تعكف جمعية الشيخوخة المسعفة »الإحسان« برئاسة سعاد شيخي، كل سنة على تنظيم مائدة رمضان لعابري السبيل والمعوزين، حيث توفر الجمعية على مستوى مطعم »ذوفاست ريستو« بمدينة سطاوالي بالعاصمة أكثر من 250 وجبة إفطار، إضافة إلى 150 وجبة جاهزة تسلم إلى العائلات المعوزة قبل موعد أذان المغرب.. كلهم حيوية وعزم ونشاط، شباب اختاروا العمل بجمعية إحسان، دون مقابل بعد أن تركوا موائد الإفطار العائلية والتزموا بخدمة الصائمين وضمان راحتهم طيلة أيام الشهر الفضيل. ككل يوم يتسارع أبناء جمعية الإحسان من شباب، ونسوة تركن منازلهن من أجل إعداد مائدة رمضان لفائدة الصائمين المعوزين وعابري السبيل الذين يقدمون من كل حدب وصب عند أذان المغرب، مجندون يوميا بمطعم سطاوالي الذي وهبه صاحبه وجعل منه وقفا في سبيل الله طيلة شهر الرحمة، هم أكثر من 16 متطوعا، منهم الطباخين ومنهم من يقوم بإعداد طاولات الإفطار.. المهم أن عملية التحضير تنطلق في حدود الساعة العاشرة صباحا بالمطبخ، حيث تعكف النسوة على تقشير الخضروات وإعدادا ما يجب أن يكون من مستلزمات المطبخ والوجبات التي يتقرر تحضيرها في كل يوم. وبالنسبة لهؤلاء فإن المهمة »مقدّسة«، لأنهم اختاروا عن قناعة أن يكونوا في خدمة الصائمين ومنذ سنوات خلت.. حمزة عبد السلام، أحد هؤلاء، يبلغ من العمر 29 سنة، استقبلنا بالمطعم قبل موعد الإفطار، رحب بنا وابتسامة عريضة على محياه، قال لنا »أهلا بإخوتي، كل رمضان تجدونني هنا منذ ما يقارب 7 سنوات لم أفطر مع عائلتي، نحن نقوم بإعداد الطاولات ابتداء من الساعة الخامسة مساء، تحسبا للأعداد الهائلة للصائمين التي قد تحل علينا...نقوم بتحضير وجبات لتقدم على مستوى المطعم ووجبات أخرى تسلم إلى عائلات معوزة قبل الإفطار«. تركت عائلتي لأقضي شهر الصيام رفقة عابري السبيل والمعوزين ليس ببعيد عنه هاهي السيدة مينة، البالغة من العمر 38 سنة، تشتغل ك»حلواجية« بمعنى صانعة حلوى، لكنها تتوقف عن العمل وتعطل عقارب الساعة عندما يتعلق الأمر بالعمل التطوعي في رمضان، وأجلت كل الطلبات الخاصة بالحلويات إلى ما بعد العيد، مرفوقة بوالدتها وأختيها، هي ملتزمة بتحضير الأكل على مستوى المطبخ، ولعل الغريب في الأمر هو أن مينة متزوجة وأم لطفل، فضلت أن تتركه مع والده في المنزل واختارت عائلة ثانية على طريق البر والإحسان ولحسن الحظ فإن زوجها متفهم وهو بذلك يعنيها على هذا العمل التطوعي. في انتظار قدوم عابري السبيل أو العمال المقيمين بعيدا عن ذويهم، لم يكن المطعم ليخلو من أولئك الذين يقدمون لاستلام وجبات جاهزة، إحدى السيدات قالت إنها فقيرة ولا تلمك أي دخل، هي أرملة ولديها ستة أولاد، وبالتالي فهي تستفيد من وجبات ساخنة تذهب بها يوميا إلى عائلتها، فيما أكدت سيدة أخرى أن زوجها متوفي ولديها ابن مريض، فيما لم يتمكن أخوه من الحصول على عمل، دخل العائلة ضئيل ولا يسمح بتوفير مستلزمات مائدة رمضان..وبكل عزة وكرامة، يتم استقبالهن من طرف أبناء الجمعية وابتسامة عريضة تلبى لهن طلباتهن. ويبقى أن ضمان راحة الصائمين من أهم أهداف الجمعية، خاصة وان المطعم مكيف ومزود بشاشة تلفزيون من نوع »أل سي دي«، الجدران تحمل لوحات تشكيلية والجميع مجندون على قدم وساق، فاللحظات الأخيرة التي تسبق ساعة الإفطار مهمة بالنسبة لهم، كيف لا وأجمل مكافأة عند هؤلاء هو رضا الصائمين عليهم والذي هو من رضا الرحمن، في الوقت الذي يتحول فيه خادم القوم إلى سيدهم...