توفي صبيحة أمس السبت بمستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور أبو القاسم سعد الله عن عمر يناهز ال86 سنة بعد مرض عضال ألزمه الفراش. وخلف الخبر حزنا شديدا في الأوساط الجامعية والثقافية الجزائرية سيما وأن أجيالا منهم تتلمذت على يديه. ولد الفقيد عام 1927 بضواحي قمار بوادي سوف في عائلة محافظة على تقاليدها حفظ القرآن وهو لايزال صغيرا، ولما دخل الطور الدراسي بزغت مواهبه في حب المعرفة والإلمام بالثقافات ما جعله يتلقى مبادئ العلوم من لغة وفقه ودين حتى بات من أعلام الإصلاح الإجتماعي والديني والفكري بالجزائر ولقب في بداياته بالناقد الصغير . درس بجامع الزيتونة بتونس ومصر وأمريكا ونال عدة شهادات أكاديمية وأوسمة إعترافا بمجهوداته الفكرية في مجالات التاريخ والفكر والأدب منها شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر باللغة الأنجليزية من جامعة أمريكية سنة 1965، يتقن عدة لغات منها الفارسية والألمانية والفرنسية والأنجليزية والفرنسية شغل عدة مناصب ووظائف له محاضرات وبحوث في التاريخ ومن مؤلفاته الشهيرة «موسوعة تاريخ الجزائر الثقافي في 9 مجلدات «،» أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر في 5 مجلدات «. عرف ابو القاسم سعد الله بمواقفه الجريئة والصريحة عن اللغة والفكروالدين ولم يكن متعصبا في آرائه بل متحيزا للتاريخ اكثر سيما ما تعلق بتاريخ الجزائر ومختلف الحقب التي مرت بها وعاشتها واشتغل دون هوادة في هذا الاطار حتى لقب بشيخ المؤرخين ويعد موقفه من العهد العثماني أحد أكثر المواقف التي أسالت حبر كتاب وباحثين بعد أن طرح في كتابه» تاريخ الجزائر الثقافي «وجهات نظره في الجانب العسكري المحض الذي ميز دخول العثمانيين وسلبياته مشيرا أنه قادنا إلى الإحتلال الفرنسي لأنه لم يسمح بشراكة الشعب في تنظيماته ،ولعل موقف سعد الله لم يكن سلبيا بقدر ما كان منصفا للطرفين أي الشعب الجزائري والعهد العثماني الذي لم يكن قصيرا بل دام ثلاثة قرون كاملة الجدير بالذكر أن تأبينية الفقيد انطلقت امس بالمكتبة البلدية لوادي سوف بساهمة السلطات المحلية والثقافية أين يتم استقبال الضيوف من مختلف الولاياتالجزائرية فيما رحل جثمانه صبيحة أمس من العاصمة الى مسقط رأسه على أن يشيع الى الثرى صبيحة اليوم .