» التي ابتلعت أعمارهم الصغيرة و رغبتهم الكبيرة في الحياة ، ليهربوا إلى الموت بحثا عن الحياة. الحراقة من أبناء القل طمأنوا عائلاتهم عن صحتهم و عن وصولهم بسلامة و رغم أن عيون أوليائهم غرقت بالدموع إلا أن عدم غرق أبنائهم في البحر أراحهم نفسيا في انتظار أخبار جديدة قد تكون بداية مستقبل زاهر لأبنائهم الباحثين عن الحياة. رحلات الموت تتكرر بولاية سكيكدة، ورغم تصدي السلطات إلا أن الشباب لا يكل و لا يمل و يقاوم و يسعى لاقتناص أية فرصة لركوب قارب يحمل الموت طمعا في النجاة و بناء حياة جديدة، من خلال العمل أو الزواج بفتاة من ايطاليا تساعده على تصحيح وضعيته بإيطاليا و تمنحه الإقامة و بالتالي توقع عودته إلى الحياة من خلال العيش هناك والحصول على فرصة لم تمنح له هنا في وطنه و بين أفراد عائلاته و أصدقائه. تفضيل الشباب المغامرة التي تحمل نسبة أكثر من 90 بالمئة موت، معناه أن الوضع الذي يعيشونه متعفن حد تطليق الحياة و اعتناق الموت في مغامرة نسبة الفشل فيها أكبر من النجاح، لهذا وجب بدل الترصد للباحثين عن الحرقة و منعهم من ركوب أمواج الموت منحهم فرصة للحياة في وطنهم ، لأن عدم تمكينهم من سبل الحياة الكريمة لا يثنيهم عن السفر لسردينيا جزيرة الأحلام حتى للبنات الجزائريات بدليل آخر الإحصاءات التي تؤكد رغبة آلاف الفتيات في الهجرة و الحرقة لإيطاليا.