لا أحد ينفي أن العالم المنتظر بدأ يتشكل وفقا لإرهافات وتطلعات وترتيبات يراها من حتميات وجوده ومن ضمانات تأمين مستقبله، وذلك عبر صيغ تذوب من أجل نجاعاتها لاختلافات إيديولوجية ومذهبية وحتى السياسية، وتتحد في نفق إقتصادي سواء إقليمي أو دولي. فالحديث جار ويبدو جادّاً في رغبة توسيع مجمع الثمانية الكبار (G8) إلى دول أخرى بدأ حضورها الاقتصادي يظهر للعيان ، سواء كانت النوايا تهدف إلى احتواء الدول التي فرضت وجودها في الساحة الدولية، بإحتوائها لأسواق عالمية كثيرة وسيطرتها على نشاطها الاقتصادي بما في ذلك أسواق الدول العظمى تلك التي بزغت شمس إنمائها ولحت ملامح إحكام قبضتها على سيادتها وعلى أسواقها بتسجيلها إكتفاء ذاتي، وتتطلع إلى إمكانيات تحقيق أهداف إضافية تؤهلها لأن تلتحق بركب التطور والازدهار، وبخاصة منها التي تعافت من جنون الإضطرابات الاجتماعية وتجاوزات خطوط الإضطرار إلى الغير، وارتقت إلى درجات الإستقرار وبروز معالم الثبات التنموي. وإذا ما صادقت النوايا التي ليس المقصود منها وضع شكيمة في مقدمة تقدّم هذه الدّول وجعل حجر عصرة أمام خطوات أقدام تطورها الذي صار أمر جليّا واضحا لاغبار على إمكانية إحداثه قفزة نوعية ليس على المستوى الوطني فحسب، إنما على المستوى الدولي. vvفالمقصود منها هو العمل على توسيع دائرة الثمانية الكبار بتعديلات هيكليّة تلحق الدول الناجحة في نموها واستقرارها بالكبار من أجل مضاعفة الجهد ورفع المقدرات، ومن تم إيجاد قدرة على حصر وضبط ما يمكن أن يقدمه عالم غني إلى عالم تعيس بعدل وإنصاف. إنه كلما زاد عدد الدول المؤهلة للمساعدة والقديرة على المنح كلما أضحت إمكانية الغوت والإعانة جدُّ ممكنة، وهذا هو عين الصّواب، وما ترنوا إليه بشرية يهمها كثيراً الوصول إلى عالم أكثر إنسانية وأكثر شعوراً بالمسؤولية الغذائية والأمنية لكل سكينته . ويُعطَفُ الحديث أعلاه المتعلق بتوسيع شبكة الثمانية الكبار على ما يبذل من جهد حول توسيع مجموعات العشرين، وفي هذا المجال أيضا، لا يغيب على الأذهان ما يبذل من جهد وما جار من محاولات لتوسيع تشكيلة مجلس الأمن التي وراثتها جُلُ الدول وراضية بها وعَملت من منطلقها عن طريق الإذعَان، حيث لم تتوفر لديها الفرصة بعد ليؤخذ برأيها وتصير شريكًا حيويًا مباشراً في تنشئة هذه التشكيلة أو توسيعاتها إلى مجموعة أخرى تحضى بعضوية دائمة فيه، والأسوة في كيان الاتحاد الأوروبي على اختلاف شرقه بغربه. أما العرب فإنّ وضعهم ما يزال متهريا يحتاج إلى مادة صلبة تكفي لأن تعيد تعبيد طريق عالمهم ليلتحق بعالم التكتلات هذا، أو أنه يقدر على إنشاء ما فيلات لها أو شبيهات من النوع الذي يؤدي إلى حتمية سماع صوت العرب وعدم نسيانه أو تناسيه في معادلات حسابات مستقبل من العيار الثقيل الذي يتجه إليه سلطان تفكير وتدبير عالم الناس هذا. ما جعلني أتناول هذا الموضوع في هذا الأسبوع بهذه المقاربة هو حضوري منذ سبعة أيام خلت في لقاء عربي إقليمي بالقاهرة ضمّ نشطاء من المجتمع المدني في كل من : الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، ومصر، ومنظمات دولية غير حكومية وخبراء في الهجرة. كان ذلك بدعوة مشتركة بين مكتب الأممالمتحدة المعني بمكافحة المخدرات و الإجرام، والمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان لمدارسة موضوع ( دور المجتمع المدني في مكافحة تهريب المهاجرين) . وإذا كانت الجزائر من خلال مُداخلة من بعض ممثليها من المجتمع المدني بدت في حالة صحية أحسن من غيرها، إلا أن ماقدم من عروض، وما دار من نقاش حول الإشكالية المطروحة غيَرُهُ الذي صادرَ في بيان لم يناقش من طرف الحاضرين ولم يصادقوا عليه، واكتُفي فقط بتلاواته، وكأن الأمر يتعلق بضرورة وجود وثيقة إثبات لميلاد الحدث ودفنه في محررة أعدت سلافا . لذلك فالسؤال المحير الذي يطرح نفسه بقوة هو أين العرب؟ من عالم يتكتل، وما يفتأ يعيد ترتيب بيته بما يوافق الزمن والمكان والمناخ، ونحن ما نزال ندان بتهجير البشر، وما وراء التهجير، ونشجع على توريد السلع وإلزاميات الزيادة في استيرادها ... يا ترى وبالمقارنة مع غيرنا أين الموقع من إعراب العالم الحديث؟ يا عرب ... !؟