قد لا تجد في البداية تفسيرا لكل الإستفهامات والتساؤلات التي تراودك وتتدافع في ذهنك بحثا عن إجابات استباقية وأنت تستعد لخوض غمار رحلة أشبه ما تكون بالاستكشافية لعالم لا تعرف عنه أي شيء، لكن الحال هذه المرة ليس كذلك، فالوجهة معروفة والمقصد يدري كل من ركب عناء السفر غايته.وفي لحظة، لا يسعك إلا ترك كل ذلك و الاستسلام لتداعيات الوقت، إذ هو الكفيل بنقلك من حالة التأمل إلى حالة الوعي المدرك لحقيقة الأشياء وجمالها. رحلة ،هي أقرب إليها من رحلة عبر الزمن الجميل، في جغرافيا الواقع الذي تنوعت تضاريسه وحمل في أفق الحضارة من الأحداث والبصمات الراسخة والشاهدة على روعة الإنسان الذي مر من هناك، في حقبة ما أو عبر طريق خط مسيرته نحو الخلود في كتاب التاريخ المفتوح على الطبيعة.رحلة جمعت بين متعة الالتقاء بالفضاء الواسع وبين تداخل الألوان في طبيعة ساحرة امتدت من رمال الصحراء إلى صخور نحتها الإنسان ليجعل منها مأواه الآمن وجبال امتزجت في تكوينها بزرقة البحر الذي ألهم الشعراء والأدباء على شاكلة »ألبير كامي« وغيره، في زمن تقلص في وجوده إلى خمسة أيام عاد فيه 50 صحفيا يمثلون مختلف وسائل الإعلام الوطنية، إلى جذور الجزائر الأصيلة، في جولة إعلامية وسياحية حملت في طياتها نية العودة إلى النبع الأصيل للسياحة الوطنية التي أبت في كل محطة إلاّ أن تكشف لزوارها أروع ما اكتنزت منذ العهود الغابرة إلى اليوم. إعلام شريك و سياحة تبحث عن مرآتها الرحلة لم تدم من العاصمة نحو بسكرة سوى 55 دقيقة فقط جوا، فالطائرة كانت أسرع إلى نقل الوفد الصحفي والمؤطرين من الديوان الوطني للسياحة من الرطوبة العالية التي ميزت العاصمة يوم بداية الرحلة نحو حرارة تجاوزت الأربعين مئوية لكنها ومع ذلك كانت بردا وسلاما على زوار عاصمة الزيبان التي تزينت ليس لاستقبال الإعلاميين فحسب، بل لتكون الموقع الرسمي للاحتفال باليوم الوطني للسياحة المصادف لتاريخ 25 جوان من كل السنة. وإن كانت وزارة السياحة اختارت هذه السنة وسائل الإعلام لتكون شريكها العملي في الترويج لوجهة الجزائر السياحية فإنها اغتنمت بالمناسبة شعار »وسائل الإعلام :مرآة الجزائر السياحية« وإذ يعد هذا ليس من باب الصدفة فان الجهات المكلفة بالإشراف على القطاع السياحي بالجزائر أصبحت تدرك الأهمية التي يمكن أن يلعبها الإعلام الوطني على وجه الخصوص في تشجيع السياحة الداخلية التي أهملت خلال العقود الأخيرة لعدة أسباب الكل يعرفها ما عدى تلك المرتبطة بالجانب الأمني.الأمر الذي حول المؤسسات السياحية المتبقية من العقبة البومدينية شبه فارغة بل ومتهرئة حد النفور.هذا كله لم يمنع السلطات المعنية لإعادة النظر في مستقبل هذا القطاع الذي يقول في شأنه الخبراء أنه القطاع الوحيد الذي يمكنه أن يعوض البترول بعد الفلاحة خلال العقود القادمة. ولم يتردد وزير القطاع إسماعيل ميمون بالمناسبة في التنويه بالدور الذي لعبه الإعلام الوطني في تصحيح صورة الجزائر والتعريف بما تكتنزه من ثروات سياحية عبر الفصول الأربعة والتي قد لا تتوفر في بلد آخر غير الجزائر.مشيرا في نفس الوقت إلى أن دور السلطة الرابعة لا يتمثل فقط في إبراز مقومات الجذب السياحي للبلاد بل وكذلك في الإسهام في تنوير أصحاب القرار بالنقائص الموجودة بهدف إيجاد الحلول الدائمة لها وذلك في إطار الاحترافية التي دعا إليها.