ارتفعت منذ حلول شهر رمضان المعظم أكوام القمامة والنفايات والمفرغات العشوائية بعدة احياء وسط مدينة عنابة الى اكثر من 300 طن يوميا، حيث بات المتجول والمار بين شوارع وأحياء الولاية يلاحظ الانتشار الرهيب والغير مسبوق للقاذورات والفضلات المنزلية مشكلة بذلك ديكورا يبعث على الاشمئزاز والانزعاج خاصة بعد الافطار مباشرة أي في ساعات متأخرة من الليل وهو الامر الذي يمثل ضربة قاضية على السلامة البيئية. وكانت السلطات المحلية قد سطرت من اجل الحفاظ على المحيط برنامجا خاصا بالشهر الفضيل من خلال تجنيد اكثر من 100 عامل نظافة اضافي وتوفير شاحنات وعتاد جديد بالإضافة الى 250 عون تنظيف الشوارع و700 اخرون يعملون بالتناوب على 19 فرع. من جهته عقب رئيس بلدية عنابة السيد فريد مرابط على الوضع قائلا بأن “رفع القمامة هو دراسة وتنظيم” وركز في حديثه لأخر ساعة حول الوضع البيئي الذي تتخبط فيه الولاية على اتخاذ تدابير صارمة للتحكم في الجوانب المتعلقة بالمحيط. وبالرغم من ذلك تظل هذه الاجراءات غير كافية مقابل الارتفاع الرهيب لأكوام النفايات والمفرغات الفوضوية العشوائية خلال شهر رمضان المعظم نتيجة غياب الحس المدني والشعور بالمسؤولية تجاه المحيط الخارجي لدى بعض المواطنين. ليتحول الشهر الفضيل الى شهر التبذير والتباهي والشراء العشوائي للمواد الاستهلاكية والغذائية التي غالبا ما يكون مصيرها القمامة التي ترمى وسط الاحياء دون وعي بخطورة الوضع الذي قد يتحول إلى كارثة بيئية مخيفة نظرا لتعرض هذه القاذورات لأشعة الشمس وانتشارها في الهواء الطلق متسببة في انتشار روائح كريهة ومزعجة للغاية ومن ثمة ظهور عدة امراض جلدية خطيرة. البقايا الغذائية هي الطبق الرئيسي الذي يزين حاويات عنابة ففي شهر رمضان المبارك تطفو على السطح ظواهر سلبية تتنافى مع هذا الشهر الكريم وخصوصيته ولعل اهمها الإسراف في الأطعمة، ظاهرة لا تقتصر على الاغنياء فقط بل تشمل جميع الأسر على اختلاف مستوياتها، بل أصبحت عادة سيئة وصفة تلازم جميع الأسر. ومنذ اليوم الاول من رمضان امتلأت الحاويات بالأكياس البلاستيكية الممتلئة بفضلات الأغذية المتنوعة للإعلان عن بدء مهرجان التبذير السنوي إن صح التعبير، أطباق كاملة من الأطعمة والمأكولات المختلفة، وكميات هائلة من الأغذية الطازجة والمصنعة ومن أنواع الخبز والحلويات بمختلف انواعها، ترمى يوميا في المزابل منذ دخول شهر رمضان وقد بلغ الإسراف في رمي الأغذية حدا غير مسبوق بأرقام رهيبة حسب المسؤولين. اذ نجد يوميا العشرات من الأكياس البلاستيكية المملوءة بأطباق طعام كاملة وعلب للحلوى صالحة للاستهلاك بإمكانها أن تلبي حاجة عائلات بأكملها من مستلزمات فطورها. ولا تختلف الأحياء الفقيرة كثيرا في هذا عن الأحياء الغنية عدا في نوعية الأغذية الملقاة فقط، ورغم تضاعف جهود اعوان النظافة إلا أن هذا لم يغير كثيرا من مستوى نظافة الأحياء بسبب عدم احترام مواعيد الرمي وأماكن وضع الحاويات إلى جانب الرمي العشوائي للفضلات الغذائية على الأرض ودون وضعها داخل أكياس بلاستيكية بطريقة غير حضارية. وحسب احصائيات الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين فقد فاقت وتيرة الاستهلاك اليومية للمواد الغذائية للمواطن العنابي ال 2000 طن من اللحوم البيضاء والحمراء و30 الف طن من الخضر التي يبذر منها ازيد من 1000 طن بالإضافة الى استهلاك 120 مليون لتر من الحليب والمبذر منه يتراوح ما بين 10 الى 20 مليون لتر دون ان ننسى استهلاك الخبز الذي يعتبر من المأكولات الاساسية ب 50 مليون خبزة خلال شهر رمضان في حين يبذر منها اكثر من 4 ملايين. الجوع والعطش يعززان سلوك التبذير دون تفكير وتقدم كثير من ربات البيوت مع بداية رمضان الكريم على شراء كميات كبيرة من المأكولات وغيرها بغية الاستعداد له وتلبية حاجيات البطون، اذ يبدأ التفكير في الطعام من مرحلة التسوق وانتقاء الأصناف المتنوعة وصولا إلى مرحلة الحيرة في اختيار الصنف الذي يرضي أذواق جميع أفراد الأسرة أو التفكير في تقديم بدائل على المائدة الواحدة. وتبرر بعض ربات البيوت الامر