يصاب البعض منا بصدمة كبيرة عندما ينسي هاتفه النقال في المنزل أو في العمل وغيرها من الأماكن التي يتنقل بينها، فما بالك إذا سرق منه ويدرك تماما أنه لن يعود إليه ثانية، فيكون نتيجة ذلك حالة نفسية صعبة لما يحمله هذا الجهاز من معلومات وأرقام وصور، وغيرها من الأمور الخصوصية التي يرفض الكثير من أصحابها أن يتم الإطلاع عليها، والتي تكون السبب في حالة الذعر تلك أكثر من القيمة المادية للجوال. تحول الهاتف النقال في السنوات الأخيرة إلى أكثر من وسيلة اتصال، فأخذ يعوض الكثير من الأشياء وجردها من مكانتها بل وساهم أيضا في التخلي عنها، ومن بينها المذياع على سبيل المثال لا الحصر حيث أصبح الشباب خاصة يستعملونه في تحميل الأغاني والقنوات الإذاعية والتواصل أيضا عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من الأمور، بالإضافة إلى ذلك استغنى الكثير منا بظهور الهاتف النقال عن المفكرة التي كانت تحمل مختلف الأرقام الهاتفية الهامة التي نحتاج إليها في حياتنا العملية والاجتماعية، فأصبحت تلك الأرقام تخزن في مذكرة ذلك الهاتف الذي نصبح خارج مجال التغطية في حال ما تعطل أو تمت سرقته وهي المشكلة التي وقع فيها الكثير من المواطنين الذين يعتمدون على الهاتف في تسجيل تلك الأرقام. وحول الموضوع يقول رضوان أنه تعرض في إحدى المرات لسرقة هاتفه النقال وهو الأمر الذي أدخله في دوامة لا نهاية لها، حيث فقد الاتصال بكل أصدقائه وأهله بسبب احتفاظه بأرقامهم في الهاتف فقط وهو الخطأ- يضيف- الذي يقع فيه الكثيرون، ورغم إبلاغ الجهات المعنية مباشرة بفقدان هاتفه على أمل أن يجده، خاصة وأنه يضم إضافة لذلك صور عائلته والتفكير في مصيرها، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، فتطلب منه الأمر بعد ذلك اقتناء شريحة جديدة وتوزيع رقمه على كل من يلتقي به حتى يجدد التواصل معهم، مشيرا أنه أصبح منذ هذه الحادثة يقوم بتسجيل أهم الأرقام في مذكرة خاصة. ضياع الهاتف النقال خاصة إذا كان يضم فيديوهات يثير موجة من القلق والخوف لدى صاحبه، لسرية المعلومات والصور التي يحملها، وفي هذا الإطار تقول خليدة متزوجة وأم لطفلين أنه ضاع منها هاتفها النقال عندما كانت تتسوق، وهو الأمر الذي أصابها بحالة من الخوف والهلع من زوجها أولا الذي كان يرفض امتلاكها له في البداية، وكونه يحوي أرقاما مهمة، معتبرة فقدانه ب"الكارثة"، لما كان يحمله من صور وفيديو ورسائل وأرقام مهمة ومعلومات. وتسيطر على البعض ممن يفقدون هواتفهم النقالة بعض الأفكار السلبية بأن تصل المعلومات والبيانات في ظل التكنولوجيا إلى أناس آخرين، أو استخدامها في غير مكانها كنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وما تزال نوال تشعر بالخوف بسبب سرقة هاتفها منذ سنة، فالجهاز نفسه لا يهمها بقدر ما يخيفها استعمال تلك الصور المخزنة فيه والتي التقطتها مع صديقاتها في بعض حفلات الأعراس، قائلة أنها تشعر بالخوف من إمكانية مشاهدة تلك الصور على الفيسبوك أو اليوتوب، غير أنها تعلمت من هذه الحادثة، أن لا تخزن أي صورة أو فيديو لها أو لعائلتها على هاتفها الجديد خوفا من ضياعه أو سرقته، كما أنها نقلت كافة الأرقام على جهاز الحاسوب في منزلها تحسبا لأي أمر. ويقول منير من جهته أنه أصيب بأزمة عندما ضاع منه هاتفه النقال والذي تكمن أهميته ليس في ما يحمله من صور وفيديوهات، ولكن بما يضم من أرقام خاصة بأصدقائه، ورغم أنه حرص على أن يكون متواضعا وبسيط جدا تفاديا لسرقته، إلا أن السارق اليوم لا يميّز بين الغالي والرخيص، وذهبت معظم الأرقام في مهب الريح، فما كان عليه اليوم سوى شراء آخر فاخر ووضع رقم سري له حتى يعجز من يستولي عليه من فك شيفرته. فضياع الهاتف النقال أو تلفه خاصة إذا كان من الهواتف الذكية، وفقدان أرقام هواتف الأصدقاء ومختلف المعلومات خاصة المخزنة بداخله، يعتبر بالنسبة للبعض أخطر من ضياع أي شيء آخرأ خاصة وأن إمكانية استرجاع نفس الشريحة ممكن لكن ما كان يحويه لا يمكن أبدا استرجاعه. ويشير استطلاع أجرته شركة بريطانية عاملة في مجال الهواتف المحمولة، إلى أن 66 في المائة من مستخدمي المحمول، مصابون بمرض"النوموفوبيا"، وهو مرض يعني الخوف المرضي من ضياع الهاتف أو سرقته، وأن النساء أكثر إصابة بهذا المرض دون غيرهم. الاستطلاع الذي أجري على عينة قوامها ألف شخص من مستخدمي الهاتف المحمول، للتعرف على مدى انتشار هذا المرض، ونشر على شبكة الإنترنت، يظهر أن المرض الذي صاحب ظهور الهواتف المحمولة، وانتشار استخدامها على نطاق واسع لا يقتصر فقط على الخوف من فقدان أو نسيان الهاتف المحمول، وبالتالي فقدان القدرة على الإتصال، بل يمتد ليشمل القلق من عدم التواجد في نطاق التغطية لشبكة الاتصال. ويشير إلى أنه يمكن رصد ظاهرة الخوف من فقدان أو سرقة الهاتف المحمول "النوموفوبيا" من خلال مجموعة من التصرفات، كأن يقوم الشخص بتفقد هاتفه المحمول أكثر من 30 مرة يومياً أو أن يشعر أنه يستحيل عليه الاستغناء عنه.