وفي اللقاء المنظم بمناسبة اليوم الوطني للسياحة بفندق الزيبان ببسكرة ،حظي فيه عدد من العاملين في القطاع إلى جانب ممثلين لبعض وسائل الإعلام بالتكريم نظير الجهود التي قدموها خدمة لقطاع السياحة في الجزائر.كانت المناسبة أيضا فرصة لاستكشاف جزء من المكامن السياحية للمنطقة. ركلة "هرقل" وشرفات تحكي قصة الأمازيغي الثائر ففي جولة سريعة توجه الوفد الإعلامي في يومه الأول نحو منطقة القنطرة التي تعد واحدة من المواقع الأثرية في هذه الجهة من الوطن حيث مزجت بين سحر الطبيعة وعراقة تقاليد هذه الجهة.ومن بين المفارقات وحسن الصدف أن تزامن وجود الوفد الصحفي بجسر القنطرة وصول موكب عروس توقف بالمكان لأخذ صور تذكارية وما زاد المنظر روعة وجود فرق البارود بالزي التقليدي الذي تداخلت طلقاته بزغاريد نسوة الإعلام والمؤطرين من الديوان الوطني للسياحة ، وحسب ما ذكر المقربون من العروسين الجديدين فان صاحب العرس إنسان بسيط.و لا غرابة أن يزور العرسان الجدد هذا الموقع من أجل تخليد ذكرى قد لا تتكرر للكثيرين إلا مرة واحدة في العمر.فالمكان أو ما يعرف بالقنطرة يعود تاريخ إنجازها إلى نحو 335 قبل الميلاد من طرف الرومان، ثم إن الفج الذي وجدت فيه بمفترق جبلين يروى من بين ما يروى أن هذه الفتحة كانت نتيجة لضربة من رجل »هرقل«.و بعيدا عن الأساطير فإن القنطرة في حد ذاتها تعد بوابة الصحراء نحو المنطقة الجنوبية لسلسة جبال الأوراس.فهي بحق واحدة من المناظر الطبيعية والأثرية في نفس الوقت التي تستدعي الوقف عندها. وبعد استضافة دامت ليلة واحدة بعروس الزيبان توجه الوفد الإعلامي نحو باتنة وسط روعة التواجد بين بساتين النخيل التي انتشرت عبر الطريق المؤدي إلى الأوراس الأشم.وفي غمرة السير في موكب من حافلتين لم يتمالك الصحفيون قدرة الصبر على عدم التوقف من حين لآخر للتمتع بتلك المناظر التي جاد بها الخالق على هذا الجزء من الوطن.و بلوعة المتلهف للقاء شخص عزيز تتسارع نبضات القلب فيما يتباطأ سير الطريق تستقبلك منطقة الغوفي المشهورة بشرفاتها المطلة على أروع موقع اثري يعود إلى القرن الرابع بعد الميلاد يشهد على مرور سكان المنطقة من الأمازيغ الثائرين الذي اختاروا نحت بيوتهم في الصخور الممتدة على طول الوادي العميق هربا من بطش الغزاة والمحتلين عبر التاريخ. وفي لمحة مقتضبة تزيد التشويق إلى ما هو أبعد من عراقة التاريخ و جغرافيا المنطقة يذكر أحد باعة المواد التقليدية بالقرب من شرفات الغوفي أن من بين القبائل الأمازيغية التي سكنت هذا الوادي الممتد على طول 20 كيلومترا »آث يحي« و»آث ميمون« و »آث منصور« وغيرها.والأجمل في كل ذلك وأنت تقف على حافة هذه الشرفات متلمسا بكل ما أوتيت من قوة الحضور العقلي بصمات الإنسان الشاوي المختومة بإبداع الطبيعة التي رسمت هذا الوجود منذ ملايين السنين الجيولوجية.في أخاديد استوطنها الإنسان منذ مطلع التاريخ.تاركا وراءه شواهد لبنايات صدمت إلى اليوم آخذة لها مكانا مميزا لا يمكن الوصول إليه في حال تعرضها لأي اعتداء.وللإشارة هنا فان منطقة الغوفي صنفت كمسار سياحي من طرف الاحتلال الفرنسي خلال سنوات 1928- 1930.ولا يمكنك أن تبرح المكان دون أن تعد نفسك بالعودة ولو مرة في العمر لأن شد المكان أقوى من شد الجاذبية في الصعود. "لامبيز" و "نصب الأموات" حكاية أخرى تلطخت ببول المنحرفين واصل الوفد الإعلامي مسيرته نحو عاصمة الأوراس باتنة وبين ما تحمله الذاكرة من معطيات حول الانجازات البطولات المؤسسة لاستقلال الجزائر وبين تلك النشوة التي تغمرك وأنت تعبر معقل الأحرار يستقبلك النصب التذكاري المشيد على قارعة الطريق المؤدي إلى عاصمة الولاية والذي يروي بدوره قصة أول رصاصة في أول ليلة مباركة من نوفمبر لعام 1954.