حذّر النائب في المجلس الشعبي الوطني عن الأفلان وأحد أعيان قبائل التوارق في تمنراست، محمود قمامة في حوار ل»صوت الأحرار« من تداعيات التدخل العسكري الذي تنادي به باريس في شمال مالي، مشدّدا بالقول »إن المستهدف من المؤامرة هو الجزائر لجرّ الجيش الوطني إلى المستنقع المالي لتفكيكه وإضعافه«. ودعا قمامة قادة قبائل التوارق في مالي إلى فتح الحوار مع السلطة في باماكو لتفادي حرب قال إن بدايتها في شمال مالي إلا أن نهايتها غير معروفة، وفي المقابل جددّ التأكيد على أن توارق الجزائر في خندق واحد مع السلطة ولا توجد مخاوف لتوريطهم في هذه الحرب أو دفعهم للتمرد. في ظل ما يجري شمال مالي ومع الحديث عن تدخل عسكري بقيادة فرنسا، كيف هو الوضع حاليا على حدودنا الجنوبية؟ الوضع حاليا هادئا لكن هذا لا يمنع من وجود مخاوف لدى المواطنين وطبول الحرب تقرع بالقرب منهم، ونحن كمسؤولين سياسيين قلقين لمعرفتنا خلفيات ما يجري في شمال مالي وليقيننا أن المستهدف الأساسي من التدخل العسكري الأجنبي هو الجزائر من خلال مؤامرة تحيك فرنسا خيوطها بحثا عن العودة مجددا إلى الجزائر بشكل أو بآخر، ماذا يوجد في شمال مالي ليستدعي كل هذا الاهتمام من فرنسا؟. وما يجري من حركات تمرد في مالي والتي تعود إلى الفترة التي سبقت استقلال الجزائر سببه بالأساس هو السياسة التي انتهجتها السلطة المالية مذ ذاك والقائمة على العنصرية بقمع وقتل سكان المنطقة من التوارق والعرب وإغفال الجانب التنموي لمنطقة الشمال لإفقار سكانها. ما موقف قبائل التوارق في الجزائر مما يجري في شمال مالي؟ بصفتي نائبا في المجلس الشعبي الوطني عن ولاية تمنراست وأحد أعيان المنطقة أحذر من الخطر المحدق فقد عشت في منطقة غاو التي كانت تحت قيادة المجاهد عبد القادر المالي أي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعمري لا يتجاوز 15 سنة أيام حرب التحرير ولا يمكنني اليوم الصمت أو تجاهل ما يجري في منطقة قدّمت الكثير للجزائر في مقاومتها للاستعمار الفرنسي، بل لا يمكنني السكوت وأنا أرى الاستعمار يزحف إليها بدعوى محاربة الإرهاب. نرفض التدخل العسكري الأجنبي في شمال مالي لأننا نعرف جيدا حقيقة المؤامرة والمستفيد منها والمستهدف أيضا فبعد ما حدث في العراق وفي أفغانستان وسوريا فإن القوة الوحيدة التي ما تزال متماسكة في المنطقة هي الجزائر والهدف هو جرّ الجيش الجزائري للمستنقع المالي لتفكيكه واستنزاف قوته وهو ما نرفضه كجزائريين فنحن أولا وأخيرا جزائريين ولا يوجد في الجزائر تمييز بين ترقي وغيره. التدخل العسكري الذي تريده باريس يحمل عنوان محاربة الإرهاب في شمال مالي، هل تعتقدون أن الخطر الإرهابي في شمال مالي حقيقي أم مبالغ فيه لتبرير التدخل العسكري؟ موقفنا من رفض التدخل العسكري الأجنبي في شمال مالي لا يحمل بأي شكل من الأشكال أية نوايا للدفاع عن الإرهاب أو الجماعات الإرهابية والجزائر أوّل من اكتوى بنار الإرهاب، ما يشجع الإرهاب في الواقع هو عمليات دفع الفدية لتحرير الرهائن وهو ما سبق للجزائر أن ندّدت به ورفضته بشكل صريح رغم وجود أبناء لها مختطفين وهم دبلوماسيين وليس سياح لأن بوابة الفدية إذا فتحت لا يمكن غلقها فضلا عن أن الفقر والحرمان الذي يعيشه سكان منطقة