يناقش المجلس الوطني الفرنسي يوم الثلاثاء المصادق ل30 مارس المقبل مشروع قرار دستوري ينص على منح حق الانتخاب والمشاركة في الانتخابات البلدية بالنسبة للمواطنين الأجانب غير الأوروبيين، مشروع يجمع أغلب العارفين بخبايا المشهد السياسي الفرنسي على ضآلة آماله في النجاح حتى وإن كان يحظى بدعم "الكتلة اليسارية التي لا تزال تحت نشوة الفوز الأخير المحرز في الانتخابات الإقليمية وهو ما تراهن عليه "الجبهة اليسارية" إضافة إلى الاشتراكيين الراغبين بشدة في أن يمنح الأجانب غير الأوروبيين حق الانتخاب في الاستحقاقات البلدية، غير أن أغلب المعطيات تصب في خانة صعوبة مهمة المشروع الذي أخرجه إلى النور مارتن أوبري في جانفي المنصرم. لعدة اعتبارات أهمها أن اليمين ما زال محافظا على الأغلبية الساحقة في المجلس الوطني وفي الرئيس ساركوزي في حد ذاته وقبل اعتلائه سدة الحكم أعلن بصريح العبارة أنه من أشد مؤيدي حق اقتراع الأجانب في الانتخابات المحلية غير أنه قد أسيل الكثير من الحبر حول ما إذا كان ساركوزي يعني فعلا ما كان يقول، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالأجانب غير الأوروبيين. وكان مشروع هذا القانون قد أدرج لأول مرة سنة 2000 من طرف الحزب الاشتراكي وقد تم تبنيه من قبل المجلس الوطني خلال السنة ذاتها، إلا أنه لم يدرج قط ضمن مناقشات النواب. وحين سؤاله عن سبب ذلك أجاب "JUSPIN" الوزير الأول الفرنسي في تلك الفترة "ما الجدوى من إدراج قرار تقف الأغلبية الساحقة ضده؟ إنه مجرد سراب يلهث البعض وراءه". ومن المفارقات التي يعرفها التشريع الفرنسي بشقه الخاص بالانتخابات أن مواطنا أجنبيا من مالي أو من الجزائر على سبيل المثال يقيم على التراب الفرنسي زهاء 40عاما ويدفع الضرائب المستحقة عليه دون أية تجاوزات إضافة إلى امتلاكه لكل الوثائق القانونية لإقامته، يبقى غير مؤهل للمشاركة في الانتخابات بأي شكل من الأشكال (اقتراعا وترشحا)، بينما يتمتع أجنبي آخر من هولندا أوبلجيكا لم يمض على إقامته بفرنسا سوى عامين بكل حقوقه الانتخابية وبإمكانه الترشح للانتخابات البلدية، وحسب أولى البوادر فإن حالات مثل هاته مرشحة للاستمرار أكثر إذ أنه وخلال مشاورات برلمانية حول هذا القانون صرح النواب الاشتراكيين الخميس الماضي قائلا:" من الأساسي أن يتمتع كل من يعمل على المحافظة على مبادئ الجمهورية ويحترم قانون الضرائب، على حقه في الانتخاب وإن كان أجنبيا ليرد عليه نائب عن اليمين منتقدا :"إن المواطنة غير مبنية على المساهمة الاقتصادية في المجتمع بل على الاندماج في توثقة القيم التي تقرها الجمهورية ". بينما ذهبت نائبة عن اليمين عكس التيار عندما صرحت :"نعرف جميعا أن هنالك مواطنين فرنسيين أقل وطنية بكثير من أجانب يساهمون فعلا في تطوير المجتمع الفرنسي في حين أنهم محرومون حتى من أبسط حقوقهم في الانتخاب". وتبقى فرنسا بذلك في طليعة الدول الأوروبية التي لا تمنح الأجانب خاصة غير الأوروبيين أي حق في الانتخاب. مراسلتنا من باريس: أمال. ب