وأمام عودة المشهد في الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال ترتسم المآثر في حضرة الخشوع والإكبار لجيل لم يترك لنفسه غير حرية الوطن وعزة أبنائه.فعبور هذا الشطر من الطريق الطويل يرحل بك في التاريخ لأنك لا تخرج عن المسار حتى تستقبلك الآثار الرومانية بمنطقة »لامبيز« المتناثرة بالقرب من سجنها المعروف بأحداثه المثيرة. وبلا شك فان مدينة باتنة بما حوت من هندسة معمارية مزجت بين مختلف الفنون خصوصا منها الاستعمارية التي مازالت شاهدة إلى اليوم تدرك للوهلة الأولى أنت تعبر شوارعها البصمة المميزة لها وما تحويه من حكايات وأساطير تأخذك في رحلة لا تتكرر في الزمان ولا في المكان عدة مرات.ولسوء حظ الوفد الإعلامي فترة الاستمتاع بنكهة باتنة لم تدم إلا لبضع ساعات فقط تناولنا فيها وجبة الغداء لتستمر الرحلة نحو مدينة الجسور المعلقة،مدينة عبد الحميد بن باديس وقبله أحمد باي. ورغم عناء السفر إلا أن المجموعة أبت إلا أن تواصل استكشافاتها المتتالية الممزوجة بنشوة البحث عن شيء فريد قد لا يود إلا في مكان واحد لا غير.وهناك على قمة »سيدي مسيد« توقف الوفد وطولا أمام النصب التذكاري المعروف ب »نصب الأموات« المشيد خلال الحقبة الاستعمارية عرفانا للجزائريين والفرنسيين المقيمين في الجزائر في تلك الفترة والذين قتلوا أثناء الحرب العالمية الثانية.روعة المنظر البانورامي المطل على قسنطينة لم يكن ليمر مرور الكرام لو لا ذلك المشهد المنفر للقلوب.فإهمال المكان جعل منه مأوى للمنحرفين الذين تركوا فيها قذارتهم خصوصا في الجزء المخصص لتخليد أسماء الموتى.وتلك واحد من النقاط السوداء التي يجب تداركها إذا أردنا أن نكون على الأقل في مستوى جيراننا.فالظاهر أن مسألة و الاهتمام بالعالم التاريخية أصبحت من بين آخر اهتمامات السلطات المحلية.ليس فقط في هذا المكان بل في معظم مناطق الوطن. "تيديس" تؤرخ للصراع الأزلي وجمال استهوى "ألبير كامي" وكعادتها لم تبخل قسنطينة المضيافة على زوارها بحسن الاستقبال،فمبيت ليلة واحدة بفندق »نوفوتال« الجديد زاد من نرجسيته مأدبة العشاء التي نظمت على شرف الوفد بأحد المطاعم الخاصة حيث كانت الكباش المخمرة حاضرة وسط أطباق تقليدية شهية كان مسك ختامها شاي بالنعناع مع حلوى »الجوزية« المشهورة بقسنطينة التي ذاع صيتها داخل وخارج الوطن.رحلة البحث عن الكنز المفقود تواصلت تاركين وراءنا حصنا من حصون الجزائر المليء بالمحطات النادرة في التاريخ وشواهد مازالت تنبض بالحياة إلى اليوم،نحو الوجهة القادمة وهي جيجل وذلك عبر السهول الممتدة على طول الطريق الرابط بين قسنطينة وميلة مرورا ببلدية »القرارم قوقة« المعروفة شوائها اللذيذ.لكن ذلك لا يمكن أن يمر دون الإشارة إلى الموقع الأثري الروماني »تيديس«الذي توري أحجاره حكايات تؤرخ لحضارات دول مرت من هناك امتزجت فيها الأقاصيص لمواقف بطولية لقادة أمازيغ وحتى لصراعات أدت إلى تسجيل اغتيالات ومؤامرات متكررة للاستيلاء على السلطة. وفي هذا الزخم المواصل عبر حقول وبساتين انبعثت منها كل الألوان التي جادت بها الطبيعة.وتستوقفك عمليات الحصاد وجني المحاصيل الموسمية التي شرع فيها في هذه الفترة من الصيف.