شمال مالي ساعد هذه الجماعات في تجنيدها للشباب. وأضيف هنا أن من يدفع الثمن من أي عمل عسكري في المنطقة هو الشعب البسيط في شمال مالي وليس الجماعات الإرهابية وهو ما يدفعنا إلى التحذير بشدة قبل فوات الأوان. قلتم إن المستهدف من العمل العسكري في شمال مالي هو بالأساس الجزائر، وموقف الجزائر معروف كما أنها ترفض إشراك الجيش الوطني الشعبي في أي تدخل عسكري خارج الحدود، هل تعتقدون فعلا بإمكانية جرّ الجزائر إلى هذه الحرب؟ بل إن الهدف الأساسي من تدخل الناتو في ليبيا هو استهداف الجزائر وإلا بماذا نفسر التغاضي خروج 250 سيارة مدرعة مدججة بالأسلحة من ليبيا وتوجهها إلى النيجر ثم مالي؟ ثمّ إن قبائل التوارق في شمال مالي لهم امتداد في الجزائر على غرار توارق تينزاواتين وعين صالح وأدرار وتمنراست، وحتما فإن أي عمل عسكري ضدهم سيسفر عنه بالضرورة فرار عناصر منهم إلى الجزائر ولن تتوانى القوات الأجنبية عن المطالبة بملاحقتهم داخل التراب الجزائري وهنا أجدّد القول إن المستهدف هو الجزائر وليس شمال مالي. ما تزال بعض الأصوات تطالب بالحوار قبل الذهاب إلى العمل العسكري، هل تعتقدون أن الفرصة ما تزال قائمة لتفادي هذه الحرب على حدودنا الجنوبية؟ بالتأكيد الفرصة ما تزال قائمة وهو ما نحاول دعوة أشقاءنا إليه في شمال مالي من توارق وعرب وأنا من هنا من هذا المنبر أوجه ندائي للأشقاء ولا سيما أياد آغ غالي وقادة قبائل ايفوغاس وآغنان وشمانا آغ ناس وأولات انتالة بأن يفوتوا الفرصة على أعدائهم وأعداء الجزائر بوحدة الصف بينهم أولا والمبادرة بالحوار مع السلطة المالية والجزائر لن تتأخر عن دعم هكذا مبادرة لتفادي الحرب لأن بداية أي حرب معروفة إلا أن نهايتها أبدا غير معروفة والجزائر لن تكون في مأمن مما سيجري. إذا تحدثنا عن قبائل التوارق في الجزائر، وبصفتكم أحد أعيان المنطقة هل هناك مخاوف من تداعيات ما قد يحدث على الجزائر، أي تورط توارق الجزائر في هذه الحرب؟ أبدا لا توجد مخاوف بهذا الخصوص توارق الجزائر الذين جاهدوا لتحرير الجزائر من المستعمر ودافعوا عن الوحدة الوطنية وقاوموا الإرهاب هم جزائريون قبل أن يكونوا توارق وهم إلى جانب السلطة ولا يمكنهم التحرك بعيدا عن مظلة الجيش الوطني الشعبي أو أن يفكروا في التمرد نحن جزء لا يتجزأ من الجزائر. كيف تعاطيتم مع قضية إعلان انفصال الشمال من قبل حركة تحرير أزواد؟ نحن لا نطالب بالتمسك بالانفصال لأن هناك قوانين وحدود مالي متعارف عليها في الأممالمتحدة لكننا في المقابل ندعو السلطة في باماكو إلى إشراك مواطني الشمال في الحكم وتنمية المنطقة وفتح حوار معهم وتوقيف التدخل الأجنبي. الأمن غير مستتب في المنطقة منذ أشهر وطبول الحرب تقرع منذ مدة، وهو ما دفع إلى نزوح كبير لمواطني شمال مالي إلى الجزائر، كيف هو الوضع الإنساني على الحدود الجنوبية للجزائرية وهل تتخوفون من نزوح جماعي في حال تنفيذ ضربات عسكرية في شمال مالي؟ النزوح بدأ بفعل الانشقاقات التي حدثت في قبائل التوارق المالية البعض منهم نزحوا إلى الجزائر وهم الآن في مخيمات في عين صالح وتينزاواتين والجزائر أحسنت استقبالهم والتكفل بهم لكن هذا لا يمنع من القول إن الحرب ستجرّ المنطقة إلى كارثة إنسانية وهو ما يثير مخاوف الجزائر.