حقّقت شركة "فيروفيال" عنابة رقم أعمال ملفت للنظر خلال الآونة الأخيرة عقب تسجيلها لأرباح طائلة جعلتها تتربّع على عرش الشركات الإقتصاديّة الناجحة في الولاية في ظلّ أزمة كورونا. حيث خرجت المؤسسة العمومية الاقتصادية لصناعة معدات السكة الحديدية وتجهيزاتها "فيروفيال" من النفق المظلم الذي سلكته في سنوات ماضية بفضل تجسيد خطّة استراتيجيّة محكمة على أرض الميدان تمثّلت في قيام مصالح الشركة المتمثّلة في إطارات وموظّفين برسم مخطّط عمل متقن تحت إشراف الرئيس المدير العام للشركة ل. بويوسف الذي ساهم بدرجة كبيرة في تغيير مسار سكّة "فيروفيال" ووضعها في الطريق الصحيح منذ قدومه على رأسها مطلع سنة 2017، علما وأنّ الشركة كانت مهدّدة بالإفلاس والغلق حينها نظرا لتراكم الديون التي بلغت أرقاما مرعبة كادت وأن تضع حدّا لنشاطها، وفي سياق متّصل فقد سجّلت المؤسّسة أرباحا طائلة خلال السنوات الأخيرة بتحطيمها أرباحا صافية لم يسبق وأن حقّقتها من قبل وهو رقم الأعمال المقدّر بعشرات الملايير بالإضافة إلى نجاحها في تسديد كافّة الديون المترتّبة عن سوء الاستغلال الذي عانته قبل سنة 2017 وهو الإنجاز الذي ساهم اليوم في بريق هاته اللؤلؤة الإقتصادية بعنابة والرفع من قيمتها إلى أعلى المستويات. معاناة المؤسّسة بدأت بتسجيل ديون مع البنوك قدّرت ب 160 مليار سنتيم وناتج خسارة بأزيد من 17 مليار في 2016 بدأت معاناة شركة فيروفيال عنابة حين تراكمت قيمة الديون التي تمّ اقتراضها من عدّة بنوك وطنيّة، وما زاد الطّين بلّة هو تسجيل فيروفيال عنابة لعجز حقيقي في القدرة الإنتاجية قابله ضعف ملفت للإنتباه في رقم الأعمال وضعف على مستوى التصنيع من جهة والقدرة التسويقيّة من جهة ثانية مما تسبّب في عدم تمكّن الجهات المسؤولة على دفع مستحقّات البنوك التي كانت تتضخّم فواتيرها مع مرور الأوقات نتيجة كثرة قروض الشركة باعتبارها تلجأ في كلّ مرّة إلى الإستنجاد بالبنوك والإستعانة بالقروض الممنوحة إليها من أجل فكّ الضيق الذي حاصرها من كافّة الجوانب وهو ما آل إلى بلوغ قيمة الديون المتراكمة عتبة 160 مليار سنتيم سنة 2016 التي لم تتمكّن المؤسّسة من تسديدها رغم قيام البنوك بعمليّة إعادة جدولة لتلك القروض لمرّتين متتاليتين قبل أن تتّخذ الإجراءات المعمول بها المتمثّلة في غلقها الحسابات الجارية للمؤسسة، ومن جهة ثانية فقد سجّلت المصالح المعنية بذات المؤسّسة ناتج خسارة صافي قدّر آنذاك بأزيد من 17 مليار سنتيم وهو الأمر الذي كاد أن يضع حدّا لشركة فيروفيال التي أضحت بالنسبة للإقتصاد الوطني مثابة عبء وثقل زائد أرهق كاهل الإنتاج الوطني خاصة بعد تحقيقها لخسائر فادحة بدل مساهمتها في التحسين منه وهي القطرة التي أفاضت الكأس وجعلت السلطات الوصيّة تقرّ حينها تغييرات جذريّة مسّت عدد من الإطارات وعلى رأسها المدير العام السابق للمؤسّسة. 200 مليار سنتيم قيمة المستحقّات الماليّة التي كانت مرغمة على تسديدها لشركة " sntf " لم يتوقّف الحال على ديون البنوك لا غير، بل تسبّب مشكل سوء التسيير حينها إلى مطالبة الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية "sntf" لشركة فيروفيال بدفع مستحقّات بلغت ما يساوي 200 مليار سنتيم كانت قد دفعتها لها حينذاك على شكل تسبيقات ماليّة بغرض إنتاج مئات العربات للمؤسّسة المذكورة سالفا، علما وأن الواقعة ترجعنا إلى سنة 2012 حين وقّعت شركة فيروفيال اتّفاقيّة هامّة مع شركة sntf ينصّ مضمونها حول قيام المؤسّسة الأولى بصناعة 380 عربة نقل البضائع وتسليمها للثانية مقابل مبلغ 400 مليار سنتيم، على أساس أن تقوم مؤسّسة فيروفيال بإرجاع مبلغ 200 مليار سنتيم للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدة بعد الإنتهاء من تصنيع العربات وتسليمها حسب ما أشارت الإتّفاقيّة الموقّعة بين الطرفين، ومن جهة ثانية دفعت الشركة الثانية مبلغ 200 مليار سنتيم لشركة فيروفيال على شكل تسبيقات ماليّة من أجل اشتراء المواد الأوليّة الضروريّة في مشروع إنتاج العربات، في حين لم تستغلّ الجهات المسؤولة تلك الأموال الطائلة في اقتناء المواد الأوّلية بل تمّ استغلالها في أمور أخرى متعلّقة أساسا في تسديد رواتب العمال وتسديد الضرائب وغيرها من اللّوازم، ممّا أدى إلى حدوث عجز على مستوى المؤسّسة التي صارت لا تملك الأموال اللازمة لإتمام مشروع إنجاز العربات بسبب عدم قدرتها على شراء المواد الأولية الضرورية في عمليّة التصنيع كما لم تجد المصالح المسؤولة حلولا في كيفية اقتناء تلك المواد الأساسيّة لإنتاج العربات وهو الأمر الذي وضع فيروفيال على المحكّ. استراتيجيّة محكمة مكّنت المؤسّسة من كسب أسواق جديدة وضعت مؤسّسة فيروفيال استراتيجيّة محكمة مكّنتها من كسب عدّة أسواق جديدة والإنفتحاح على المحيط العام، حيث ازداد زبائن الشركة بنسبة معتبرة مقارنة بالسنوات المنصرمة بفضل خّطة مدروسة أنهت من خلالها سلسلة الإشكاليات التي غرقت فيها من قبل ووضعت لها حدّا قبل تفاقمها أكثر فأكثر، وفي سياق ذو صلة فقد ساهم الرئيس المدير العام الجديد لمؤسّسة فيروفيال ل.بويوسف في إخراج المؤسّسة من النفق المظلم الذي عاشت فيه لسنوات طويلة ونجح في وضع لمسته الخاصّة التي عملت على تطوير الشركة منذ تعيينه على رأسها شهر مارس من سنة 2017، حيث أزال هذا الأخير السّتار خلال حديثه ل"آخر ساعة" عن الإستراتيجيّة التي جسّدها بغرض الدّفع بعجلة الإنتاج والرّفع من وتيرة التصنيع في الشركة حيث بدأت بدراسة معمّقة رفقة إطارات وخبراء مختصّون من أجل العمل على تحسين وجه الشركة مع تكثيف المجهودات المبذولة في إطار الدّفع بعجلة الإنتاج إلى أقصى الحدود ورفع الوتيرة بغرض إعطاء نتائج إيجابية تضمن مسايرة الأوضاع الراهنة، وكشف بويوسف في حديثه أنه قام رفقة طاقمه الإداري بحسن استغلال الكفاءات المهمّشة والوقوف على انتقاء أبرز المهندسين والتقنيين مع القيام بعمليّة تشريح للمؤسّسة على المستويان الداخلي والخارجي تمّ على إثرها وضع مخططّ عمل انبثقت منه استراتيجيّتان، الأولى متعلّقة بالتوصّل إلى اتّفاقيات جمّة مع الشركات المصنّعة وطرق أبوابها موضّحا أن الهدف من هاته الخطوة يكمن في تفادي إستيراد المواد الأوّليّة التي كانت تكلّف في السابق خسائر ماليّة كبيرة وهي الخطّة الأولى التي كلّلت بالنجاح في وقت صارت فيه مؤسّسة "فيروفيال" اليوم تحصل على المواد الأوّلية من طرف شركات جزائرية أبرزها مركّب الحجار مع العمل على ضرورة تكييف العربات، ليضيف المدير العام للمؤسّسة أنّه خصّص جانبا كبيرا من الإهتمام في الوصول إلى نقطة التمويل من طرف المورّد عن طريق الإتصال بالمورّدين لتزويد الشركة بالمواد الأوّليّة، الأمر الذي ليّن مهمّة الحصول على المواد الضروريّة في عمليّة الإنتاج، وتطرّق بويوسف إلى الإستراتيجيّة الثانية التي تمّ دراستها بدقّة واعتمدت عليها المؤسّسة مطلع سنة 2017، حيث جاء في طيّاتها السّهر على ضرورة التنويع في المنتجات وعدم حصر نشاط الشركة في إنتاج جانب واحد محدّد في الصناعة بل تمّ العمل على ضرورة التنويع في الإنتاج والإتّجاه إلى المواد ذات القيمة المضافة الكبيرة، بحيث أبرمت "فيروفيال" اتّفاقيات عديدة أبرزها مع المورّدين للمساهمة بالمواد الأوّلية بغرض إنجاح نختلف عمليات الإتناج منها مشروع مع المؤسسات العسكرية بقيمة 50 مليار سنتيم الذي سار بخطى مثبّتة قبل أن تسدّد الشركة