بتعدد الأذواق في الأسرة م يدفع الى تحضير اكثر من طبق لإرضاء جميع الأطراف. خاصة وان “العادة” في رمضان تلزم العائلات على استهلاك أكثر من طبق من الشربة الى البوراك الى الطبق الثاني وانواع عديدة من السلطات والحلويات. كما ان الإحساس بالجوع والعطش خلال الصيام يدفع إلى إنفاق اموال إضافية لشراء أصناف الأطعمة والمشروبات المتعددة ومن ثم التحضير طويلا لمائدة الإفطار وكأن رمضان “شهر الطعام لا شهر الصيام”. ويعود سبب التبذير في شهر رمضان إلى الاعتقاد الخاطئ الذي يتبناه الناس منذ القديم بأن رمضان شهر الجود والخيرات هو شهر التلذذ بأصناف الطعام المختلفة وغير المعتادة في الأيام العادية فيرتاد فيه المواطنون الأسواق بشكل يومي ليأتون بحاجيات الشهر المختلفة والمتنوعة حتى تلك التي لا يتم استخدامها لتكون عروس المائدة الرمضانية مزينة بأصناف الطعام والشراب والاطباق المتنوعة التي تكون في النهاية وفي كثير من الاحيان من نصيب القمامة. سلوكيات تتكرر كل سنة بين اقتناء للضرورة وتبذير غير عقلاني !! تتغير سلوكيات الشراء لدينا مع قدوم رمضان فتشهد أيام الشهر الفضيل إقبالا كثيفا على شراء مختلف أنواع البضائع خاصة المواد الغذائية، حيث تبدأ العائلات باقتناء هذه المواد بكميات كبيرة بالرغم من استهلاك نفس الطعام قبل رمضان ليقع المواطن في فخ التبذير اين يرجع البعض السبب إلى أن شهر رمضان يتميز “بالمائدة الفخمة” على حد تعبيرهم، حتى لو لم يستهلك جميع ما يوضع عليها ولكن الأمر لديهم نفسي. البعض الآخر كان لهم سببهم الخاص، وهو كثرة الإنشغال في رمضان إذ أن ساعات العمل، والازدحام في الطرقات وأماكن التسوق يشكل عائقا بينهم وبين التسوق اليومي في رمضان، فيعتمدون على التسوق كل اسبوع بدلا من ان يكون بشكل يومي لتأمين إحتياجات الأسبوع مسبقا بكميات كبيرة لكنهم يبالغون كثيرا حد التبذير في التسوق. من جهة اخرى يرى اخرون أن شهر رمضان مخصص للعبادة فلا يريدون حصر انفسهم في السوق او تضييع اوقاتهم في التفكير بما سيطبخ اليوم لكن هذا لا يعني انهم على حق لانهم يعتمدون نفس الطريقة بأن يقتنون كل ما يحتاجونه في التسوق وشراء الحاجيات وتكديسها في يوم واحد بدلا من الذهاب الى السوق يوميا، وهناك من يرى ان هناك ضرورة للشراء كل يوم لأن متطلبات العائلة الكبيرة كثيرة. غياب الحس المدني سبب رئيسي لانتشار النفايات يضع البعض المواطن في خانة المتهم الاول دون منازع في انتشار القاذورات والنفايات على اختلاف انواعها في شهر رمضان نتيجة عدم احترامه لمواعيد رمي النفايات في أوقاتها مما يؤدي حتما إلى تدهور الوضع البيئي والصحي، فبعد مرور قرابة العشرين يوما عن شهر رمضان اصبحت أحياء مدينة عنابة تختنق ب ‘'الزبالة'' وفي جولة ميدانية قادتنا إلى عدة أحياء من بلديات الولاية وقفنا على الوضع الكارثي الذي عرفته بعد مرور 20 يوما عن شهر رمضان المعظم، فحي لغزالة “لاكولون” على سبيل المثال الذي تنتشر بين أرجائه وفي زوايا أركانه أكوام من القمامة والفضلات ذات اوزان معتبرة خصوصا في الساعات الاخيرة من النهار لاسيما وان هذا الحي يحتوي على سوق للخضر والفواكه وكل ما يخطر ببال الصائم خلال اوقات النهار. هذا وقد يضطر زوار هذا الحي إلى إتباع مسالك أخرى من أجل التوجه إلى وجهاتهم المقصودة وفي حالة ما إذا أجبروا على المرور بجانب هذه القمامة فما عليهم سوى الإسراع في المشي ووضع ايديهم على أنوفهم حتى لا يشتموا الروائح الكريهة. إلى جانب ذلك توجد عدة احياء تعيش نفس الكارثة على غرار حي الصرول وحي خرازة ببلدية واد العنب الذي يعاني تدهورا كبيرا للوضع البيئي للمنطقة اين اصبحت حاويات القمامة هناك لا تكفي نظرا لتضاعف الرمي العشوائي مع دخول شهر رمضان وانتشار الروائح والحشرات والزواحف المختلفة، اضافة الى أحياء أخرى بقلب هذه الولاية حيث وجدنا المفرغات الفوضوية العشوائية بها تعج بأكوام الفضلات المنزلية وفضلات الأسواق الشعبية المتواجدة ناحيتها، الوضع الذي تسبب في إنزعاج واستياء المواطنين من اعوان النظافة واستياء اعوان النظافة من سلوكات لا حضارية لبعض المواطنين.