وقد لا يمكن الحديث عن كل هذا دون المرور أيضا على سد بني هارون المصنف ضمن اكبر الانجازات التي تحققت في السنوات الأخيرة.وهذا يؤكد مرة أخرى الثراء الذي تكتنزه منطقة الشمال القسنطيني الأمر الذي جعلها عرضة لغزوات المحتلين عبر التاريخ.إذ كانت ومازالت خزانا لمختلف الثروات والمواد المسوقة عبر كامل التراب الوطني. ونحو الساحل وبالتحديد إلى جيجل وعبر شواطئ »سيدي عبد العزيز« في اتجاه مقر عاصمة الولاية ثم »زيامة منصورية« وغيرها من المدن الساحلية ،توقف الزمن ليفسح المجال أمام الانبهار الكاسح للمشاعر.فعلى طريق التوت منعرجاته تغمرك أشعة الشمس الساطعة والأمواج المتكسرة على امتداد ساحل تارة تجده يتلألأ برماله الذهبية وتارة أخرى نتأت صخوره مشكلة لوحة متناغمة الألوان تزينت بمضلات المصطافين الوافدين من شتى ربوع الجزائر الواسعة.ثم إن موقع المنطقة التي كانت عبر العصور مسرحا للكثير من الأحداث وضلت إلى سنوات قريبة معقلا للخوف فهي اليوم وجهة للسياح من داخل وخارج الوطن خصوصا في هذا الوقت بالذات من السنة حيث عجت حركة المرور بالوافدين مغتنمين عطلة الصيف لنزع عناء سنة من العمل والجد في لحظات تتحرر فيها الأجساد من أرواحها مطلقة العنان للسباحة في الفضاء الممتد نحو الأفق البعيد.ولا جرم أن الكورنيش الجيجلي مازال ملاذا للشعراء والأدباء كما فعل من قبلهم »البيير كامي« وغيره. وبين زرقة البحر وخضرة الجبال تفاجئك المغارات العجيبة الموجودة بزيادة منصورية أين ترى سحر الطبيعة وإبداع الخالق فيها من خلال تلك النوال و الصواعد المائية المكتشفة لأول مرة سنة 1917 وهي اليوم تعد محج الآلاف من الزوار يوميا بل وقد يصل إلى 3 ألاف زائر نهاية الأسبوع ،حسب ما أوضح حراس هذا المكان من عمال الحظيرة الوطنية ل»تازة«.تأتون بحثا عن الانفراد في النظر إلى ظاهرة قل ما نجدها عبر العالم.كما تؤرخ هذه الترسبات الكلسية العجيبة لآلاف السنين الجيولوجية لان القائمين على حمايتها هذا المعلم يؤكدون أن تكوين سنتيمتر واحد منها يتطلب 100 سنة من الزمن ولنا أن نقيس بعد الأزمنة الغابرة المتعاقبة على هذه التحفة. بجاية: قلعة العلم وملاذ الهاربين اختارها الثوار وأحبها العاشقون من سحر الكهوف تقلع القافلة نحو عاصمة الحماديين سالكة نفس الطريق المطل على مياه البحر الأبيض المتوسط وما هي إلا بضع ساعات من السير المتأني عبر طريق جبلي يرسم بين منعرجاته لوحة خالدة في ذاكرة كل من ركب عناء السفر المتشبع بنشوة غامرة،حتى تطل عليك المدينة التي كانت قلعة للعلم والعلماء وملاذا للهاربين من بطش الأهل والأعداء.فبجاية التي اتخذها الحماديون عاصمة لهم هي أيضا الوعاء الذي تعلم فيه »إيبوناتشي« الإيطالي وأخذ منها الأرقام العربية ونقلها إلى أوروبا وهي أيضا المدينة الهادئة التي اختارها الرئيس البرتغالي »تيكسيرا غوماز« منفا له بعد فراره إليها عقب الإطاحة به، أين مكث بها من سنة 1931 إلى 1941 أي إلى غاية وفاته.وكانت بجاية أيضا واحدة من قلاع المقاومة إذ هي كذلك رمز لمقاومة الشيخ الحداد ومعقل أبطال الثورة التحريرية ممن سجلوا اسم »إفري أوزلاقن« في سجل الزمن الذي لا يمحى في مؤتمر أخذ اسمه سنة 1956 من وادي الصومام الذي يشق جبال المنطقة نحو البحر. ولا نخرج من هذا الحصن النابض بالحياة إلى اليوم من خلال حركتها الصناعية والسياحية التي أخذت لها في السنوات الأخيرة مكانا مرموقا في النشاط الاقتصادي الوطني والعالمي وهذا بالنظر إلى ربطها بشبكة نقل متطورة جوا وبحرا وبرا إلى جانب استقطابها لرؤوس الأموال الأجنبية والوطنية حيث جمعت بين مصانع »دانون« و »وإفري« و »سيفيتال« وغيرها.