مع حلول كل صائفة يعود الحديث في عاصمة الكورنيش جيجل عن واقع القطاع السياحي بهذه المدينة الساحلية التي وعلى الرغم من التطور الذي عرفته في السنوات الأخيرة إلا أن السياحة بها لازالت تعاني من الكثير من المشاكل المزمنة التي جعلت منها الحلقة الأضعف في مسلسل التنمية الشاملة التي تشهدها هذه الرقعة الجميلة من الوطن وعلى الرغم من المناظر الطبيعية الخلابة التي وهبها الله للولاية (18) والتي جعلت منها المقصد رقم واحد لعشاق البحر والطبيعة إلا أن هذه الأخيرة تبقى عاجزة عن استقبال ضيوفها الكثيرين ليس لضيق مساحتها أو لشيئ آخر وإنما لافتقادها إلى الهياكل والمنشآت السياحية التي تسمح لها بأداء واجب الضيافة وإكرام زوارها الذين تتضاعف أعدادهم من سنة إلى أخرى مدفوعين بهدوء وسحر عاصمة الكورنيش وهي الميزة التي تفتقد إليها الكثير من نظيراتها على مستوى التراب الوطني وحتى بالخارج . فنادق غير مصنفة وأخرى برتبة حمّامات وتبقى أكبر مشكلة تواجه القطاع السياحي بولاية جيجل هي مشكلة الهياكل حيث تفتقد هذه الأخيرة إلى المنشآت القاعدية الضرورية التي تسمح لها باستقطاب واحتواء السواح فيما تبقى الهياكل المتوفرة وعلى قلتها أبعد ما تكون عن استيفاء المقاييس والشروط الضرورية بدليل أن معظم الفنادق التي تتوفر عليها هذه الولاية من أقصاها إلى أقصاها ليست مصنفة فيما لا تحمل بعضها من تسمية الفندق سوى الاسم من منطلق أنها لا تختلف في شيئ عن الحمامات الشعبية سواء من حيث طريقة الإيواء أو حتى الخدمات المقدمة لزوارها وهو ما يفسر النفور الذي سرعان ما يعتري مرتادي هذه الفضاءات سيما من قبل السواح الذين اعتادوا على خدمات أفضل في جهات أخرى من الوطن أو حتى بالدول المجاورة على غرار تونس والمغرب . إذا لم تكن تحسن الابتسامة فلا تفتح متجرا والحقيقة أن هياكل الاستقبال ليست وحدها التي تحول دون تطور القطاع السياحي بالولاية (18) وتحمله على التراجع من سنة إلى أخرى رغم المؤهلات الطبيعية لهذه الولاية بل ثمة أمر آخر لا يقل أهمية ويتمثل في عقلية بعض المشرفين على المنشآت السياحية بهذه الولاية ومن ورائهم بقية المشرفين على قطاع الخدمات بها والذين لا يفقهون شيئا في فن الاستقبال بل ويختصر معظمهم فن السياحة في جني الأرباح والأموال الطائلة دون أدنى اكتراث بالراحة النفسية للسائح أو بالأحرى للزبون ، ولاشك أن هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم ولو ليوم واحد التمعن في المثل الصيني القائل “إذا لم تكن تحسن الابتسامة فلا تفتح متجرا” طالما أن الكثيرين من زوار الولاية (18) يشتكون من سوء المعاملة في الكثير من الفضاءات التي يزورونها والتي لطالما قوبلوا فيها بوجوه عابسة لا تعرف معنى الابتسامة والترحاب اللذين يتفق الجميع على مفعولهما السحري في نفسية السائح الذي يبحث في المقام الأول عن تغيير الأجواء والتخلص من تراكمات سنة كاملة من التعب والمعاناة . هل ستحسن الهياكل الفندقية الجديدة والإستثمار الأجنبي الوضع ؟ وفي ظل قتامة الأفق السياحي بالولاية (18) وغياب أي مؤشر يوحي بأن أمور هذا القطاع ستتحسن قريبا يبقى السؤال الرئيسي الذي يطرحه الجميع في عاصمة الكورنيش هو الى متى سيظل وضع السياحة بجيجل على ماهو عليه وهل ستساهم الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات المحلية والقاضية بفتح مالا يقل عن خمس مناطق جديدة أمام التوسع السياحي، ناهيك عن فتح أبواب الاستثمار في هذا القطاع أمام الخبرة الأجنبية والوطنية وهو ما أثمر بعدة هياكل فندقية جديدة سيتم استلامها قريبا بعدما شارفت بها الأشغال على النهاية ، لتبقى الإجابة على السؤال الطويل العريض مؤجلة على الأقل إلى موسم الاصطياف المقبل مادام أن كل المعطيات تقول بأن موسم هذا العام الذي انطلق قبل أكثر من أسبوع سيكون كسابقيه وربما أسوأ .