يولد 8 أطفال من بين كل 1000 طفل حاملين تشوهات خلقية وراثية في القلب أو الشرايين أو إحدى وظائفهما ما يؤدي إلى اضطراب آليتها بدرجة خطورة متباينة، ومن بين أهم الاضطرابات يشار إلى العجز القلبي عند الطفل.وفي هذا السياق كشف الأستاذ بن تواتي المختص في أمراض القلب والجراحة لدى الأطفال، في لقاء خص به »صوت الأحرار« أن اضطرابات القلب والشرايين الجينية الموروثة، أي تلك الناجمة عن تشوه خلقي يحمله المولود الجديد منذ ولادته، تخص تحديدا 0 ,8 % أو 8 من ألف هذا ما كشفت عنه آخر دراسة أجريت طبعا منها من هو طفيف، ومنها من هو أخطر كما يطال بعضها الصبيان الذكور أكثر من البنات مثل ضيق الشرايين أو الشريان الأبهر وتعاكس الأوعية الكبرى أو بالعكس الإناث أكثر مثل اختلال تدفق الدم بين البطينين والأذينين في أي حال أيا كان والتشوه الخلقي الموروث، قد تقضي بعض الحالات إلى عجز القلب، وهذه حالة تخص نسبة معينة من ال0 ,8 % المذكورين تعني مجموع المواليد الجدد المبتلين بتشوهات خلقية تطال القلب أو الشرايين أو كليهما، وعجز القلب عن عدم قدرته على أداء وظيفته كمضخة دم بشكل تام. ¯ كيف يمكن معرفة إشارات المرض؟ ●قد تكون أعراض اضطراب القلب عند الوليد الجديد مباغتة وفورية، بعبارة أخرى واضحة بشكل لا يقبل الشك منذ البداية وقد تكون تدريجية في الأحوال كلها، يشكل عسر التنفس الإشارة الأكثر ذات المغزى، وفي البداية غالبا ما يكون عسر التنفس هذا منقطعا. ¯ هل لنا بشرح أوفى؟ ● بمعنى لا يحصل إلا في أوقات معينة لاسيما أثناء إرضاع الطفل أو تناوله بالرضاعة، أي »البيبرون« في تلك الأوقات يجد صعوبة في شفط الحليب ويتعب بسرعة إلى ذلك يكثر من التقيؤ لكن ينبغي التحذير من أن كثرة التقيؤ وهي حالة شائعة لا تشكل بالضرورة إحدى علامات عسر التنفس إنما تنجم في معظم الأحيان عن قصور هضمي نظرا لعدم اكتمال نمو الأنبوب الهضمي للطفل، لذا لا ينبغي القلق أكثر من اللازم في حال تقيؤ المولود الجديد، طبعا إلا إذ كان التقيؤ مصحوبا بأعراض تذكر بالعجز القلبي مثلما سنراها. وبسرعة ينتقل الطفل من حالة عسر التنفس إلى حالة تسارع التنفس، بحيث يصل إلى 70 حركة تنفسية في الدقيقة ومن المفارقات تسارع التنفس غير ظاهر إذ لا يؤدي إلى الشد على الأضلاع ولا اهتزاز أرنبتي الأنف، ولا أي من مظاهر صعوبة التنفس، وفي الأحوال كلها يخف تسارع التنفس عندما يكون الطفل في وضع عمودي، ويتفاقم حين تنويمه أو حمله بوضع أفقي. أما ال»زراق« أو ال»ازرقاق« (احتقان الدم) فيكون طفيفا جدا في تلك المرحلة وبالكاد مرئيا، وينبغي هنا تعريض الطفل لضوء النهار للتمكن من رؤيته وبخلافه يكون الشحوب واضحا بشكل جلي على أطراف الوجه والشفتين واللسان الى ذلك ثمة اضطرابات عصبية مردها قلة ورود الأكسجين إلى الدماغ من شأنها إثارة انتباه الوالدين ومنها قلق الطفل وتحركه بشكل عصبي وأحيانا إصابته بنوع من الشرود المشابه لفقدان الوعي المؤقت، في بعض الحالات يكح الطفل كحة خفيفة جدا ما قد يوقع المشخص في فخ الخطأ يجعله يظن أن الأمر مجرد حالة طفيفة من السعال الديكي. ¯ وماذا عن الفحص السريري؟ ● إذا ظهرت تلك العلامات أو بعضها مع بكاء الطفل ينبغي فحصه سريريا، وغالبا ما يتمخض الفحص عن اكتشاف حالة خفقان القلب بمعدل 160 إلى 200 نبضة في الدقيقة، وأحيانا استسقاء موضعي في الرئتين كما تنتفخ الكبد ما يؤدي الى آلام بسبب تجاوزها تجويفها وملامستها شبكة الأضلاع ومع تضخم الكبد، هناك حالات لتضخم الطحال أيضا فضلا عن تمدد الأوردة في الاطراف، وعموما فإن حالات ال»ترنل« الرؤوي (الارتشاح المصلي في الأنسجة الرخوة) موجودة دائما وتنجم عن الاستسقاء الموضعي، أو ال»وذمة« في الرئتين، لكن من الصعب تقدير شدتها مع طفل حديث الولادة أو رضيع. ومن جانب آخر تتيح الأشعة السينية الأمامية للقفص الصدري حساب نسبة حجم القلب بالقياس الى القفص الصدري بعبارة أخرى صورة القلب في أشد حالات توسعه بالقياس إلى القفص الصدري في أعلى درجات تمدده في الأحوال الاعتيادية، ينبغي أن يمثل عرض القلب زهاء 0 .50 إلى 0 .55 من عرض القفص الصدري الإجمالي أما في حال تجاوز النسبة 0 .60 فذلك مؤشر أكيد إلى وجود تضخم في القلب. ¯ ما هي أسباب ذلك؟ ● مثلما ذكرنا تشكل التشوهات الخلقية الموروثة العامل الأول لعجز قلب الطفل، لكن ثمة أسباب أخرى قد تنجم مباشرة عن التشوه الخلقي في حد ذاته وقد تبرز بشكل مستقل عن أي تشوه خلقي لاسيما خلال الشهور الأولى أو 6 من عمر الطفل ومنها ال»القلاب« (التهاب عضلة القلب) تضخم البطين الأيسر (الحالة الأكثر خطورة) ما يسمى داء »بومب« (pompe) أو قصور تخزين الفليكوجين - الفئة الثانية وهي حالة جينية موروثة إنما نادرة للغاية وبالغة الخطورة أيضا إذ غالبا ما تقضي إلى الوفاة خلال السنة الأولى من الحياة وينجم عنها اضطراب عمل عضلة القلب مصحوبا على الأكثر بتضخم الطحال، خفقات القلب الشديد فوق البطيني بعدد نبضات يتجاوز 200 نبضة في الدقيقة وهي حالة يتسبب فيها اضطراب التوصيل الكهربائي في قسم من الأنسجة العقدية البطينية بينما يظل طبيعيا في الأقسام المجاورة مايؤدي الى تخلخل فادح في التوازن وتظهر حالات هذا الداء بنسبة 35 خلال الأسابيع الثلاث الأولى من حياة الطفل، بينما تظهر 60 منها خلال الأربعة الاولى، وعلى العموم يمكن شفاء حالة خفقات القلب الشديد فوق البطيني نظرا لأنها تصيب قلبا سليما غير مصاب بتشوه خلقي فمرد الداء ميكانيكي بالأحرى كهربائي وينصب العلاج على حقن مادة ستربادين في الوريد ثم مادة ديفوكسين مع متابعة علاج خاص بالحبوب لمدة 12 شهرا تفاديا للانتكاس. وثمة حالات عجز قلبي متأتية من أمراض لا خص القلب نفسه ولا أي تشوه خلقي موروث فمثلا يمكن أن ينجم عجز قلب الطفل عن فقر الدم أو عن إصابة أوردة الجمجمة (نوع من القرحة) وحتى ارتفاع ضغط الدم وأحيانا التسمم بسبب فيتامين دي أو نقص الكالسيوم أو تصور تمثيله يمكن أن تشكل أسبابا للعجز القلبي عند الطفل. ¯ما هي النصيحة التي تقدمها؟ ●نظرا لتعدد أسباب العجز القلبي عند الرضيع سواء كانت لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتشوهات القلب والشرايين الخلقية الموروثة يتعين على طبيب الأطفال دراسة حالة كل طفل دراسة مستفيضة ومتشعبة من أجل تحديد أصل العلة? فتلك خطوة لا بد منها لتحديد نوعية العلاج، وغالبا ما يقوم العلاج على مركبات صيدلانية خاصة أولا عبر حقنها عن طريق الوريد ثم تناولها على شكل حبوب عن طريق الفم، وعلى الوالدين توخي بالغ الحذر طوال مدة العلاج المنزلي، فأي تجاوز للجرعات المطلوبة من شأنه أن يفضي إلى تسميم الطفل ومفاقمة الحالة، وأخيرا لابد من الاعتراف بأن نسبة الوفيات مثلما يشد عليه الأخصائيون أنفسهم تظل مع الأسف مرتفعة في حالات العجز القلبي عند الرضع الناجمة عن تشوهات خلقية قلبية موروثة.