مستحقات المورّدين وهي الخطوة الثانية التي سهّلت الحصول على التمويل بطريقة خاصّة انتهجتها هذه المؤسّسة من دون اللّجوء إلى الكريدي الإقتراض. التنويع في المنتجات وكثرة الإتفاقيات المبرمة مع عدّة مؤسّسات ساهم في إعطاء الثمار لفيروفيال وجدت المصالح المسؤولة بمؤسّسة "فيروفيال" أنّ الحلّ الوحيد في إنقاذ الشركة يكمن في إلزامية رفع التحدّي عن طريق المتابعة اليوميّة وإيجاد جلّ الحلول الممكنة لإنعاش المؤسّسة، أين عمل القائمون على "فيروفيال" بإشراف من الرئيس المدير العام الجديد على التنويع في المنتجات وفسح المجال لعدّة أبواب في الإنتاج من أجل اكتساح السوق بطريقتهم الخاصّة، مع الإعتماد على الحصول على المواد الأوّلية محليّا والتخلّي عن استيراد المعدّات والتجهيزات الداخلة في إطار نشاطها، وأبدى بويوسف في تصريح ل"آخر ساعة" نيّة خالصة في بذل مزيد من المجهودات واستغلال كافة الوسائل مع توفير المستلزمات الضرورية للوصول الى الأهداف المرجوّة التي تخدم المؤسّسة خاصة والوطن على وجه العموم، كما تطرّق من جهته إلى أبرز الإتّفاقيات التي جمعت "فيروفيال" بمجموعة من الشركات بعد تبنّيها فكرة تنويع المنتجات عن طريق التوجّه لمبدأ المناونة، وذكر منها اتّفاقيّة مع مجمّع "جيكا" وأخرى مع مجّمع "أغروديف" بالإضافة إلى إتّفاقيّة هامة مع مجمع "سوميفوس" تتمحور حول وقوف فيروفيال على تصنيع الأفران لهذا المجمّع بعد أن كان يتمّ جلبها من الخارج في أوقات سالفة، وهي القيمة المضافة التي صارت تتمكّن الشركة من تحصيلها مع مرور الأوقات لدرجة نجاحها في تلبية جميع الطلبات منها طلبات شركة sntf وغيرها ممّا ساهم بدرجة عالية في تمكّن المؤسّسة من رمي ثقل الديون العالقة التي أتعبتها في أوقات ماضية بعد نجاحها في تسديد مختلف المستحقات المالية المذكورة سالفا. هذه هي الأرباح التي تمكّنت الشركة من تحقيقها خلال الفترة الأخيرة بلغ رقم أعمال مؤسّسة فيروفيال مستوى قياسي لم تشهده من قبل بعد تسجيلها لأرباح طائلة على مدى الأربع سنوات الأخيرة، حيث نجحت الشركة في استرجاع مبلغ 17 مليار سنتيم المندرج ضمن خانة الناتج الصافي للخسارة فيما يتعلّق بسنة 2016، كما تمّ تسديد مبلغ 200 مليار سنتيم لشركة sntf بعد الإنتهاء من تصنيع عربات نقل البضائع المتّفق عليها ودفعت جلّ الديون التي تمّ اقتراضها سابقا من البنوك بالإضافة إلى تحقيق أرباح متمثّلة في 6 ملايير سنتيم سنة 2017، إلى جانب أرباح بقيمة 49.5 مليار سنتيم سنتَيْ 2018 و2019 ورقم أعمال ملفت سنة 2020 على الرغم من تزامنها مع جائحة كورونا ناهيك عن تسديد أجور الموظّفين الذين يقارب عددهم 600 عاملا دون أيّ تأخير المتمثّلة في 2.5 مليار سنتيم شهريّا ودفع عدّة مستحقّات ماليّة دون أن تتأثّر الشركة. السعي إلى توظيف الطلبة الأوائل واحتضان مشاريعهم هذه السنة أبرمت المؤسّسة العمومية الإقتصادية لصناعة معدّات السكّة الحديدية وتجهيزاتها "فيروفيال" اتّفاقية شراكة مع جامعة باجي مختار لإحتضان مشاريع تخرج الطلبة مؤخّرا، في سعي منها إلى احتضان مشاريع الطلبة وتوظيف الأوائل منهم وهو ما ينحصر في إطار احتياجات تطوير المؤسسة وكذا جهود قطاع التعليم العالي والبحث العلمي نحو تشجيع الشراكات المثمرة من جهة وبغية تطوير الاقتصاد الوطني وتشجيع البحث التطبيقي البنّاء والإبتكار من جهة أخرى، مع تسطير برنامج تنمية وتطوير يفضي إلى مشاريع نوعية يتم تنفيذها بالشراكة بين الطرفين، تجدر الإشارة أن المؤسّسة المعنية برمجت خلال الأوقات القريبة المقبلة اتّفاقيات عديدة سيتمّ تسليط الأضواء عليها والتي تهدف جميعها إلى تطوير الشركة وانفتاحها على المحيط العام في شتّى المجالات.