كما تعد الوجهة المفضلة لأغلب الجزائريين في فترة الصيف إلى جانب شواطئ جيجل وذلك لكرم ضيافة سكان القبائل الصغرى المرحبين بالغريب الوافد عليهم. بجاية ليست فقط التاريخ و التجارة والسياحة بل كذلك الأساطير والحكايات المشوقة التي ارتبطت ب »ياما قوراية« التي أخذت لها موقعا استراتيجيا على قمة الجبل المطل على المدينة.ومنه يمكنك أن تستمتع بمنظر بانورامي مشرف على المدينة وخليجها و على منارة »كاب كاربون« المحاطة بزرقة مياه بحر فريدة من نوعها.ويذكر هنا أن هذه المنارة بفضل شبه الجزيرة المتواجدة على طرفها تعد الأكثر تقدما في البحر على طول الساحل الجزائري.ومن سحر المكان تداعبك قردة »الماغو« بنظراتها طالبة شيئا من الكرم الذي تعودت عليه بفعل الاحتكاك بالإنسان في هذا المكان. الهضبة المعزولة أو "أزفون" تكشف لأول مرة عن آثارها الرومانية وبين ليلة وأخرى كان على الوفد الإعلامي أن يحزم متاعه لمواصلة السير في رحلة تكشف في كل مرة عن مكامن الجمال.وفي اليوم الأخير من هذه الجولة انطلقت القافلة من بجاية صباحا في اتجاه أزفون بمنطقة القبائل الكبرى عبر طريق بوليماط الذي أبى بدوره إلا أن يعرض على زواره مفاتن هذا الجزء من سواحل الجزائر وكانت المفاجأة كبيرة عندما توقف الوفد بمنتجع تابع لأحد الخواص أطلق عليه تسمية »ثايس« إذ أنشئ على صخرة رست جذورها في مياه البحر بنمط معماري فريد من نوعه استمد ألوانه ووسائله من الطبيعة.حيث استعمل في انجازه الحجارة والأخشاب فقط.وفيه غابت كل المساحيق لتطلق العنان للخيال الواسع والإلهام المفجر لكل الطاقات.ولا غرابة أن يكون هذا المكان مقصدا لعدد من الأدباء والكتاب الراغبين في خلوة محركة للمشاعر. ولا يتوقف العجب في هذا المكان فالهضبة المعزولة أو ما كان يعرف أثناء التواجد الفرنسي ب»بول غيدون« أو »أزفون« لأن المنطقة تكشف ولأول مرة للإعلام الوطني أنها تحتوي على آثار تعود إلى العهد الروماني يقدر أنها تعود إلى حوالي 65 قبل الميلاد هي لحمامات رومانية.المرجح أيضا أنها امتداد لواحدة من المدن الخمسين الرومانية التي لم يعرف من بينها الباحثون سوى 10 فقط في الجزائر.ويؤكد أحد الباحثين والمهتمين بهذا الموقع بأزفون أن أهلها المنطقة الساكنين بجوار هذا الكنز المجهول مستعدون لقبول التعويض للسماح للسلطات الوصية بالتنقيب لكشف ما هو موجود تحت التراب.وأوضح ذات المصدر أن التنقيبات الأولية كشفت عن وجود أدوات وآثار أخرى أعيد ردمها تحت التراب حتى لا تتعرض للسرقة أو التلف في انتظار تدخل السلطات الوصية. وأمام الذهول الذي أصاب من وقف على هذا الإرث الإنساني المهمل استأنفت القافلة رحلة العودة إلى العاصمة عبر طريق فريحة نحو تيزي وزو حاملين معهم من الصور الذكريات النادرة أغتم خلالها الوفد الإعلامي مؤطروه من وزارة السياحة والصناعة التقليدية والديوان الوطني للسياحة الفرصة لاقتناء بعض الأواني الفخارية السالبة لمشاهديها بمحطة الاستراحة القريبة من فريحة.تيمنا واستعدادا لاستقبال شهر رمضان المهل على الأبواب على أمل أن يتمكن كل جزائري من كسر حاجز التردد وخوض مغامرة استكشاف جمال بلاده قبل بلدان الآخرين.وقبل ذلك على القائمين بشؤون السياحة في الجزائر أن يمنحوا لهذا المواطن فرصة معرفة وطنه..وللحديث بقية ..وللتجوال سر لا يعرف كنهه إلا مغامر أو مجنون..