هذه هي فلسفتهم وقناعتهم. وبالرغم من تكاثف الجهود، إلا أن الجميع ينتظر سعاد شيخي، وبمجرد وصولها، قامت هذه الأخيرة بتزيين الطاولات بالأزهار وإشعال العنبر لبعث الروائح الزكية عبر قاعة المطعم المزود بطابق أرضي أداء الصلاة، هكذا هي رئيسة الجمعية...تفضل خدمة الصائمين بنفسها ومثلها مثل الشاب والنسوة المتطوعون ، لا يجلسون على مائدة الإفطار إلا بعد أن يأكل الجميع ويشبع الصائمون. الشيخ الطاهر آيت علجت والدكتور قاهر في الموعد على طاولة الإفطار مع اقتراب موعد الإفطار قدم شباب من مسجد الأمة ببلدية سانتوجان، في انتظار أن يصل رئيس بلدية بولوغين الذي أبى إلا أن يشارك الصائمين فرحتهم، وكانت المفاجأة بقدوم الشيخ الطاهر آيت علجت والدكتور قاهر بالمجلس الإسلامي الأعلى، وهما الشيخان اللذان تعودنا رؤيتها على شاشة التلفزيون لإعلان يوم الصيام أو يوم العيد، فكان لرئيسة الجمعية أن سارعت بالترحيب بهم وقالت بفرحة كبيرة، »هكذا هم شيوخنا يساندون الجمعية ويرافقونها في الحل والترحال...لا يتركونني أبدا«، ليؤكد الدكتور قاهر »لا نملك إلا أن نساند وندعم مثل هذه المبادرات الطيبة«. حانت ساعة الإفطار وتوافد الصائمون على موائد الإفطار.. شربة وتليتلي، ياغوورت وبوراك وسلطة وكل ما يشتهيه الصائم، وما أن أذّن المؤذن انهمك الجميع في تناول وجبة الإفطار، وبالرغم من تنافس الأيدي على خدمة الصائمين، إلا أن رئيسة الجمعية تفضل أن تقف على العملية بنفسها وتخدم الصائمين بطريقتها، وفي كل مرة كانت تمر على الطاولات وتسأل الحضور هل هناك ما ينقصكم، فتسارع بإحضاره...هكذا هي سبل الإحسان. وفي جو حميمي وعائلي، كان الجميع يأكل ويتبادل أطراف الحديث، منهم المتعودين ومنهم من جاء إلى المطعم لأول مرة، المهم رضا الجميع. توزيع ألفين قفة رمضان وختان 150 طفل ليلة ال27 أكدت رئيسة الجمعية أن النشاط الجمعوي يزداد كثافة في شهر رمضان بالرغم من أنه لا يكاد يتوقف طيلة أيام السنة، حيث أشارت إلى تنظيم زواج جماعي لصالح 50 فتاة يتيمة، العرس تم بولاية وهران، وقد استفاد الأزواج الجدد من عطلة لمدة يومين بحمام بوحنيفية أهداها لهم بن حمادي ، إضافة إلى الدعم المادي والمعنوي الذي تلقاه الجمعية من طرف وزارة التضامن الوطني وعليه تم إهداء هؤلاء الأزواج ثلاجة وتلفاز من النوع الجيد وسيتم تزويدهم بمكواة لاحقا. وعن شهر رمضان، فإن الجمعية توفر 250 وجبة يوميا على مستوى مطعم سطاوالي، وهي مفتوحة أمام الجميع دون استثناء، ويتم تقديم 150 وجبة جاهزة للعائلات التي تفضل الإفطار في بيوتها، كما قامت الجمعية بتوزيع 550 قفة وسيتم توزيع 250 قفة أخرى ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل، العملية تتواصل لبلوغ 2000 قفة خلال هذا الشهر، كما سيتم الإشراف على عملية ختان يستفيد منها 150 طفل وإقامة حفل على شرفهم بفندق الشيراتون ليلة ال 27 من رمضان، ويتم تزويدهم بكل المستلزمات، إضافة إلى منح 100 محفظة للأطفال الذين يلتحقون منهم بمقاعد الدراسة في عامهم الأول. وعن الممولين، أشادت رئيسة الجمعية بدور وزارة التضامن، شركة سوسومي، سيفيتال، أليانس للتأمين، ترافل، حمود بوعلام، نيسلي، مسرغين، سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة وسفارة المملكة العربية السعودية وغيرهم من المحسنين ...نشاط جمعية الإحسان يتواصل بعد رمضان، حيث تحضّر الجمعية إلى زيارات ميدانية على المستشفيات ودور العجزة في أول أيام العيد، بالفعل هو نشاط مكثف يشغل أصحاب الجمعية ويأخذ كل وقتهم.